البث المباشر

علي (ع) في الآية (إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ)

السبت 28 سبتمبر 2019 - 09:52 بتوقيت طهران

اذاعة طهران - برنامج : علي(ع) في القرآن- الحلقة : 34

 

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الاول قبل الانشاء والاحياء، والآخر بعد فناء الاشياء، وأسمى صلواته على سيد الانبياء، وعلى آله الامناء، السلام عليكم اخوتنا وأعزتنا المؤمنين الافاضل ورحمة الله وبركاته، في سورة الرعد آية لها مقاصد ذات اهمية خاصة، تتعلق بالفرد وبالمجتمع معاً وبحياة رسول الله صلى الله عليه وآله وبعد وفاته، وبشؤون العقيدة والشريعة، وبأمور الدنيا والآخرة، تلك هي قوله تبارك وتعالى مخاطباً نبيه الاكرم صلى الله عليه وآله وسلم: "إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ" (سورة الرعد الآية: ۷). وقد وقف علماء التفسير والحديث والتاريخ والعقيدة عند هذه الآية الشريفة، ما بين تبيين وشرح وتحليل واستدلال، وهم يردفونها بعشرات الروايات وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وآله. من ذلك ما رواه الحافظ أبو نعيم في (النور المشتعل) عن سعيد بن جبير أن ابن عباس قال: لما نزلت الآية : "إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ" أومى النبي صلى الله عليه وآله الى منكب علي فقال له: أنت الهادي يا علي، بك يهتدي المهتدون من بعدي. وفي رواية اخرى ان ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أنا المنذر وعلي الهاديّ.. يا عليّ، بك يهتدي المهتدون. روى ذلك ايضاً: ابن جرير الطبري في (جامع البيان)، والفخر الرازيّ في (التفسير الكبير) وفيها: وضع رسول الله صلى الله عليه وآله يده على صدره فقال أنا المنذر، ولكل قوم هاد- وأوما بيده الى مكتب علي عليه السلام.
وفي رواية السيوطيّ الشافعي في (الدر المنثور): ثم وضع يده على صدر عليّ وقال: لكل قوم هاد. وقريباً من ذلك ما رواه المتقيّ الهنديّ في (كنز العمال)، والحسكانيّ الحنفيّ في (شواهد التنزيل)، والنطنزيّ في (خصائص الوحي المبين)، والحمويّ الجوينيّ الشافعيّ في (فرائد السمطين)، وابن حجر في (لسان الميزان)، وابن عساكر الدمشقي الشافعي في ترجمة الامام علي بن ابي طالب من (تاريخ مدينة دمشق) والثعلبيّ في تفسيره (الكشف والبيان)، وغيرهم كثير.
والى جانب الرواية المشهورة التي ذكرناها ايها الاخوة الاكارم، يروي البعض عن الامام علي عليه السلام أنه قال: رسول الله صلى الله عليه وآله، المنذر والهادي رجل من بني هاشم. وهي من الروايات الضعيفة، وعلى فرض صحتها يمكن تأويلها بأمير المؤمنين علي عليه السلام حيث لم يذكر اسمه تواضعاً، ان صح الخبر او لسبب آخر لا نعلمه، كذلك لا يناسب الآية شخص غير الامام عليّ سلام الله عليه، حيث هو الاولى بذلك والاخص والانسب، والروايات التي تصرح باسمه تؤيد ذلك وترجحه، من ذلك ما كتبه الحبريّ في تفسيره قول ابن عباس في ظل الآية: "وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ" ، علي عليه السلام. وما رواه أبو حيان الاندلسي في (البحر المحيط) عن ابن عباس أيضاً عن رسول الله صلى الله عليه وآله، ثم أضاف قائلاً: قال القشيريّ: نزلت الآية في النبي صلى الله عليه وآله وعلي بن ابي طالب. كذلك كتب ابن كثير في (تفسير القرآن العظيم): قال الجنيد في ظل قوله تعالى: "وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ" هو علي بن ابي طالب. كذلك كتب الآلوسي في تفسيره (روح المعاني) قالت الشيعة: ان الهادي (في الآية) عليّ كرم الله وجهه، ورووا في ذلك اخباراً. وذكر ذلك القشيري وهو مسلم في صحيحه، وأخرج ابن جرير الطبريّ وابن مردوديه والديلميّ وابن عساكر عن ابن عباس قوله: لما نزلت الآية وضع رسول الله يده على صدره فقال: (أنا المنذر)، ثم أومأ بيده الى منكب عليّ كرم الله تعالى وجهه فقال: أنت الهادي يا علي، بك يهتدي المهتدون من بعدي. وأضاف الآلوسي: وفي لفظ عن علي كرم الله وجهه انه قال في الآية: رسول الله صلى الله عليه وآله المنذر، وأنا الهادي. وفي لفظ: والهادي رجل من بني هاشم يعني نفسه.
أجل واخرج الحاكم النيسابوري الشافعي في (المستدرك على الصحيحين) عن الامام علي عليه السلام أيضاً قوله: رسول الله المنذر، وأنا الهادي، ثم قال الحاكم: هذا حديث صحيح الاسناد. وأخرج الجوينيّ الشافعيّ باسناده عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وآله قوله: أنا المنذر، وأنت الهادي يا علي، بك يهتدي المهتدون من بعدي. وكذا الشبلنجي الشافعي في (نور الابصار)، والقندوزي الحنفي في (ينابيع المودة)، والهيثميّ في (مجمع الزوائد) والديلميّ في (فردوس الاخبار)، وعدد آخر من علماء السنة، فضلاً عن إجماع المفسرين والمحدثين من علماء الشيعة، كذا روى ذلك أحمد بن حنبل في (مسنده)، فكانت الرواية متواترة مشهورة لا يناقش فيها، فدخلت في المسلمات من الاحتجاجات، حتى وردت في القصائد والاشعار، من ذلك قول ابن حسام مخاطباً:

انما انت منذر لعباد

وعليّ لكل قوم هاد


وأخيراً ايها الاخوة الاحبة، نقف على هذه الاستدلالات الخطيرة، وهي اولاً: ان الآية والرواية معاً صريحة في ضرورة الامام بعد النبي، وانه لابد ان يكون معصوماً ليصح أن يكون هادياً قيماً على الدين، مستحفظاً لسنن المرسلين، ولم يكن يومها أليق من علي أمير المؤمنين. ثانياً: جاءت الروايات المفسرة لقوله تعالى: (ولكل قوم هاد) صريحة في الامام علي سلام الله عليه، لتوضح المصداق الاكمل لمن ينبغي أن يكون هادياً بعد المنذر رسول الله صلى الله عليه وآله، وقد تناقل تلك الروايات مشاهير الصحابة وائمة الحديث، وثبتها عيون كتب المسلمين على اختلاف مذاهبهم إجماعاً وتواتراً وشهرة، كون المراد بالهادي علياً أمير المؤمنين صلوات الله عليه وعلى ابنائه الائمة الميامين. ثالثاً: ان الآية تدل على احتياج الامة الى الهادي، فالدين لا يكمل بالانذار الذي يوجب تأسيس الاساس، فلا بدّ من وجود القيم الحافظ، كما لابدّ من الاعتقاد به وموالاته ومتابعته وطاعته، تصديقاً لكتاب الله، ولحديث رسول الله.
روى الحسكاني في (شواهد التنزيل) أن الزرقاء الكوفية أخرجت مزعجة الى معاوية، فسألها ما تقولين في عليّ؟ فأنشأت تقول:

صلى الاله على قبر تضمنه

نوراً، فأصبح فيه العدل مدفوناً

من حالف العدل والايمان مقترناً

قصار بالعدل والايمان مقرونا


فقال لها معاوية: كيف غررت فيه هذه الغريرة؟ فقالت: سمعت الله يقول في كتابه لنبيه: "إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ" ، فالمنذر رسول الله، والهادي عليّ ولي الله.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة