البث المباشر

شرح فقرة: "أو قرتني نعماً وأو قرت نفسي ذنوباً.." من دعاء الامام السجاد(ع) بعد ظهر الجمعة

الثلاثاء 6 أغسطس 2019 - 15:24 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " أو قرتني نعماً وأو قرت نفسي ذنوباً " من دعاء الامام السجاد(ع).

 

نتابع حديثنا عن الادعية المباركة ومنها دعاء الامام السجاد(ع) حيث يقرأ بعد الظهر من يوم الجمعة، وقد ورد فيه قوله(ع)(اوقرتني نعماً واوقرت نفسي ذنوباً كم من نعمة اسبغتها عليَّ اذ لم اود شكرها وكم من خطيئة احصيتها عليَّ استحي من ذكرها).
هذا المقطع من الدعاء يتضمن ثنائيات او تقابلاً بين الاضداد، بحيث يتضمن جملة نكات يتعين علينا الوقوف عندها نظراً لاهميتها الكبيرة في ميدان الممارسات العبادية ونقف مع التقابل الاول منها وهو ان الله تعالى اوقر عبده نعماً ولكن العبد اوقر نفسه بالذنوب، فماذا نستخلص من هذا؟
لنلاحظ اولاً مقابلة النعم بالذنوب ان فقرة الدعاء توضح بان الله تعالى اكثر من النعم على العبد ولكن العبد اكثر من الذنوب والمفروض ان تشكر النعم من جانب وان تزداد الطاعة من جانب آخر، ولكن العكس هو الملاحظ في الموقف ان هذا التضاد بين الموضوعين يصوغه الدعاء وفق عبارة او عبارات تطفح بجمالية وطرافة الموقف كيف ذلك؟
لقد انتخب الدعاء مصطلح الوقر وهو الثقل من الشيء او الحمل المصحوب بالثقل، ولعلك تتساءل عن النكتة الملحوظة بالنسبة الى مفردة الثقل لا نتأمل طويلاً حتى ندرك بان الوقر هو التعبير الاشد طرافة وعمقاً بالنسبة الى النعم ومقابلها الذنوب فاذا قيل مثلاً اوقرت الشجرة فهذا يرمز الى الحمل الثقيل فيها والكثير لقد كان من الممكن ان يقول الدعاء مثلاً لقد انعمت عليَّ كثيراً ولكنني اذنبت كثيراً، ولكن الدعاء استخدم عبارة اوقرت لتشمل ما هو الكثير وما هو الثقيل ايضاً وبذلك تكون اشد دلالة او ادق دلالة في رسم الموقف، نتساءل من جديد كيف ذلك؟
واضح ان انعم الله ليست كثيرة فحسب بل تتسم بالاهمية كالصحة والامان مثلاً في نطاق الحاجات الدنيوية بحيث اذا افتقد احدهما تتحول الحياة الى شدة ملحوظة ان الامن اذا عدم مثلاً فلا تستطيع الشخصية ان تتوازن البتة انها لا تأمننا بطعام او شراب او نوم او عرس او سياحة او ...الخ، وهذا يعني ان النعم هنا ثقيلة نوعياً وليست كثيرة فحسب.
والامر نفسه بنحو اشد اذا اتجهنا الى النعم الروحية ان مجرد كوننا قد اهتدينا الى المذهب الحق التوحيد، النبوة، الامانة، كاف بان يحسسنا بضخامة النعمة ما اكثر من جهل نعمة التوحيد، او النبوة، او الامانة؟ ان الدار الآخرة وهي الخالدة التي لا احد لامدها يتوقف نعيمها على معرفتنا بالمفهومات المتقدمة ان التمسك بالثقلين كتاب الله تعالى وعترته عليهم السلام لا يمكن تصور نعمتها من حيث انعكاساتها على مصائرنا الآخروية وهكذا.
اذن عندما ينتخب الدعاء مفهوم الوقر ليشير به الى الكثرة من جانب والى الاهمية المتسمة بالخطورة للنعمة من جانب آخر، انما يكون بذلك قد الفت نظرنا الى نعم الله تعالى كماً وكيفاً وليس كماً وحده او كيفاً وحده. ولكن كيف يقابلها العبد؟
يقول الدعاء بان العبد قد اوقر نفسه بالذنوب أي على العكس تماماً من الله تعالى حينما اوقر عبده بالنعم.
هنا ايضاً نستخلص بان الذنوب الصادرة من العبد تتسم بكثرتها وعظمتها بدليل ان الدعاء قد استخدم نفس عبارة اوقر والا اذا كان الهدف هو الاشارة الى الذنب من حيث كثرته وليس نوعه فحسب لانتخب الدعاء عبارة اخرى تعبر عن الكثرة فحسب.
اخيراً يتعين علينا ان نستثمر قرائتنا لهذا الدعاء وذلك بان نشكره تعالى على نعمه وان نتوب اليه تعالى من ذنوبنا وان ندرب ذواتنا على الطاعة والتصاعد بها الى النحو المطلوب.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة