البث المباشر

شرح فقرة: اللهم: وما قصرت عنه مسألتي وعجزت عنه قوتي

السبت 14 سبتمبر 2019 - 08:07 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " اللهم: وما قصرت عنه مسألتي وعجزت عنه قوتي " من دعاء عالي المضامين.

 

لا نزال نحدثك عن الادعية المباركة ومنها الدعاء الخاص بقراءته بعد زيارة الجامعة للائمة عليهم السلام، وقد حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه وانتهينا من ذلك الى مقطع ورد فيه (اللهم وما قصرت عنه مسألتي وعجزت عنه قوتي، ولم تبلغه فطنتي من صالح ديني ودنياي وآخرتي، فامنن به علي).
ان هذا المقطع هو امتداد لمقاطع سابقة تتوسل بالله تعالى بان يقضي لقارئ الدعاء مختلف حاجاته، وقد عقب عليها بجملة آداب تتصل بالدعاء واساليبه، والمتعامل مع الله تعالى وامكانات عبده المحدودة، حيث حفل هذا المقطع بنكات متنوعة من المعرفة فيما يتعين علينا ملاحظتها والافادة منها في معرفة سلوكنا، اذن لنتحدث عن هذه الجوانب ...
ان قارئ الدعاء ومطلق المؤمنين عندما يواجهون مختلف حاجاتهم دنيوية واخروية لا يخلون من حالات ثلاث، هي كما اوردها الدعاء الذي نتحدث عنه فطنة او ذكاء الانسان قدراته المحدودة توسله بالله تعالى.
طبيعياً الذكاء يلعب دوره في حل المشكلة التي يعاني منها العبد وكذلك ما يمتلكه من قوى محدودة جسمية او نفسية ونحوهما، ولكن في النهاية يظل العبد اما محدوداً بحجم قدراته العقلية والبدنية واما يبقى عاجزاً حتى من ذلك حينئذ فان النتيجة هي ان يفقه بان حاجات الانسان هي بيد الله تعالى بنحو مطلق، كل ما في الامر انه تعالى يوظف لعبده قوى متنوعة لمساعدته في حل مشكلاته، من هنا اتجه مقطع الدعاء الى عرض هذه الحالات الثلاث، وانتخب ـ بطبيعة الحال ـ الحالة الثالثة وهي ان يكل اموره جميعاً الى الله تعالى، وهذا هو المفروض بطبيعة الحال.
والان بعد ان يتجه قارئ الدعاء الى الله تعالى لحل مشكلاته يتعين علينا ان نعرف الاسلوب الذي اتبعه الدعاء في عرض الحالة، فما هو هذا الاسلوب؟
الاسلوب اولاً هو عبارة (فامنن به عليَّ) اي يطلب قارئ الدعاء من الله تعالى ان يمن عليه والمنة من الله تعالى هي اشباع لحاجات العبد كاملاً بطبيعة الحال، ثانياً يقول الدعاء واحفظني، ثالثاً يقول الدعاء واحرسني، رابعاً يقول الدعاء وهب لي واغفر لي، ثم يتابع مقطع الدعاء عرض توسلاته الاخرى فيما سنحدثك عنها بعد ان شاء الله تعالى.
اما الان فيتعين علينا ان نعرض ـ لو سريعاً ـ لهذه الحالات اي التوسل بالله تعالى بان يحفظ قارئ الدعاء ويحرسه ويهب له ويغفر له، بعد ان طلب في البداية ان يمن الله تعالى عليه بما طلبه من الحاجات.
لقد طلب قارئ الدعاء او توسل بالله تعالى ان يحفظه ويحرسه فما هو الفارق بين الحفظ والحراسة؟ 
الحفظ هو بقاء العبد بنحو عام بمنأى من الاذى، واما الحراسة فهي استمرارية الحفظ من خلال العناية به طول عمره بحيث لا يناله الاذى قط، وهذا يعني ان رعايته لعبده تظل في ارفع ما يتصوره العبد ويطمح اليه.
اخيراً يبقى ان نحدثك عن الحالة الاخيرة وهي ان يهب لعبده ويغفر له، هنا قد يتساءل احدنا فيقول الحاجات الى طلبها العبد عندما يقضيها الله تعالى من خلال حفظه وحراسته لعبده، تعني الاشباع لكل الحاجات فلماذا توجه الدعاء بطلب المغفرة وان يهب لعبده؟ 
الجواب: ان الحاجات جميعاً مهما بلغ شأنها، فان رضاه تعالى يظل هو اسمى الحاجات والا ما فائدة ان تقضى حاجات العبد دنيوياً وحتى اخروياً اذا كان ذلك مجرد نجاته من الاذى؟ ان العبد الحق هو من يطلب رضاه تعالى اولاً ثم تخليصه من الشدائد وهذا من الوضوح بمكان كبير.
اللهم نسألك بان تمنحنا رضاك وان تقينا من الشدائد بحق محمد وآله الطاهرين. ختاماً نسأله تعالى ان يوفقنا الى ممارسة الطاعة والتصاعد بها الى النحو المطلوب.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة