البث المباشر

أبوالعلاء المعرى

الأحد 21 يوليو 2019 - 11:46 بتوقيت طهران

خبير البرنامج: الدكتور سعد الشحمان
المحاورة: بسم الله الرحمن الرحيم مستمعينا الكرام في كل مكان السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته أهلاً بكم ونحن نلتقيكم مجدداً مع حلقة أخرى من برنامجكم الأسبوعي سير القصائد حيث سيجمعنا اللقاء بكم في حلقة هذا الأسبوع مع رائعة فيلسوف الشعراء وشاعر الفلاسفة أبي العلاء المعري التي قالها في الأصل في رثاء أحد الفقهاء الحلبيين وبدأها بقوله:

غَـيْرُ مُـجْدٍ في مِلّتي واعْتِقادي

نَــوْحُ بـاكٍ ولا تَـرَنّمُ شـادِ


إخوتنا المستمعين الأفاضل قبل أن نجري حوارنا مع ضيف البرنامج حول قصيدة هذا الأسبوع سنقدم بكم في هذه الفقرة من البرنامج نبذة عن حول حياة الشاعر ومكانته وشعره.
المحاورة: شاعرنا هو أحمد بن عبد الله بن سليمان القباعي التنوخي المعري، ولد حوالي في منتصف القرن الرابع الهجري شاعر وفيلسوف أديب عربي من العصر العباسي. ولد وتوفي في مدينة معرة النعمان بشمال سوريا وأشتهر بلقب رهين المحبسين أي محبس العمى ومحبس البيت. كما عرف بآراءه وفلسفته المثيرة للجدل، أصيب المعري بالعمى وهو في الرابعة من عمره بسب إصابته بمرض الجدري وبدأ نظم الشعر في سن مبكرة ثم سافر الى حلب وأنطاكية وغيرهما من مدن سوريا كما شدّ الرحال لبغداد وأقام فيها قبل أن يعود الى مسقط رأسه في معرة النعمان حيث عاش بقية حياته مؤثِراً الزهد والنباتية حتى توفي عن عمر يناهز ستة وثمانين عاماً ودفن في منزله في معرة النعمان.
المحاورة: إخوتنا المستمعين يسرنا أن نلتقي مرة أخرى ضيف البرنامج الأستاذ الدكتور سعد الشحمان، أهلاً ومرحباً بكم
الشحمان: بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلاً ومرحباً بكم وبالمستمعين الكرام
المحاورة: عليكم السلام والرحمة وأهلاً وسهلاً بكم وشكراً لهذا الحضور. أستاذنا الفاضل حديثنا في حلقة هذا الأسبوع يدور حول شاعر شغل الناس وملأ الدنيا جدلاً بآراءه الفلسفية منذ عصره وحتى يومنا هذا وخاصة قصيدته التي نحن بصددها، نرجو منكم دكتور أن تسلطوا لنا ولمستمعينا الكرام الضوء على هذه القصيدة من خلال إستعراض بعض من أبياتها.
الشحمان: في الحقيقة أبو علاء المعري في الأصل قال هذه القصيدة في رثاء أحد فقهاء مدينته وإتخذ من مناسبة الرثاء كذريعة للدعوة الى الزهد في الحياة وعدم التكبر مع شيء من النظرة التشاؤمية والسوداوية الى الحياة. هذه القصيدة الشهيرة التي تضمنت بعض آراء أبي علاء المعري في شأن الحياة والموت كما تعلمون تبدأ بهذا البيت:

غَـيْرُ مُـجْدٍ في مِلّتي واعْتِقادي

نَــوْحُ بـاكٍ ولا تَـرَنّمُ شـادِ

يعلن منذ البداية لأنه من غير المفيد حسب دين هذا الشاعر وحسب ملته وحسب عقيدته من غير النافع والمجدي أن يبكي الإنسان على الميت وكما قلنا القصيدة هي في الرثاء ولافرق بين الإنسان الذي يشدو على الألحان الدالة على الفرح او الأنسان الذي ينوح او يولول على الأشخاص الذين فقدهم في الحياة ويساوي الشاعر بين البكاء وبين الفرح في هذه الحياة ويرى أن كلاهما غير نافعين، لافي رثاء الميت ولا في التعبير عن الفرح في الإخبار عن الولادة، يقول:

وشَـبِيهٌ صَـوْتُ الـنّعيّ إذا قِي

سَ بِـصَوْتِ الـبَشيرِ في كلّ نادِ

يعني الصوت الذي يخبر الإنسان بالموت، موت عزيز عليه يشبه صوت الشخص الذي يبشر بولادة الوليد اذا قارنا هذين الصوتين. طبعاً هذه النظرة كانت موجودة عند الشعراء وهم في ذلك الوقت كانوا يفسرون بكاء الوليد عندما يولد يفسرونه تعبيراً عن الوليد بصعوبة الحياة والمشقات التي سوف يواجهها في هذه الحياة. أبو العلاء المعري يعمم على هذه النظرة حتى على الكئانات الأخرى فيقول:

أَبَـكَتْ تِـلْكُمُ الـحَمَامَةُ أمْ غَنْ

نَـت عَـلى فَـرْعِ غُصْنِها

يقول: صوت الحمامة وهديل الحماحة بالنسبة الى دلالة هذا الصوت، هل يدل على تعبيرها عن الفرح؟ هل يدل على تغريدها وغناءها أم يدل على تعبيرها عن الحزن وعن البكاء؟
ثم يخاطب صديقاً يتخيله يقول:

صَـاحِ هَـذِي قُبُورُنا تَمْلأ الرُّحْ

بَ فـأينَ الـقُبُورُ مِنْ عَهدِ عادِ


يعرج على النظرة الزهدية في الحياة فيدعو الإنسان بعد أن يؤكد أن القبور تملأ سطح هذه المعمورة وسطح هذا التراب الفسيح يؤكد أنها مليئة منذ أقدم العهود ومنذ أقدم الأزمنة، فإذا الأمر كذلك فلماذا الإنسان يمشي متكبراً ومختالاً على الأرض؟ وخاصة وأننا نعلم ما يقول:

خَـفّفِ الـوَطْء ما أظُنّ أدِيمَ ال

أرْضِ إلاّ مِـنْ هَـذِهِ الأجْـسادِ

يقول: اديم الأرض او وجه الأرض مكون من رفات هذه الأجساد التي دفنت على مر العصور والدهور لذلك من القبيح حتى وإن كانت هذه الرفات قديمة أن نسير على الأرض بتكبر وغرور لأن عملنا هذا يسبب الإحتقار والإستهانة بأجساد آباءنا وأجدادنا.
المحاورة: نعم شكراً هنا نتوقف ونأخذ فاصل قصير دكتور اذا سمحتم ثم نعود لمستمعينا الكرام لمتابعة هذه الحلقة من برنامج سير القصائد. رافقونا مشكورين
المحاورة: معود بكم الآن مستمعينا الكرام لنجول معكم في فقرة البرنامج الأخيرة في حياة شاعرنا أبي العلاء المعري الذي عاش بعد إعتزاله زاهداً في الدنيا معرضاً عن ملاذها، لايأكل لحم الحيوان حتى قيل إنه لم يأكل اللحم خمساً وأربعين سنة ولا ما ينتج من الحيونات من سمن ولبن او بيض او عسل ولايلبس من الثياب إلا الخشن. عرف بفلسفته التشاؤمية في الحياة الى الحد الذي أوصى بعدم إنجاب الأطفال كي نجنبهم آلام الحياة حيث أشار الى ذلك في العبارة الشهيرة التي اوصى بكتابتها على شاهدة قبره: هذا ما جناه أبي عليّ وما جنيت على أحد.
كما إنعكست نظرته التشاؤمية الى الحياة في الكثير من شعره من مثل قوله:

تَعَبُ كُلّها الحَياةُ فَما أعْـ

جَبُ إلاّ مِنْ راغبٍ في ازْديادِ


او قوله:

ولـما رأيتُ الجهلَ في الناسِ فاشياً

تـجاهلْتُ حـتى ظُـنَّ أنّيَ جاهل

فـيا مـوْتُ زُرْ إنّ الحياةَ ذَميمَةٌ

ويـا نَفْسُ جِدّي إنّ دهرَكِ هازِل


المحاورة: أما الآن مستمعينا الكرام أعود الى ضيفي في الستوديو الدكتور سعد الشحمان ليتحدث لنا أكثر حول شاعرنا لهذه الحلقة أبي العلاء المعري
الشحمان: أهلاً بكم من جديد، نعم الشعر يستمر بدعوة الانسان الى عدم التكبر والغرور وعدم السير بمرح على الأرض، يقول:

سر إن إستطعت في الهواء رويدا

لا إختيالاً على رفات العباد


أيها الأنسان سر إن إستطعت يعني حاول جاهداً أن تسير بهدوء وتواضع على الأرض لأنها تضم رفات العباد...
المحاورة: بإختصار يعني دع الغرور على جانب
الشحمان: نعم دع الغرور الى جانب ويجب علينا أن نحترم الموتى. ثم يشير أبو العلاء المعري الى مفارقة بين هذه القبور وهي ملاحظة زهدية، يقول لربما نرى القبر يضم على مر العصور الكثير من الأجساد ولربما كانت هذه الأجساد متضادة في اخلاقها مع بعضها البعض، ربما يضم القبر رفات ملك او رجل فقير او رجلاً كريماً او رجلاً بخيلاً، فيقول:

رب لحد صار لحداً مراراً

ضاحكاً من تزاحم الأضداد

وَدَفِـيـنٍ عَـلى بَـقايا دَفِـينٍ

فـي طَـويلِ الأزْمـانِ


ويعود الشاعر كعادته الى نظرته التشاؤمية في الحياة فيقول:

تعب كلها الحياة فما أع

جب إلا من راغب في إزدياد


المحاورة: دكتور لو سمحتم نكتفي بهذا القدر من الإيضاحات والحديث حول شاعرنا أبي العلاء المعري ونشكر لكم هذا الحضور
الشحمان: إن شاء الله سنحاول أن نتلافى هذا النقص مع باقي الشعراء إن شاء الله.
المحاورة: شكراً جزيلاً لكم وأشكر مستمعينا الكرام لحسن متابعتهم لهذه الحلقة من برنامج سير القصائد التي قدمناها لكم من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران حتى الملتقى أطيب التحيات والمنى ودمتم في أمان الله.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة