البث المباشر

شرح فقرة: "وأسكنهم أسفل نارك، وأحط بهم أشد عذابك،..."

السبت 3 أغسطس 2019 - 08:57 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " وأسكنهم أسفل نارك، وأحط بهم أشد عذابك " من أدعية الإمام المهدي عليه السلام.

 

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ والْحَمْدُ لِلَّهِ والصلاة والسلام علي معادن حكمة الله وينابيع رحمة الله أحب الخلق إلي الله المصطفي الأمين وآله الطاهرين.
السلام عليكم إخوتنا المستمعين، وأهلاً بكم في لقاء اليوم من هذا البرنامج نتوقف فيه عند مقطع آخر من دعاء المعرفة الذي أمرنا بتلاوته في عصر الغيبة إمام زماننا المهدي (عجل الله فرجه).
ومقطع هذه الحلقة يأتي في سياق الدعاء بأن يكفي الله عزوجل خليفته المهدي كيد ومكر أعدائه وينزل بهم العذاب، ثم يقول: (وخذهم جهرة وبغتة وشدد عليهم عذابك واخزهم في عبادك، والعنهم في بلادك، وأسكنهم أسفل نارك، وأحط بهم أشد عذابك، وأصلهم ناراً، واحش قبور موتاهم ناراً، وأصلهم حرّ نارك، فإنهم أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات، وأضلوا عبادك).
مستمعينا الأفاضل، العبارات الأربع الأولي من المقطع المتقدم تأتي في سياق العقاب الذي نطلب من الله عز وجل أن ينزله بالجبابرة وأئمة الضلالة في الحياة الدنيا، وهو عذاب يشمل فيما يشمل فضح حقيقتهم للعباد لكي لا ينخدعوا بضلالاتهم وهذا من أبرز معاني عذاب الخزي الذي تحدث عنه القرآن الكريم كما ألمحنا لذلك في الحلقة السابقة من هذا البرنامج.
أما العبارات اللاحقة فهي تشير إلي العذاب الذي يطلب الداعي من الله عزوجل أن ينزله بأئمة الظلم والتضليل بعد الحياة الدنيا أي في البرزخ وبعد يوم القيامة. وواضح من هذه العبارات أنها تعلمنا أن نطلب من الله عزوجل أشد العذاب لهؤلاء لتأتي العبارات الأخيرة في هذا المقطع لتعرفنا بعلة طلب هذا العذاب الشديد لهم. والعبرة التربوية المهمة المستفادة من كل ذلك هي تقوية روح البراءة من أئمة الظلم والضلال فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ وتحذير الناس من اتباعهم لكي لا يطالهم نصيب من هذا الْعَذَابِ الشَّدِيدِ، وكذلك تحذيرهم من القيام بأفعالهم المذكورة في نهاية المقطع لكي لا يصيبهم هذا الْعَذَاب الشَّدِيد كاملاً أجارنا الله وإياكم منه.
في العبارة من هذه العبارات نطلب من الله جل جلاله أن يسكن أعداء وليه المهدي من أئمة الظلم أسفل ناره، وهذا التعبير مقتبس من القرآن الكريم، حيث يقول جل جلاله في الآية ۱٤٥ من سورة النساء: «إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ، وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً». وقال تبارك وتعالي في الآيتين ۲۸ و۲۹ من سورة فصلت: «ذَلِكَ جَزَاءُ أَعْدَاءِ اللَّهِ النَّارُ، لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ، جَزَاءً بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ، وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا، رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلاَّنَا مِنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ، نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا، لِيَكُونَا مِنَ الأَسْفَلِينَ».
واضح من هذه الآيات علة شدة العذاب الذي نطلبه لأعداء الله فهي ترتبط بإضلالهم للناس وجرهم بذلك إلي النار فمن الطبيعي أن يكون أئمة لهم في السقوط في أشد مراتب عذاب النار وهي المرتبة المعبر عنها بأسفل النار نعوذ بالله منها ومن فعال أصحابها.
مستمعينا الأفاضل، وفي العبارة التالية نطلب من الله تبارك وتعالي أن يحيط بأعدائه بأشد عذابه، هذا أيضاً تعبير مستلهم من الآيات الكريمة، نظير قوله عز وجل في الآية ۲۹ من سورة الكهف: «إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا، وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ، يَشْوِي الْوُجُوهَ، بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا»، وقال جل جلاله في الآية ۸۱ من سورة البقرة: «بَلَى مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ، فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ». وجاء في الآية ۸٤ من سورة هود: «وَإِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُّحِيطٍ»، ونقرأ في الآية ٥٤ و٥٥ من سورة العنكبوت: «يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ، وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ، يَوْمَ يَغْشَاهُمُ الْعَذَابُ مِن فَوْقِهِمْ، وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ، وَيَقُولُ ذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ».
مستمعينا الأفاضل، من خلال التدبر في هذه الآيات يتضح لنا من جهةٍ حقيقة ما نطلبه من الله عز وجل في العبارة المتقدمة من جهة ومعني أن يحيط جل جلاله أئمة الظلم والتضليل بأشد العذاب.
فالآيات تبين أن ما نطلبه في الواقع هو أن لا يعفو الله عزوجل عن الخطايا التي ارتكبها هؤلاء الجناة وكانت من الكثرة بحيث أحاطت بهم من كل جانب مسببة لهم أن يكون الْعَذَاب الشَّدِيد محيطاً بهم من كل جانب. هذا أولاً وثانياً فإن إحاطة العذاب بهم يعني سلبهم إمكانية أن يأتيهم الغوث إذا استغاثوا، ليكونوا عبرة للناس فلا يوقعوا أنفسهم فيما وقع فيه أئمة الجور والضلال أعاذنا الله وإياكم مستمعينا الأكارم منهم ومن فعالهم إنه سميع مجيب. 
وبهذا ينتهي أيها الإخوة والأخوات لقاؤنا بكم في حلقة من برنامجكم (ينابيع الرحمة) استمعتم لها مشكورين من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في إيران، تقبل الله أعمالكم ودمتم سالمين.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة