البث المباشر

حفظ المبادئ والقيم

السبت 1 يونيو 2019 - 11:24 بتوقيت طهران

يومٌ بحامية الإسلام قد نهضت

 

له حمية دين الله إذ تُركا

 

رأى بأنّ سبيل الغيّ متّبعٌ

 

والرّشد لم تدر قومٌ أيةً سلكا

 

والناس عادت إليهم جاهليتهم

 

كأنّ من شرّع الإسلام قد أفكا

 

وقد تحكم بالإسلام طاغيةٌ

 

يمسي ويصبح بالفحشاء منهمكا

 

قد أصبح الدينُ منه يشتكي سقماً

 

وما إلى أحدٍ غير الحسين شكا

 

فما رأى السبط للدين الحنيف شفاً

 

إلاّ إذا دمه في كربلا سفكا

 

بقتله فاح للإسلام نشر هدى

 

فكلّما ذكرته المسلمون ذكا

 

*******


السّلام عليك يا أبا عبدالله، السّلام عليك يا ابن رسولُ الله، السّلام عليك يا ابنَ سيد الوصين، السّلام عليك يا ابن فاطمة سيدة نساء العالمين. أشهدُ أنّك من دعائم الدّين، وأركان المسلمين، ومعقل المؤمنين، وأشهد أنّك الإمامُ البرُّ التقيّ، الرضيُّ الزكيّ، الهادي المهديّ. إخوتنا الأعزّة المؤمنين، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته…وتقبّل اللهُ طاعاتكم، وزاد في إيمانكم وولائكم وعبادتكم، وأهلاً بكم في رحابٍ جديدةٍ من آفاق الإمام السبط الشهيد الإمام أبي عبدالله الحسين صلوات الله وسلامه عليه. أيها الإخوة الأفاضل…إنّ أشرف مخلوقٍ في هذا الوجود خلقه الله تبارك وتعالى هو الإنسان، وذلك بأدلّةٍ عديدة، منها أنّ من هذا الإنسان خلق الله أشرف الكائنات، وهو النبيُّ الأعظم، والرسولُ الأكرم، محمّدٌ المصطفى صلّى الله عليه وآله وسلّم، كما خلق أهل بيته الأطهار، فاطمة وعلياً والحسن والحسين والتسعة الأئمّة المعصومين من ذرية الإمام الحسين، صلوات الله عليهم ما اختلف اللّيل والنهار. ومن الأدلّة القرآنية على أشرفية الإنسان على المخلوقات، قول الله جلّ وعلا: "وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً" الإسراء۷۰ قال أهل التفسير: الآية مسوقةٌ لإمتنان الله عزّ شأنه على البشر، مشوباً ذلك بالعتاب عليهم، لنسيانهم ربّهم وإعراضهم عن دعائه، مع أنّهم متقلّبون دائماً بين نعمه التي لا تحصي، فنبّه تبارك وتعالى على جملة تكريمه وتفضيله، ليعلم بذلك مزيدُ عنايته عزّ وجلّ بالإنسان. والتكريم- أيها الإخوة الأحبّة – هو التخصيص بالعناية والتشريف بما يختصّ به ولا يوجد في غيره، فهو معنى نفسيّ، بأن جُعِل الإنسان شريفاً ذا كرامةٍ في نفسه. أمّا تفضيل الإنسان على الخلق، فهو معنى إضافيّ، يعني تخصيصه بزيادة العطاء بالنسبة إلى غيره…وهذه الحقيقة في الإنسان- أيها الأعزّة- معلومةٌ واضحة، إذ يختصّ الإنسان من بين الموجودات الكونية بالعقل، ويزيد على بقية المخلوقات في جميع الصفات والأحوال التي توجد بينها، وفي جميع الأعمال التي يأتي بها. وهنا- إخوتنا الأكارم- أحببنا أن تقول: إنّ من خصائص الإنسان التي كرّمه الله تعالى بها هو قدرة التغيير، وسلطة التولّي والهيمنة على الأمور، والقابلية على الإصلاح والتحسين. وتتجلّى هذه الخصائص بأسمى حالاتها وأشرف صورها في الرسل والأنبياء، والأوصياء الأولياء…صلوات الله عليهم أجمعين، إذ أوكل الله سبحانه وتعالى إليهم مهامّ التأسيس والبناء، والبعث والأحياء…فجذّروا الإيمان والهداية والشرائع، وبعثوا الفطرة وأحيوا الإنسان الهالك بضلاله، فرغّبوا في الطاعات والعبادات، وشوّقوا إلى مكارم الأخلاق والفضائل والقيم الإنسانية الرفيعة، وغيروا وبدّلوا بما فيه خيرُ الإنسان وصلاحه ونجاته، وفوزه وسعادته.

*******


أجل- أيها الإخوة الأعزّة- إنّ من تكريم الله تبارك شأنه للإنسان أن أودع فيها المواهب الخلّاقة، والاستعدادات العظيمة على إصلاح نفسه وإصلاح الآخرين، وعلى ترك الآثارالمهمّة في هذا العالم…حتّى جاء عن أميرالمؤمنين ـ عليه السَّلام ـ ممّآ ينسب إليه من الشعر قوله مخاطباً هذا الوجود الفخم الكبير، الإنسان:

دواؤك فيك وما تشعُرُ

 

وداؤكَ منك وما تبصِرُ!

 

وتحسبُ أنّك جرمٌ صغير

 

وفيك انطوى العالمُ الأكبر!


أجل- أيها الإخوة- هذا هو الإنسان، الذي دعاه الله تعالى تكريماً له أن يتشبّه به جلّ وعلا…كيف؟ حين خاطبه في الحديث القدسي الشريف: "عبدي أطعني تكن مِثْلِي- وفي بعض النصوص: تكن مَثَلِي، تقول للشيء كن، فيكون"، وكذا حين خاطب الحديث النبويُّ الشريف مجتمع الإنسان بقوله لهم: (( تخلّقوا بأخلاق الله تعالى)). ومن أخلاق الله تبارك وتعالى- أيها الإخوة الأحبّة- إحياءُ الخيرِ والكرامة والقيم العليا في الإنسان، كما أنّ أفضل من تخلّق بأخلاق الله جلّ جلاله هم الأنبياء، والأوصياء، الذين كان منهم الإمام أبوعبدالله الحسين بن عليٍّ وابنُ فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه وآله، هذا العبد الصالح الذي نذر حياته الطاهرة المباركة في طاعة الله وعبادته، ومرضاته، وكان منها إصلاحُ هذه الأمّة التي انتكست يومها، فَهَمَّ سلام الله عليه - وهوالغيورُعلى دين الله وشرعه، وعلى رسالة جدّه، وعلى نهج أهل بيته - همَّ أن يحيى في الناس عقائد الإسلام الحقّة، ومفاهيمه العالية، وأخلاقه الكريمة الفاضلة، ويرشد الناس إلى وصايا القرآن العظيم، وإرشادات النبيّ الكريم، وينبّههمُ إلى حالتهم التي آلوا إليها بعد تركهم ولاية أئمّة الحقّ والهدى من أهل بيت الوحي والنبوّة والرسالة. نهض أبوعبدالله الحسين ـ عليه السَّلام ـ بكلّ ذلك، باذلاً فيه جهوده الوفية، وتضحياته السخية، التي قدّم فيها أعزَّ أعزَّته، حتّى ختمها بنفسه الطيبةِ الزكية.

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة