البث المباشر

كان السيد متحرراً من الاغلال -۲

الإثنين 14 أكتوبر 2019 - 15:30 بتوقيت طهران

اذاعة طهران – قصص من الحياة : الحلقة : 6

 

عرفنا في القسم الاول من هذه القصة ان احدهم وجد في قلبه تفاعلاً قوياً مع كلمة للسيد حسن المدرس رغم انه لم يره بل وقد ولد بعد استشهاد هذا السيد بسنين طويلة، هذا التاثر بكلمة السيد اثار استغراب الرجل لان السيد المدرس لم يعرف كواعظ بقدر اشتهاره كرجل سياسة كان له تاثير بالغ في مسار التاريخ السياسي الايراني في القرن المنصرم.
كانت موعظة السيد المدرس مختصرة نصها هو: "يجب أن تكون روح المرء متحررة من كل قيد وأسر فبذلك وحده يستطيع حفظ إنسانيته وحريته".
نقل الرجل هذه الموعظة لصديق له مقرونة بالسؤال عن سر تأثيرها في قلبه، فهزت الموعظة قلب الثاني أيضاً، فبينَّ له سمو الحقيقة التي تتضمنها ثم طفق يحدثه عن سر تأثيرها.
قال ان تاثير أي موعظة في القلوب رهين امرين الاول يرتبط بصاحب الموعظة والثاني بالمخاطب بها فاذا كان الواعظ متعظاً بما يعظ صدرت موعظته عن قلبه وليس عن لسانه وعندها تنفذ الى قلب الآخرين وليس الى عقولهم وحسب، ولذلك نرى ان بعض مواعظ الصالحين اكثر تأثيراً في قلب العباد من بعضها الاخر والسر هو انهم كانوا اشد عملاً واتعاظاً بالبعض الاول دون بعضها الثاني، ولذلك كانت جميع مواعظ ائمة اهل البيت عليهم السلام وسيدهم الرسول الخاتم صلى الله عليه واله والانبياء مؤثرة بالغة لانها صادرة عن اناس كاملين سبقوا الاخرين الى العمل بها قبل ان يعظوا الناس بها ولذلك ايضاً كان كل كلامهم نوراً.
حدث صاحبه عن هذه الحقيقة ثم عرج على مقام السيد المدرس صاحب الموعظة التي تاثر بها فنقل له بعض مواقفه التي تكشف عن شدة التزامه بهذه الموعظة وكان صاحبه يصغي لحديثه بتأثر بالغ قال: كان السيد المدرس رحمه الله متحرراً من الاغلال ولذلك كان يسهل عليه القيام بما يراه واجباً فيه رضا معبوده تبارك وتعالى مهما كانت التبعات، جاءه يوماً احد اعوان رضا خان الذي كان يملك يومئذ كل اسباب القوة وهو يحمل اليه مبلغاً كبيراً من المال عشرة الأف تومان وهو ما لم يكن يحلم به الكثيرون يومذاك وقدمه له هدية ليسكت فاجابه السيد: ضع المبلغ هنا واذهب الى سيدك رضا خان وقل له ان المدرس سينفق آخر دينار من هذا المبلغ للقضاء عليك فان رضي بذلك فحسن والا فتعال وخذ المال من حيث وضعته!! وبالطبع اخذ الرجل المال فوراً وذهب يائساً من استعباد هذا السيد لانه كان حراً من كل قيد وغل ولذلك لا يعبد الا الله تعالى.
وسأله صاحبه عن الامر الثاني في سر التأثر بالموعظة الصادقة والمرتبط بالمخاطب بها فاجاب: الامر الثاني ان للمواعظ اهل فهي تنفذ للقلب المستعد لاستقبالها وسأله ثانية ما الذي يجعل القلب مستعداً للاتعاظ فاجاب: انه التطهر تطهير القلب بالاعمال الصالحة والانفاق في سبيل الله من انجع الوسائل في التطهير وفي استقبال المواعظ الالهية، اما سمعت بقاعدة "قدموا بين يدي نجواكم صدقة" سرح ذهن صاحبه فيما جرى قبل ايام قبل ان يقرأ موعظة السيد المدرس كان قد قدم قبل ذلك معونة لصديق له عصرته الحاجة ولم يخبر احداً بذلك ولم يخبر صاحبه ايضاً بذلك فان اصدق الصدقة ما كانت في الخفاء فاكتفى بشكر قلبي لله تعالى على ما أراه سريعاً من ثمرة جليلة لما انفقه في سبيل الله.
اجل وهنا يكمن سر تأثير المواعظ الصادقة في قلوب البعض وعدم تأثيرها في قلوب آخرين رغم ان اصحاب هذه المواعظ هم خير الواعظين.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة