البث المباشر

شرح فقرة: يا من هو بكل شيء عليم

الأحد 11 أغسطس 2019 - 08:56 بتوقيت طهران
شرح فقرة: يا من هو بكل شيء عليم

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " يا من هو بكل شيء عليم " من دعاء الجوشن الكبير.

 

لا نزال نحدثك عن الادعية المباركة، ومنها: الدعاء الموسوم بـ (الجوشن الكبير)، حيث حدّثناك عن مقاطع متسلسلة منه، وانتهينا من ذلك الى مقطع ورد فيه ما يأتي: (يا من هو بكلّ شيء عليم، يا من هو بمن عصاه حليم، يا من هو بمن رجاه كريم) والآن لنتحدث عن عبارة: (يا من هو بكل شيء عليم)، فماذا نستلهم منها؟
قارئ الدعاء قد يتصور سهولة ووضوح هذه العبارة، وهو صحيح، إلاّ ان النكات الكامنة وراء ذلك تحتاج الى توضيح دون ادنى شك.
ولعل ما يتبادر الى الذهن هو ان (علم) الله تعالى، كما هو في سائر صفاته مطلق لا حدود له، وهو يتداعى بالذهن الى جملة امور، منها: انه تعالى مبدع الوجود بما هو مرئي وغير مرئي بالنسبة لنا، وان النظام الكوني خاضع لـ(علم مطلق لا سبيل الى معرفتنا به). وهذا أحد انماط العلم الذي يتبادر الى ذهننا.
امّا النمط الثاني الذي يتبادر الى الذهن بالنسبة الى (علم) الله تعالى فهو: (الحكمة) من ابداعه تعالى لهذا الشيء او ذاك.
فمثلاً عندما خلق تعالى (آدم) (عليه السّلام)، وتساءلت الملائكة عن ذلك، قال لهم تعالى: «إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ».
و(الحكمة) تنسحب على ملايين الظواهر التي نشاهدها أو نتصورها مادية ومعنوية، فالتشريع مثلاً في مختلف ميادين الاحكام من صلاة وصوم ومعاملات متنوعة وكذلك في مختلف ميادين السلوك ومبادئه التي رسمها لنا الله تعالى، سواء أكانت في ميدان العلاقة بين الله تعالى وعبده، أو بين العبد والمظاهر الوجودية، او بينه وبين المجتمع بعامة.
وهكذا يمكننا ان ننتقل بأذهاننا الى كلّ ما هو موجود في الكون وفي انفسنا ايضاً.
وتحدث - ولو عابراً - عن هذا الموضوع، اي عن (انفسنا) و(علم) الله تعالى بها، فماذا نستلهم؟
ان ابرز نكتة يمكننا ان نستلهمها من (علم) الله تعالى بما في نفوسنا، هو: المهمة العبادية التي اوكلها تعالى إلينا، اي: الخلافة في الارض، او العبادة بمعناها الاشمل بما تعنيه عبارة: «مَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ» ولعل النكتة الاشد انتباهاً لذاكرتنا في هذا الميدان هو، علمه تعالى: (في العلن والسرّ)، انه تعالى يعلم «مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ».
ترى ما هي النكات الكامنة وراء العبارة المتقدمة؟
ان علمه تعالى: «مَا نُخْفِي» له اهميته الكبيرة في ميدان السلوك العبادي وأثره في مستقبل العبد، اي: انعكاسه على مصيره الاخروي الذي يعني: رضاه تعالى والجنة، او غضبه تعالى والنار (اعاذنا الله تعالى منها).
ان ادراكنا لهذه الحقيقة يدفعنا - بلا ادنى شك - الى (مراقبة) سلوكنا الخفيّ، حيث ان (العلن) يظل في حالات كثيرة مرتبطاً بالتقدير الاجتماعي، بينما (السرّ) هو الكاشف عن التقدير الإلهي وليس عن التقدير الاجتماعي الزائف.
اذن هذه نكتة لها اهميتها الكبيرة في ميدان السلوك وتعديله وتهذيبه وجعله خالصاً لوجه الله تعالى، كما هو واضح.
اذن ادركنا جانباً من النكات المتنوعة لعبارة (يا من هو بكل شيء عليم)، ونتحدث بعد ذلك عن عبارة (يا من هو بمن عصاه حليم)، وهي عبارة لها صلة بما اوضحناه من (علم) الله تعالى بسلوك العبد ومدى طاعته أو العصيان (كما اشارت العبارة)، وهو ما نحدثك عنه في لقاء لاحق ان شاء الله تعالى. 
ختاماً نسأله تعالى ان يوفقنا الى ممارسة الطاعة والتصاعد بها الى النحو المطلوب.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة