البث المباشر

حديث: الزهد ثروة

السبت 2 نوفمبر 2019 - 11:52 بتوقيت طهران
حديث: الزهد ثروة

إذاعة طهران- نور وبلاغة: الحلقة 11

نص الحديث

قال الامام علي (عليه السلام)الزهد ثروة.

دلالة الحديث

العبارة المتقدمة كلمتان، ولكنهما تحفلان بدلالة من العمق والطرافة والحق بمكان كبير.
ان الزهد ـ كما نعرف ذلك جميعاً ـ هو: عدم الالتفات الى الزائد من الحاجة، اي هو: العزوف عن الدنيا وزخارفها ومتاعها العابر، وحتى ما يمكن عدم عده متاعاً (كما لو امتلك شخص ما، ما يزيد على حاجته)، يظل ـ في الواقع ـ ترفاً لاضرورة له الا في حالة استثماره للآخرين.
ومن الواضح ان الانسان غير الواعي بمبادئ الله تعالى يظل متشبثاً بمتاع الحياة الدنيا من مال واطعام وجنس و...، وهذا هو الحرص المنهى عنه يقابله الزهد بالمتاع العابر في الدنيا.
وفي ضوء هذه الحقيقة نتجه الى ما رسمه الامام علي عليه السلام من تقرير عبادي يتصل بالزهد، حيث رسمه في صورة تمثيلية، يحسن بنا ان نعرفها من الزاوية البلاغية لنتبين مدى تعبيرها الحي عن مفهوم (الزهد).

بلاغة الحديث

لقد عبر الامام (عليه السلام) عن الزهد بانه (ثروة).
والسؤال: الثروة هي المادة التي يحقق بها الانسان اشباع حاجاته (ليس الكفاف) بل الزائد على الحاجة، بصفة انها تعني (الغنى) مقابل الفقر، بيد ان المهم هو: الصورة التمثيلية التي رسمها الامام (عليه السلام) بالنسبة الى (الزهد) فجعله مماثلاً للغنى الذي هو تجاوز للفقر، وهذه هي الطرافة في الموضوع، فاذا كان (الغنى) هو المادة التي تحقق الاشباع وما فوقه، حينئذ فان الزهد الذي هو الحد الادنى من الاشباع يتقاطع مع الغنى، فكيف ـ اذن ـ جاءت الصورة التمثيلية صادقة كل الصدق؟
الجواب هو: ان الزاهد مادام لا يُعنى بما هو زائد على الضرورة، حينئذ فهذا يعني انه مكتف بهذا الاشباع، فاذا اكتفى بذلك اصبح مماثلاً لمن يملك الثروة من حيث ملاحظة كليهما من زاوية تحقق الاشباع، ان صاحب الثروة يستفيد منها بقدر حاجته، والزاهد بدوره يفيد من دنياه الزاهدة بقدر حاجته، بمعنى ان الثري والزاهد يحققان الاشباع من الطعام مثلاً، كل ما في الامر ان صاحب الثروة يخلف ما لا يحتاجه الى الورثة، والزاهد لا زائد لديه في هذا الميدان، وحينئذ يتماثلان في كونهما صاحبي ثروة بالنحو الذي اوضحناه.

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة