السلام عليكم أيها الأحبة ورحمة الله وبركاته.. على بركة الله نلتقيكم في حلقة أخرى من هذا البرنامج نستنير فيها ببعض ما ذكرته أحاديث أهل بيت النبوة المحمدية – عليهم السلام – في الهداية إلى أحد أكرم الأخلاق الإلهية التي يحبها الله عزوجل وهو خلق (مداراة الناس).
ومعنى هذا الخلق كما أشرنا في الحلقة السابقة هو التعامل باللطف والمجاملة واللين مع الناس ومراعاة أحوالهم وأفهامهم وتحمل الجفاء منهم لكي لا ينفروا عن الحق أو لكي ينجذبوا إليه أو لكي يدفع المؤمن شرورهم عنه. ولذلك فنحن مأمورون – أيها الأعزاء – بالتحلي بهذا الخلق في تعاملنا مع جميع الناس من المؤمنين وغيرهم بل وحتى مع الأعداء.. نقرأ لكم أيها الأحبة طائفة من الأحاديث الشريفة في هذا الباب فتابعونا مشكورين.
روي في كتاب الكافي عن رسول الله – صلى الله عليه وآله – قال "ثلاث من لم يكن فيه لم يتم له عمل: ورع يحجزه عن معاصي الله وخلق يداري به الناس وحلم يرد به جهل الجاهل".
ومعنى (لا يتم له عمل) هو أن الإنسان لا يحصل على ما يرجوه من ثمار أعماله الصالحة إذا لم يتحل بهذه الخصال الثلاث.
وفي المقابل فإن التحلي بخلق مداراة الناس ضمن رعاية الحدود الشرعية سبب لتزكية الأعمال والفوز والنجاة. ففي كتاب تفسير الإمام الحسن العسكري قال الإمام – عليه السلام –: "ما من عبد ولا أمة، دارى عباد الله بأحسن المداراة، ولم يدخل بها في باطل ولم يخرج بها من حق – أي مع حفظ الضوابط الشرعية – إلا جعل الله نفسه تسبيحا وزكى أعماله وأعطاه لصبره على كتمان سرنا واحتمال الغيظ لما يحتمله من أعدائنا ثواب المتشحط بدمه في سبيل الله".
مستمعينا الأفاضل، وتأمرنا الأحاديث الشريفة بمداراة الناس حتى المخالفين منهم عسى أن تكون وسيلة لإيصال خير الهداية إليهم أو دفع شرورهم عن المؤمنين، فقد روي عن مولانا الصادق _عليه السلام_ في تفسير قوله عزوجل "وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً"، قال _عليه السلام_: "أي للناس كلهم مؤمنهم ومخالفهم، أما المؤمنون فيبسط لهم وجهه وأما المخالفون فيكلمهم بالمداراة لاجتذابهم إلى الإيمان، فإنه بأيسر من ذلك يكف شرورهم عن نفسه وعن إخوانه المؤمنين".
وفي الكافي روى ثقة الإسلام الكليني عن الإمام الصادق _عليه السلام_ قال: قال رسول الله _صلى الله عليه وآله_: "مداراة الناس نصف الإيمان والرفق بهم نصف العيش"، ثم قال الصادق _عليه السلام_: "خالطوا الأبرار سرا وخالطوا الأبرار جهارا ولا تميلوا عليهم فيظلموكم، فإنه سيأتي زمان لا ينجوفيه من ذوي الدين إلا من ظنوا أنه أبله وصبر نفسه على أن يقال له: إنه أبله لا عقل له".
أيها الإخوة والأخوات، والعمل بخلق مداراة الناس وسيلة حكيمة لدفع الأذى وإزالة الضغائن والسلامة من المكائد..نقرأ من كتاب عيون الحكم والمواعظ للواسطي وغرر الحكم للآمدي الكلمات التالية لمولانا أميرالمؤمنين _عليه السلام_ قال: "ليس الحكيم من لم يدار من لا يجد بدا من مداراته"، وقال (مداراة الرجال من أفضل الأعمال"، وقال _عليه السلام_ "دار الناس تستمتع بإخائهم وألقهم بالبشر تمت أضغانهم" وقال _عليه السلام_ "دار الناس تأمن غوائلهم وتسلم من مكائدهم" وأخيرا قال عليه السلام (من دارى أضداده أمن المحارب".
إنتهى أحبائنا مستمعي إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في إيران لقاء اليوم من برنامجكم معالي الأخلاق شكرا لكم وفي أمان الله.