البث المباشر

مختارات من روائع بلاغات النساء لابن طيفور

الإثنين 23 سبتمبر 2019 - 09:00 بتوقيت طهران
مختارات من روائع بلاغات النساء لابن طيفور

اذاعة طهران - برنامج : عبارات و اشارات - فقرة : مختارات من روائع بلاغات النساء لابن طيفور

 

من النوادر الاخرى التي يرويها لنا ابن طيفور الخراساني في كتابه (بلاغات النساء) نادرة عن احدى النساء اللواتي عُرِفْنَ بفصاحتهنّ، وبلاغتهن وهي (ولاّدةُ العبديّة)، وكانت من اعقل النساء، واقدرهنّ على تصريف وجوه الكلام، والاتيان به من احسن الوجوه كما يشهد لنا بذلك الخبر التالي الذي رواه ابن طيفور عن عبد الله بن احمد بن حرب قائلا:
(قلتُ لولاّدة العبديّة: اني اريد الحجّ فأوْصيني؟
قالت: أأُوجِزُ فأُبلغ أم اطيلُ فأُحْكِم؟ 
قالت: بما شئت. 
فقالت: جُدْ تسُدْ، واصبرْ تَفُزْ. 
قلت ايضاً: قالت: لايتعدّ غضبك حلمَك، ولا هواك علْمَك، وقِ دينك بدُنياك، وفِرْ عِرْضَك بعَرَضِك، وتفضّلْ تُخْدَمْ، واحلُمْ تُقّدم. 
قلت: فمَنْ استعينُ؟ 
قالت: الله. 
قلتُ: مِنَ الناس؟ 
قالت: الجَلِدُ النشيط، والناصحُ الامين. 
قلت: فمَنْ استشير؟ 
قالت: المجرّب الكيّس أو الاديب ولو الصغير. 
قلت: فمن استصحبُ؟ 
قالت: الصديق المُلمّ، او المُداجي المتكرّم. 
ثم قالت: يا ابناه، انك تَفِدْ الى مَلكِ الملوك، فانظر كيف يكون مقامُك بين يديه؟).
ومن طريف وبليغ ماوُصِفَ به رسول الله صلى الله عليه وآله على لسان النساء المعروفات بالفصاحة والبلاغة، الوصف الذي نطقت به عاتكة بنت خالد المعروفة بـ (أمّ معبد الخزاعيّة) عندما سألها زوجها ان تصف له رسول الله صلى الله عليه وآله فقالت وقد اصابت في وصفها، وابلغت في بيانها، واستوعبت في وصفها ذاك شمائله الجسدية والاخلاقية كليهما، فقدّمت لنا بذلك صورة دقيقة عنه صلى الله عليه وآله:
(رأيت رجلاً ظاهر الوضَاءة، أبلج الوجه، حَسَنَ الخُلُق، وسيماً قسيماً، في عينيه دَعْجٌ، وفي عُنقه سطْعُ، وفي لحيته كثاثة، أحور أكحل ازجّ أقرن، ان صمت فعليه الوقار، وان تكلم سما وعلاه البَها، فهو اجمل الناس، وأبهاه من بعيد، وأحلاه واحسنه من قريب، حلو المنطق، كأنّ منطقه خرزات نظم يتحدّرن، له رفقاء يحفّون به، ان قال انصتوا لقوله، وان أمر تبادروا الى أمْره...) .
ومن فصيح وبليغ ما روي عن بعض النساء من الشعر قول امّ حكيم بنت قارظ أمرأة عبيد الله بن عباس في رثاء ابنيها بعد ان قتلهما بُسْر بن ارطأة قائد جيش معاوية الى المدينة:

يا من أحَسَّ (1) ابنيّ اللّذين هما

كالدّرتين تشظى عنهما الصدف

يا من احسّ ابنيّ اللذّين هما

مخّ العظام فمخّي اليوم مزدهف

نبّئت بسراً وما صدقت ما زعموا

من قولهم ومن الافك الذي اقترفوا

انحى على وَدَجْي ابنيّ مرهفةً

مشحوذةً ونداك الاثم يقترفُ

مَنْ دلّ والهة حرّى مسلبة

على صبيّين: هل أرداهما التلفُ؟!

*******

(1) احسّ: استأصل.
ومن طريف ما يرويه لنا ابن طيفور الخراساني في كتابه بلاغات النساء من اشعار النساء قول امرأة من حمِيْر ترثي اخوتها علماً ان فن الرثاء هو من جملة الفنون التي ابدعت فيها النساء، واجَدْن:

اخوتي من صَعْقةٍ همدوا

همدوا لمّا انقضى الآمَدُ

ما أمرَّ العيشَ بعدهم

كلُّ عيشٍ بَعْدهم نَكَدُ

وَرَدوا والله ما كَرِهوا

وعلى آثارِهم نَرِدُ

وقالت خالدة بنت هاشم بن عبد مناف تراثي اباها هاشماً جدّ النبي صلى الله عليه وآله، وأصل الأرومة النبوية، والدوحة العلويّة، السيد البُهلول الذي عُرف بكرمه وسخائه، واشتهر بسيادته وشرفه، المنحدر من الارحام المطهرة والاصلاب الشامخة:

بكتْ عيني وحقّ لها بكاها

وعاودها اذا تمسي قذاها

أبكي خير من ركب المطايا

ومن لبس النعال ومن حذاها

ابكي هاشماً وبني أبيه

فَعِيلَ الصبرُ اذ منعت كراها

وكنتُ غداة اذكرهم أراها

شديداً سقمها بادٍ جواها

فلو كانت نفوسُ القومِ تفدى

فديتُهم وحقَّ لها فِداها

ومن طريف ماورد في الرثاء ايضا ما يرويه لنا ابن طيفور في بلاغاته عن امرأة انشدت ترثي اخاها، وزوجها، وابنها قائلة:

أفْرَدَني ممّن احبُّ الدَّهْرُ

مِن سادةٍ بِهِمُ يتمّ الأمرُ

ثلاثةٍ مثل النجومِ زُهْرِ

فان جزعتُ انّه لَعُذْرُ

وان صبرتُ لايخيبُ الصَّبْرُ

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة