البث المباشر

شرح فقرة: "فإنك إن لم تعرفني نفسك لم أعرفك،..."

الإثنين 29 يوليو 2019 - 14:38 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " فإنك إن لم تعرفني نفسك لم أعرفك " من أدعية الإمام المهدي عليه السلام.

 

السلام عليكم إخوة الإيمان ورحمة الله، معكم في لقاء آخر مع الدعاء الجليل الذي أمرنا إمامنا بقية الله المهدي في عصر غيبته (عجل الله فرجه)، وهو دعاءٌ وردت تأكيدات مشدَّدة على الإلتزام بالتوجه إلى الله عزوجل به خاصة في عصر يوم الجمعة.
وفي هذا اللقاء نبقى نستنير بالفقرة الأولى منه حيث يقول الداعي: اللهم عرفني نفسك، فإنك إن لم تعرفني نفسك لم أعرفك ولم أعرف رسولك، اللهم عرفني رسولك، فإنك إن لم تعرفني رسولك لم أعرف حجتك، اللهم عرفني حجتك، فإنك إن لم تعرفني حجتك ضللت عن ديني .
في الحلقة السابقة من البرنامج عرفنا أيها الأعزاء، أنّ المؤمن عندما يطلب من الله عزوجل أن يعرِّفه نفسه، فإنّ مراده من ذلك يتضمن عدة أمور، منها الهداية إلى الفهم الصحيح للآيات الكريمة التي عرَّف الله بها نفسه في القرآن المجيد، ومنها تحصين المؤمن من الوقوع في جميع أشكال الفهم المنحرف الذي روَّجَهُ أهل البدع والأهواء والتفسير بالرأي لآيات معرفة الله عزوجل، ومنها، الفوز بالمعرفة الإلهامية التي يقذفها الله في قلب من يشاء ومنها أن يوفقه الله إلى رؤية آياته المعرِّفة به في الآفاق والأنفس حتى يصل إلى مرتبة المعرفة الشهودية اليقينية وحتى يتبين له أنه عزوجل الحق حسب التعبير القرآن.
مستمعينا الافاضل، (وعند ما) نتأمل في آثار وبركات الفوز بهذه المراتب السامية والعملية من معرفة الله جل جلاله، يتـَّضح لنا أهمية أن يطلب الانسان المؤمن من ربّه الكريم أن يعرِّفو نفسه، لأنه بذلك يطلب في الواقع التوحيدية الصحيحة التي تفتح له آفاق طَيِّ معارج الكمالات الإنسانية بمختلف مستوياتها، كما أنّ هذه المعرفة التوحيدية الصحيحة تـُعين المؤمن بلا شك على معرفة أخلاق الله عزوجل، وبالتالي تفتح له باب العمل بالوصية المحمدية الخالدة الواردة في قوله (صلى الله عليه وآله): (تخلقوا بأخلاق الله)، ولا يخفى عليكم أيها الأعزاء أنّ التخلُّق بأخلاق الله عزوجل هو من أهم وسائل القرب الإلهي وبلوغ المؤمن الطمأنينة والسكينة والسعادة في الدنيا والآخرة فيكون محبوباً في الأرض وفي السماء.
أما الآن أيها الأعزاء فنستنير بقول الدعاء الشريف: (فإنك إن لم تعرفني نفسك لم أعرفك، ولم أعرف رسولك)، في هذه الكلمات بيان لسرِّ طلب الداعي من الله عزوجل أن يعرِّفه مباشرة نفسه، فهي تـُنـِّبه إلى أن هدف المؤمن الحقيقي ينبغي أن يكون الفوز بالمعرفة الصحيحة بالله عزوجل، أي أن تكون معرفة خالية من جميع شوائب الأهواء والتصوُّرات الخاطئة وهذه المعرفة التي ترقى بالإنسان إلى معارج الكمال والسعادة والقرب الإلهي كما أسلفنا.
وغير هذه المعرفة تعني عملياً أن الإنسان لم يعرف ربَّه، وهنا نصل إلى نتيجةٍ محوريةٍ مهمةٍ في كل عبارات هذه الفقرة العقائدية الدعائية وهي أنّ الداعي إنما يطلب المعرفة العقائدية ذات الآثار العملية على سلوك الإنسان، فحكم غير هذا النوع من المعرفة حكم عدم حصول المعرفة أساساً.
مستمعينا الافاضل، ثم يبين الدعاء أنّ الله عزوجل إذا لم يعرِّف نفسه لعبده المؤمن لم يستطع أن يعرِف رسوله الأكرم (صلى الله عليه واله)، فلماذا؟
هذا الربطُ بين معرفة الله عزوجل ومعرفة سيد أنبيائه المرسلين (صلى الله عليه وآله)، يكشفُ لنا حقيقة أنّ معرفة الله وصفاته وأخلاقه تعرِّفنا بصفات وأخلاق رسول الله لأنه (صلى الله عليه وآله) خليفته الكامل في خلقه؛ وأقربهم إليه عزوجل في أخلاقه وصفاته بالطبع بما يتناسب مع خصوصيات الجنبة البشرية له (صلى الله عليه وآله).
ولحصول المؤمن على هذا النمط من المعرفة بالحبيب المصطفى ثمارٌ كثيرة نشير في هذه العجالة إلى ثمرة محورية هي أنها تجعل المؤمن يتعامل معه (صلى الله عليه وآله) على معرفة إلهية أخلاقه فهو مثلاً كربِّه الأعلى جلَّ جلاله رؤوفٌ رحيمٌ بالعباد كما أشارت لذلك الآية الأخيرة من سورة التوبة.
كما أنّ هذه الثمرة المحورية تجعل المؤمن في المقابل ينفي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كل ما لا يتناسب مع الأخلاق الإلهية من أفعال وأقوالٍ أياً كان من يُنسَبُ له ذلك.
نشكر لكم أعزائنا مستمعي إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في إيران طيب المتابعة لهذه الحلقة من برنامج (ينابيع الرحمة) تقبل الله أعمالكم ودمتم بكل خير.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة