البث المباشر

صفي الدين الحلي

الأحد 21 يوليو 2019 - 11:46 بتوقيت طهران

خبير البرنامج: الدكتور سعد الشحمان
المحاورة: بسم الله الرحمن الرحيم وبه تبارك وتعالى نستعين مستمعينا الكرام في كل مكان السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
أيها الأحبة إخترنا لكم في حلقة هذا الأسبوع من برنامجكم سير القصائد قصيدة شاعر عصر الإنحطاط الشهير صفي الدين الحلي والتي تبدأ بالبيت الشهير التالي:

سل الرماح العوالي عن معالينا

وإستشهد البيض هل خاب الرجا فينا

حيث سيستعرض لنا خبير البرنامج الأستاذ الدكتور سعد الشحمان أبياتاً من هذه القصيدة مقرونة بالشرح والتفصيل والتحليل ولكن بعد مقدمة سنقوم من خلالها بتعريف المستمعين الأعزاء بالشاعر والقصيدة، تابعونا مشكورين
أحبتنا المستمعين صفي الدين الحلي هو عبد العزيز بن صرايا السنبسي الطائي عاش في الفترة بين الربع الأخير من القرن السابع والنصف الأول من القرن الثامن الهجري وهي الفترة التي تلت مباشرة دخول المغول لبغداد وتدمير الخلافة العباسية مما ترك تأثيراً عميقاً على شعره. ولد في مدينة الحلة بالعراق كما يدل على ذلك لقبه وعمل في التجارة فكان يرحل الى الشام ومصر ومدينة ماردين التي تقع اليوم في الجنوب الشرقي من تركيا وكانت سابقاً تعد جزءاً من منطقة الجزيرة بين تركيا وسوريا والعراق وقد إنقطع الشاعر لفترة الى حكام ماردين الذين كانوا قد أسسوا دولة فيها عرفت بالدولة الأرتقية وعكف الشاعر على مدح هؤلاء الحكام التركمان في قصائد شهيرة عرفت بدرر النحور او الأرتقيات نسبة الى إسم هذه الدولة فأجزلوا له العطاء بدورهم ثم شدّ الرحال الى القاهرة فمدح السلطان الملك الناصر. أخواتنا المستمعين يُعد صفي الدين الحلي من أشهر شعراء العصر المغولي إن لم نقل أنه كان من أشهرهم على الإطلاق وقد نظم بالفصحى والعامية ايضاً وعُرف بمقدرته وبراعته في التصرف في الفنون الشعرية فكان اول مَن نظم القصائد المعروفة بالبديعيات وهي نوع من القصائد أشتهر في عصر الإنحطاط يعمد فيها الشاعر الى إستعمال نوع من الصناعات البديعية في كل بيت من أبيات القصيدة وله كما ذكرنا ديوان درر النحور في مدح الملك المنصور الأرتقي ملك ماردين والذي يحتوي على تسعة وعشرين قصيدة كل منها يتكون من تسع وعشرين بيتاً، تبدأ أبيات كل قصيدة منها وتنتهي بأحد الحروف العربية.
مستمعينا الأفاضل كان لقبيلة شاعرنا سنبس الطائية دور مشرف في العراق في التصدي للغزو المغولي في موقعة دروط التي إنتهت بإنتصار القبائل الطائية في تلك الملحمة التي خلدها صفي الدين في القصيدة التي نحن بصددها والتي سيتفضل ضيف البرنامج الدائم الدكتور سعد الشحمان بإستعراض بعض من أبياتها مع الشرح والتحليل، نرحب بكم أستاذنا الفاضل أهلاً ومرحباً بكم
الشحمان: أهلاً ومرحباً بكم وبإخوتنا المستمعين الأكارم في هذه الأيام الحافلة بعبق الربيع ويقظة الحياة في الطبيعة من جديد ولاشك في أن ذلك آية من آيات الله سبحانه وتعالى
المحاورة: شكراً لكم على هذا الحضور راجين منكم أستاذ أن تشرفوا أسماعنا وأسماع المستمعين الكرام بإنشاد بعض من أبيات هذه القصيدة مع تسليط الضوء على معانيها ومضامينها لو سمحتم
الشحمان: نعم هذه القصيدة الشهيرة الجماسية التي نظمها صفي الدين الحلي شاعر عصر الإنحطاط او ما يسمى بعصر الإنحطاط تبدأ كعادة الشعراء بمخاطبة محبوبته وأستشهادها حول الإدعاء الذي يريد أن يقدمه فيقول في بداية القصيدة:

سل الرماح لعوالي عن معالينا

وإستشهد البيض هل خاب الرجا فينا

يخاطب محبوبته ويطلب منها أن تتخذ من الرماح العوالي أي الرماح المشهرة في وجه الأعداء، يطلب منها أن تستشهدها حول شجاعة قوم الشاعر وحول الأمجاد والمعالي التي تركوها ويطلب منها أن تسأل السيوف البيض القاطعة الصارمة حول الرجاء في هؤلاء القوم. يريد أن يقول أن الرجاء لم يخب ولم يفشل فينا في الدفاع عن الحمى وعن الوطن. ثم يطلب منها أن تسأل الناس كلهم مشيراً الى هؤلاء الناس بالعرب والأتراك وإستعماله لكلمة الأتراك يشير الى أن القومية التركية كانت منتشرة في ذلك الوقت وربما كانت الأمور بيدها آنذاك. يطلب منها أن تسأل العرب والأتراك حول الشجاعة وحول البطولات التي تركها قوم الشاعر وقبيلته في أرض قبر عبيد الله وهنا إشارة الى منطقة في بغداد في جانب الرصافة دفن فيها احد أبناء الإمام زين العابدين عليه السلام ودارت فيها هذه المعركة بين قبيلة الشاعر وبين المغول على مايبدو ثم يستمر في إستعراض شجاعة قومه فيقول:

لما سعينا فما رقّت عزائمنا

أم ما نروم فما خابت مساعينا


يقول يعني لما تحركنا وإنطلقنا نحو الحرب لم تضعف ولم تهن عزائمنا على خوض هذه الحرب ولم تخب عزائمنا عما نريده وعما نطلب تحقيقه من الأهداف ولم تفشل مساعينا وجهودنا في هذا المجال ثم يشير الى هذه المعركة بقوله:

يايوم وقعة زوراء العراق

وقد دنا الأعادي كما كانوا يُدينونا


يخاطب هذه المعركة التي حصلت في بغداد ومن أسماء مدينة بغداد وكما تعلمون الزوراء فيقول في هذه المعركة نحن أذللنا هؤلاء الأعداء الذين تجاوزوا علينا وإعتدوا علينا كما كانوا يذللونا ويدينونا في السابق. كيف أذللناهم وكيف دناهم؟ يقول: دناهم بضمّر أي بخيل نحيفة وهي كناية عن سرعة الخيل. يقول ما ربطناها مسوّمة يعني ما جعلناها مرابطة وهي مستعدة وجاهزة لخوض القتال إلا لنغزو بها مَن بات يغزونا يعني نحن أعددنا هذه الخيل لكي نغزو بها ولكي نهاجم بها القوم الذين كانوا يهاجموننا ويغزونا في عقر ديارنا في الماضي.
المحاورة: أما الآن نرجو منكم أن تمهلونا بعض اللحظات نقضيها مع فاصل قصير نعود بعده الى إستكمال شرحكم لأبيات هذه القصيدة.
المحاورة: تحية طيبة لكم مستمعينا الكرام وانتم برفقة هذه الحلقة من برنامج سير القصائد. نعود الآن من جديد الى ضيف البرنامج الدكتور سعد الشحمان ونرجو منكم حضرة الأستاذ وخلال ما تبقى من دقائق البرنامج تسليط المزيد من الضوء على ابيات اخرى من القصيدة وخاصة تلك التي يفخر بها الشاعر من شجاعة قومه وترفعهم عن الدنايا ورضوخهم للذل.
الشحمان: نعم يستمر الشاعر في وصف شجاعة قومه والبطولات التي تركوها في هذه المعركة وتعقيباً على البيت السابق الذي قال فيه:

بضمّر ما ربطناها مسوّمة

إلا لنغزو بها مَن بات يغزونا

ونقرأ هذا البيت:

وفتية إن نقل أصغوا مسامعهم

لقولنا او دعوناهم اجابونا

يقول ما ربطنا خيلنا وما جهزناها للقتال إلا لنغزو بها مّن بات يغزونا وايضاً بفتية يعني نحن خضنا هذه الحرب بفتية إن نقل أصغوا مسامعهم يعني اذا امرناهم بأمر ما فنراهم مطيعين لأمرنا هذا وكلما دعوناهم الى شيء او الى أمر مهم أجابوا دعوتنا ثم يصف الشاعر قومه بأنهم يجمعون بين الشجاعة وبين العدل في نفس الوقت فيقول:
قوم اذا إستحصنوا كانوا فراعنة يعني اذا إستفزوا من قبل الأعداء فإنهم يتحولون الى فراعنة، يريد أن يقول إنهم أقوياء وأشداء خلال خوض المعارك. وإن حكّموا كانوا موازينا، لكنهم في المقابل اذا وقفوا في مقام القضاء بين الناس فيتحولون الى اناس عدول كالميزان وهم ايضاً يجمعون بين العقل فيقول:
تدرعوا العقل جلباباً أي لبسوا العقل وكأنه جلباب والجلباب كما تعلمون هو الثوب الطويل الذي يستغرق الجسم كله. يريد أن يشير الى أن الجانب العقلي طاغ على شخصيتهم

تدرعوا العقل جلباباً فإن حميت

نار الوغى خلتهم فيها مجانينا


ولكن في المقابل اذا حمي وطيس الحرب فيتحولون وكأنهم أشخاص مجانين من فرط شجاعتهم ومن فرط إستهانتهم بالموت وبسالتهم في المعركة واذا ما إدعوا شيئاً ما فإن الدنيا كلها وإن الدهر كله يصدق دعوتهم هذه واذا دعتهم الأيام الى شيء ما فإن هذه الأيام تلبي دعوتهم وكأنما تقول لهم آمينا.
المحاورة: نعم شكراً جزيلاً لهذه الإيضاحات ولايسعنا إلا أن نقدم شكرنا الى مستمعينا الكرام لحسن إصغاءكم ومتابعتكم وآملين أن يجمعنا اللقاء بكم مستمعينا في حلقة اخرى من هذا البرنامج مع قصيدة اخرى وشاعر آخر فحتى ذلك الحين نستودعكم الله وفي أمان الله.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة