البث المباشر

شرح فقرة: "وترزقني مالاً كثيراً واسعاً سائغاً

الأربعاء 11 سبتمبر 2019 - 10:21 بتوقيت طهران
شرح فقرة: "وترزقني مالاً كثيراً واسعاً سائغاً

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " وترزقني مالاً كثيراً واسعاً سائغاً " من دعاء عالي المضامين.

نتابع حديثنا عن الادعية المباركة ومنها الدعاء الموسوم بـ"عالي المضامين" أي المضمونات او الدلالات المعنوية التي يستنبطها الدعاء، وهو خاص بقراءته بعد زيارة الجامعة للائمة عليهم السلام ونعني بها الجامعة الكبيرة وقد حدثناك عن مقاطع متسلسلة منها وانتهينا من ذلك الى مقطع ورد فيه "وترزقني مالاً كثيراً واسعاً سائغاً هنيئاً نامياً وفياً".
ان هذا المقطع يتضمن جملة محاور منها المحور المرتبط بالرزق او المال ونحسبك متسائلاً بحق عن مغزى هذه السمات التي ذكرها المقطع بالنسبة الى المال حيث يطلب الدعاء مالاً كثيراً واسعاً سائغاً هنيئاً نامياً وافياً هذه مواصفات ست للكمال.
مع ان واحدة او اثنتين كالسعة والحلال كافيتان لطلب المال فما هو سر ذلك؟ هذا ما يحتاج الى مزيد من التوضيح.
ان المال هو وسيلة لتأمين وسائل العيش من هنا يكتسب اهمية كبيرة ولكن بما ان الله تعالى ضمن للجميع ارزاقهم حينئذ لا ضرورة البتة لقلق الشخصية وخوفها من عدم حصول المال، المهم ان الدعاء يأخذ مستويات الناس المتفاوتة بنظر الاعتبار: 
اولاً: وينظر الى اهمية المال. 
ثانياً: والى توفيره بنحو افضل. 
ثالثاً: مع تأكيده بان الكفاف أي المال بقدر الحاجة هو المعيار الاسلامي في المقابل مع الظاهرة ومع التاكيد في الآن ذاته بان المال يظل وسيلة لا غاية كما هو واضح.
وفي ضوء هذه الحقائق نتقدم الى الانماط الستة التي طلبها الدعاء بالنسبة الى حجم المال واولها هو المال الكثير والسؤال الآن هو اذا كان الكفاف في الاستهلال هو المعيار فلماذا يطلب الدعاء المال الكثير؟
الجواب هو: ان المال الكثير لا يتعارض مع الكفاف لسبب واضح هو بمقدورك ان تستخدم المال بقدر حاجتك ولكن تنفق الفائض منه حيث تحث الشريعة على توظيف المال في الانفاق على الاخرين وفي ممارسة المزيد من الاعمال العبادية كالحج مثلاً وسواه يضاف الى ذلك ان كثرة المال تجعل الشخصية مطمئنة متوازنة لا ينتابها القلق من الحاجة مستقبلاً او الحاجات الطارئة كالحاجة الى التطبيب مثلاً او السفر الضروري ونحو ذلك.
النمط الثاني: من انماط المال الذي طلبه الدعاء هو ان يكون واسعاً والسؤال المهم جداً هو ما هو الفارق بين المال الكثير والمال الواسع؟ أليس احدهما هو نفس الآخر؟ كلا، ان المال الكثير يختلف عن المال الواسع بصفة ان الكثرة قد تتناسب مع حاجات الشخصية أي ان بعض الاشخاص ممن يمتلك عائلة كبيرة او ممن يتعامل مع المال من خلال موقعه الاجتماعي او ما يسمى الشأنية كل ذلك يجعل كثير المال ليس زائداً بل يتناسب مع الحاجة وهذا بعكس المال الواسع لان الواسع هو ما يحتل مسافة واسعة كالصحراء مثلاً حيث ان سعتها تمتد الى مسافات بعيدة والامر كذلك بالنسبة الى المال الواسع حيث ان سعة المال تعني اكثر من الكثرة او الزائد على الحاجة بحيث يستثمره الشخص في مجالات مندوبة متنوعة بالاضافة الى كونه يحقق توازن الشخصية وطمأنتها طيلة حياته.
النمط الثالث: من المال هو ان يكون سائغاً أي سهل الحصول وليس عسيره حيث نعرف ان المال قد يحصل مشفوعاً بالتعب والشدائد وقد يسهل حصوله كما هو واضح وهذا فيما يتصل بكون المال سائغاً ولكن يبقى نمطان هما ان يكون المال هنيئاً وان يكون نامياً فما تعني الصفتان المذكورتان؟ الجواب الهنئ من الرزق هو الرزق الحاصل ليس بالطريقة الميسرة فحسب بل بالطريقة المقترنة بما هو مسر ومفرح ومحقق للذة المطلوبة، اما كون المال نامياً فلا يحتاج الى توضيح بصفة ان المال النامي يعني انه لا نفاد له بل يبقى متدفقاً مستمراً طيلة الحياة.
اخيراً نواجه صفة اخرى هي ان يكون المال وافياً فماذا تعني هذه الكلمة؟ 
من البين ان الوافي يعني انه يفي بجميع حاجات استهلاكهم للحاجة حينئذ فمن الممكن ان يكون لانسان ما مال واسع ونام وكثير ولكن مع ذلك لا يفي بحاجاته كما لو كان ذا موقع اجتماعي كبير يتطلب انفاقاً ضخماً على سبيل المثال.
اذن ان كلا من اوصاف المال وهي الكثير الواسع السائغ الهنيء النامي الوافي يظل كل نمط منها مجسداً لحاجات متفاوتة بتفاوت مواقع الشخصيات ومراكزهم وادوارهم الفردية والاجتماعية بالنحو الذي اوضحناه.
ختاماً نسأل الله تعالى ان يرزقنا حسن العاقبة واستخدام المال في ممارسة الطاعة والتصاعد بها الى النحو المطلوب.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة