البث المباشر

صلاة الخوف

السبت 1 يونيو 2019 - 14:12 بتوقيت طهران

جاؤوا برأسك ياابن بنت محمدٍ

مترملاً بدمائه ترميلا

وكأنما بك ياابن بنت محمدٍ

قتلوا جهاراً عامدين رسولا

قتلوك عطشاناً ولم يترقبوا

في قتلك التأويل والتنزيلا

ويكبّرون بأن قتلت... وإنما

قتلوا بك التكبير والتهليلا


"أشهد أنك أقمت الصلاة، وآتيت الزكاة، وأمرت بالمعروف ونهيت عن المنكر، وتلوت الكتاب حقّ تلاوته، وجاهدت في الله حقّ جهاده، وصبرت على الاذى في جنبه، وعبدته مخلصا ً حتى أتاك اليقين
لعن الله أمة ً ظلمتك، وأمة ً قاتلتك، وأمة ً قتلتك، وأمة ً أعانت عليك وأمة ً خذلتك، وأمة ً دعتك فلم تجبك، وأمة ً بلغها ذلك فرضيت به، وألحقهم الله بدرك الجحيم"
اخوتنا الأعزة الأماجد .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كلنا يعلم ماأكده القرأن الكريم، والنبي العظيم، صلى الله عليه واله على أهمية الصلاة وشرفها ومنزلتها وفضائلها، فضلاً عن وجوبها وضرورتها الايمانية وآثارها وبركاتها الفردية والاجتماعية
ومن هنا – أيها الاخوة الأحبة – نعرف عظمة هذا النسك الروحي الشريف، واهمية اقامته وتثبيته في القلوب وبين أفراد الأمة المسلمة واذا كان أحد قد أقام الصلاة حقّ اقامتها فهو المصطفى الأكرم، محمد صلى الله عليه واله وسلم جاء بها سليمة ً زاكية، تامة خاشعة منقطعة الى الباري تبارك وتعالى، متصلة متواترة واصلة بين الليل والنهار، وفي السفر والحضر ً وفي المسجد والبيت . وفي السلم والحرب أيضاً بما تسمى ب(صلاة الخوف) أي خوف فواتها، فلازمها ولازمته، وعرف بها وعرفت به… ثم أقامها أهل بيته وأوصياؤه صلوات الله عليهم، أولهم أمير المؤمنين عليه السلام فهو أول من صلى معه وخلفه، فأقاماها والناس لم يسمعوا بالاسلام بعد، ثم تبعتهما خديجة أم المؤمنين رضوان الله عليها.
وقد بلغ من حرص النبي الأكرم صلى الله عليه واله وسلم أن كانت الصلاة
احدى وصاياه قبيل وفاته ورحيله، كذلك كان من حرص وصيه وخليفته بالحق على سلام الله عليه أن أقامها حتى في سوح القتال وهو يدفع شرور الناكثين والقاسطين والمارقين.. ففي ساحة المعركة والامام علي يرفع رأسه الى السماء يترقب وقت الزوال ليصلي لربه صلاة الظهر، فيرتأي ابن عباس الانشغال بالقتال، الا أن أمير المؤمنين عليه السلام يعلمه ويعلمه بأنهم انما يقاتلون القوم على الصلاة ثم قتل عليه السلام في محراب الصلاة وهو يقيمها وكانت احدى وصاياه الأخيرة وهو على فراش الشهادة: "والله الله في الصلاة، فانها عمود دينكم".
هكذا – أيها الاخوة الأعزة الأكارم – حرص أهل البيت النبوي الطاهر على الصلاة واقامتها، فطووا لياليهم بها نوافل لاتنقطع كذا اشتهر ذلك في سيرة الصديقة الكبرى فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه واله وفي سيرة الامام الحسن المجتبى سلام الله عليه ثم في سيرة سيد شباب أهل الجنة أبي عبد الله الحسين صلوات الله عليه اقامة ً رفيعة كما أحب الله تعالى وأراد وعلى سنة رسول الله وشرعه الاسلام، فأخذ الناس صلاتهم منهم عليهم السلام فأقيمت بفضلهم، ويعني ذلك أنهم هم الذين أقاموا الصلاة لما عرفوا بها وحببوها الى المسلمين، وصلوها بهم جماعة ً فعرفوها وتعلموها منهم فأقيمت معهم وبعدهم.
بل وأقام الصلاة أهل البيت ومنهم الامام الحسين عليه وعليهم الصلاة والسلام – بمهجهم، فاستشهدوا دونها كي تقام لله تبارك وتعالى ولم يترددوا عن أدائها حتى في أحرج الحالات وأشدها فأحيوها....
ففي طريقه الى كربلاء، و قد وصل الى منزل شراف، خطب الامام الحسين على السلام بأصحابه وبعساكر الحر الرياحي وقد جعجعت به وكانت الف فارس، حتى اذا حلّ الزوال أذن الحجاج بن مسروق الجعفي رضوان الله عليه فخاطب الامام الحسين الحر الرياحي أتصلي بأصحابك ؟ أجابه الحر : لا بل نصلي جميعاً بصلاتك . فصلى بهم الحسين
ويوم تاسوعاء حين علم الامام الحسين اصرار القوم على مقاتلته قال لأخيه أبي الفضل العباس عليه السلام "ارجع اليهم واتمهلهم هذه العشية الى غد لعلنا نصلي لربنا الليلة وندعوه ونستغفره فهو يعلم أني أحب الصلاة له، وتلاوة كتابه وكثرة الدعاء والاستغفار" فانقطع أبوعبد الله الحسين صلوات الله عليه ليلة عاشوراء الى ربه في صلوات ودعوات ..وسرت هذه الحالة الروحية الى قلوب أصحابه حتى كتب أصحاب المقاتل والسير والمؤرخون أن اصحاب الحسين نشطوا تلك الليلة للعبادة والصلاة والدعاء فكانوا بين قائم وقاعد، وراكع ٍ وساجد، ولهم دوي كدوي النحل!
وفي يوم عاشوراء – وقد اشتد النزال، والتحم العسكران في لقتال – التفت أبو ثمامة الصائدي الى الشمس وقد زالت فحل وقت صلاة الظهر والحسين عالم بذلك بل هو أعلم من غيره به، الاان الله تعالى كتب للصائدي توفيقاً وشرفاً مخصوصين حين بادر بلطف الله تعالى عليه أن أخبر امامه وسيده أباعبد الله الحسين يقول له : نفسي لك الفداء، اني أرى هؤلاء قد اقتربوا منك، لاوالله لاتقتل حتى أقتل دونك، واحب أن القى الله وقد صليت هذه الصلاة التي دنا وقتها فرفع الامام الحسين راسه الشريف الى السماء وقال: "ذكرت الصلاة، جعلك الله مع المصلين الذاكرين، نعم
هذا أول وقتها، سلوهم أن يكفوا عنا حتى نصلي"
وقد قيل: انه عليه السلام صلى بمن بقي من أصحابه صلاة الخوف وقد تقدم أمامه زهير بن القين وسعيد بن عبد الله الحنفي، وسعيد هذا رضوان الله عليه أخذ يتلقى سهام الاعداء المسددة نحو الحسين ببدنه ووجهه حتى أثخن بالجراح وسقط على الارض ليقيم امامه صلاته، وقد أصابه ثلاث عشر سهما ً فلما سقط قال : اللهم العنهم لعن عادٍ وثمود، وأبلغ نبيك مني السلام، وابلغه مالقيت من ألم الجراح، فاني أردت بذلك ثوابك في نصرة ذرية نبيك ثم التفت الى الحسين قائلاً له: أوفيت يابن رسول الله؟ فاجابه الحسين: "نعم، أنت أمامي في الجنة".

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة