البث المباشر

إحياء شرف الاسلامي

السبت 1 يونيو 2019 - 12:14 بتوقيت طهران

أدرك تراتك أيها الموتور

فلكم بكلّ يدٍ دمٌ مهدور

ما صارمٌ إلّا وفي شفراته

نحرٌ لآل محمّدٍ منحور

فاسأل بيوم الطّفّ سيفك إنّه

قد كلّم الأبطال فهو خبير

يومٌ أبوك السّبط شمّر غيرةً

للدّين لمّا أن عفاه دثور

وقد استغاثت فيه ملّة جدّه

لمّا تداعي بيتها المعمور

وبغير أمر الله قام محكّماً

بالمسلمين يزيد وهو أمير!

نفسي الفداء لثائر في حقّه

كاللّيث ذي الوثبات حين يثور

أضحي يقيم الدّين وهو مهدّمٌ

ويجبّر الإسلام وهو كسير


السلام عليك يا ابا عبدالله، السلام عليك يا ابن رسول الله، السّلام عليك يا ابن أمير المؤمنين .. أشهد أنّك قد بلّغت عن الله عزّ وجلّ ما أمرت به، ولم تخش أحداً غيره، وجاهدت في سبيله، وعبدته صادقاً حتّي أتاك اليقين . أشهد أنّك كلمة التّقوي، وباب الهدي، والعروة الوثقي، والحجّة علي من يبقي ومن تحت الثّري.
إخوتنا وأعزّتنا الأفاضل .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لقد جهد بنو أمية جهودهم في أمرين كانا قد شكّلا في حياتهم عقدةً تاريخيةً طالت أيامها.. الأمر الأوّل – حاولوا قدر إمكانهم أن ينتقموا من الإسلام الذي اعتبروه بديلاً عن سلطانهم في الجاهلية، ذلك الدين الذي سفّه عقائدهم الباطلة، وانتصر على حشودهم الضالّة، وجرف الناس إلى التوحيد وإقامة الشعائر الدّينية الجديدة. أمّا الأمر الثاني الذي حاوله بنو أمية بجدٍّ وحقدٍ شديدين، فهو الوصول إلى كرسيّ الحكم بأية صورةٍ وأية وسيلة ممكنة، ممهّدين لذلك وسائل عديدة، منها إعلانهم الإسلام الظاهريّ نفاقاً وخدعة، والتَّسلل إلى مراكز السلطة والنفود إلى مواقع الحكم، فما عُين معاوية والياً على الشام حتّى أخذ يجمع عصابته من أسرته وعشيرته، ويتمدّد في أطراف البلاد، فإذا بويع للإمام عليٍّ عليه السَّلام وجد الفرصة المناسبة للتمرّد على الخلافة الحقّة، ثمّ أعلن استقلاليته عن الحكومة الإسلامية وتنصّبه خليفةً وأميراً للمؤمنين، بعدها تجاسر على مقام الإمامة والخلافة بإعلانه الحرب على خليفة رسول الله في صفّين، لم يحفظ للإسلام ولا للنبيّ صلّى الله عليه وآله حرمة فأمر بسبّ الإمام عليٍّ على المنابر، وقد سبق لرسول الله أن أنبأ بذلك وبين.
روى الحاكم النّيسابوري الشافعيّ، في ( المستدرك على الصحيحين ) أنّ أمّ المؤمنين أمّ سلمة رضوان الله عليها وبخّت بعض الصحابة قائلةً لهم: يسبّ رسول الله في ناديكم ؟! قيل لها: وأنّى ذلك ؟ قالت: فعليُّ بن أبي طالب، قيل: إنّا لنقول أشياء نريد عرض الدنيا، قالت: فإنّي سمعت رسول الله صلّي الله عليه وآله يقول: "من سبَّ علياً فقد سبّني، ومن سبّني فقد سبّ الله تعالى".
أجل – إخوتنا الأعزّة الأكارم – هكذا شاع لعن الأولياء على منابر المسلمين في بلادهم، والناس سكوت، حتّى كانت معاهدة الصلح أبرمها الإمام الحسن المجتبي مع معاوية حفظاً لدماء المسلمين وحُرماتهم، وفضحاً لحاكم الشام ونفاقه، وكان من شروط تلك المعاهدة منع لعن أمير المؤمنين على منابر الجمعات والأدعياء، فوافق معاوية على ذلك، ثمّ ما لبث إلّا قليلاً حتّي أعلن على المنبر قائلاً: (( ألا وإنّي منّيت الحسن وأعطيته أشياء، وجميعها تحت قدميَّ هاتين، لا أفي بشئٍ منها له . فأعاد اللعن والسبّ، والمسلمون صادرون في غياب الضمير وفتور الغيرة على حرمات الإسلام تهتك في بلادهم .. حتّى كادت المشاعر الدّينية تموت فيهم، إذ لم يعترضوا على بيعة يزيد، وهنا تقدّمت النهضة الحسينية تدوّي بياناتها في آفاق البلاد، وتبعث الكرامة والعزّة في نفوس العباد، فتحرّكت العشائر والقبائل يدفعها الحرص على نصرة الإسلام مرّة، والنُّفرة من المنافقين المتسلطين مرّة أخرى، والإحساس بتأنيب الضمير مرّة ثالثة .. فجاءت الثورات تنتقم من قتلة الإمام الحسين، حتّى كانت لها فتوحاتٌ ميدانية، وفتوحات دينيةٌ أخلاقية .
ودبّت الحياة مرّةً أخرى – أيها الإخوة الأكارم – إلى القلوب، تثأر للدين الذي عاث بنو أمية في تشويهه، وتثأر لأولياء الله الذين قتلوا في كلّ مكان أفضع القتل، وأخذ الناس يشعرون بكرامتهم وشخصيتهم التي حاول بنو أمية تحطيمها بتزريق فكرة الجبرية إلى عقولهم، وبثّ الإرعاب والإرهاب في نفوسهم؛ ليسهل بذلك السيطرة عليهم .
روى ابن قتيبة الدّينوريُّ في (الإمامة والسياسة) أنّ عبدالله بن غسيل الملائكة حنظلة، قد انتفض على يزيد بعد أن بايعه أهل المدينة على الموت عقب واقعة الحرّة المريرة، فخطب في الناس قائلاً: يا قوم اتّقوا الله وحده لا شريك له، فو الله ما خرجنا على يزيد حتّى خفنا أن نُرمي بالحجارة من السماء ! إنّ رجلاً ينكح المحارم، ويشرب الخمر ويدع الصلاة، والله لو لم يكن معي واحدٌ من الناس لأبليت لله فيه بلاءً حسنا .
نعم .. هكذا بعد أن نقل عن الإمام الحسين عليه السَّلام قوله: " يزيد رجلٌ شارب الخمر، وقاتل النّفس المحترمة، معلنٌ بالفسق، ومثلي لا يبايع مثله"، كما نقل عنه سلام الله عليه جوابه لابن الأشعث: "لا والله لا أعطيهم بيدي إعطاء الذليل، ولا أفرّ فرار العبيد"، وسمح يوم عاشوراء ينادي في أعدائه وقتلته:
"ألا إنّ الدعيَّ ابن الدعيّ، قد ركز بين اثنتين، بين السّلة والذّلة، وهيهات منّا الذلّة، ويأبي الله لنا ذلك ورسوله، والمؤمنون، وحجورٌ طابت، وطهرت، وأنوف حمية، ونفوسٌ أبية، من أن نؤثر طاعة اللئام، على مصارع الكرام".

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة