البث المباشر

عون بن جعفر الطيار

الثلاثاء 21 مايو 2019 - 14:17 بتوقيت طهران

سطت .. ورحى الهيجاء تطحن شوسها

ووجه الضحى في نقعها متنقبُ

تهلل بشراً بالقراع وجوهها

وكم وجه ضرغام هناك مقطبُ

وتلتذ إن جاءت لها السمرُ تلتوي

وللبيض إن سلت لدى الضرب تطرب

أعزاء لا تلوي الرقاب لفادح

ولا من الوف في الكريهة ترهبُ

فما لسوى العلياء تاقت نفوسهم

ولم تك في شيء سوى العزّ ترغب

فلو أنّ مجدا ً في الثريّا لحلقت

اليه، وشأن الشهم للمجد يطلب

فأسيافهم يوم الوغى تمطر الدّما

وأيديهم من جودها الدهر مخصب

وما برحت تقري المواضي لحومها

ومن دمها السمر العاوسل تشرب

الى ان تهاوت كالكواكب في الثرى

وما بعدهم يا ليت لا لاح كوكب!

من شهداء طف كربلاء ولد لعبد الله بن الشهيد جعفر الطيار عليه الرحمة والرضوان ذلك هو عون بن عبد الله بن جعفر، أمه السيدة المكرمة، عقيلة آل أبي طالب، مجللة بني هاشم، زينب الكبرى، الصديقة الصغرى بعد أمها الصديقة الكبرى فاطمة الزهراء (سلام الله عليها) زينب بنت أمير المؤمنين علي (عليه السلام)، من أشرف بيت وأطهر بيت وأزكى سلالة في الوجود البشري التي تربت في حجر النبي، وكنف الوصيّ، ورضعت لبن الايمان الاكمل من أمها سيدة نساء العالمين، فكانت سليلة الرسالة والامامة والعصمة، وربيبة الوحي والسنة الطاهرة. وقد عاشت في بيت يواكب وقائع الاسلام، ويتحمل أشد المحن وأنواع الفتن وأقسى الآلام، فنشأت صبورة مضحية وفيّة لم تفارق أمها ولا أبها ولا أخاها حتى استشهدوا صلوات الله عليهم، فعاضدت أخاها وإمام زمانها سبط رسول الله وريحانته وسيد شباب اهل الجنة أبا عبد الله الحسين (عليه السلام)، خرجت معه الى مكة، ثم الى العراق، حيث كربلاء الملحمة، كربلاء الشهادة والصبر والفاجعة. وقد كان برفقتها ولد بار هو عون بن عبد الله بن جعفر، وكان هذا الشاب المؤمن على سر امه زينب (سلام الله عليها)، فآزر خاله وإمامه الحسين، ونصره وانتصر له، فخرج معه الى كربلاء، وحظي بكلمة سيد الشهداء أبي عبد الله صلوات الله عليه حيث قال: "فإني لا أعلم أصحاباً أوفى ولا خيراً من أصحابي، ولا أهل بيت أبرّ ولا أوصل من أهل بيتي، فجزاكم الله عنيّ خيراً". 

*******

وقد اقترن اسم العقيلة زينب (سلام الله عليها) بأسم اخيها الحسين (عليه السلام) في واقعة عاشوراء بصورة ملحمية حماسية لا نظير لها في التأريخ الانساني، فلا يكاد يذكر احدهما دون الآخر، وهذا ما يشير الى عمق الحضور الزينبي في الملحمة العاشورائية، نفحة عن هذا الحضور نجدها معاً في الحديث الهاتفي التالي لخطيب المنبر الحسيني سماحة الشيخ باقر الصادقي:
الشيخ باقر الصادقي: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين حبيب الله العالمين ابا القاسم محمد وآله الطاهرين، كان لحضور العقيلة عقيلة الطالبيين الحوراء زينب صلوات الله وسلامه عليها في واقعة الطف حضوراً فاعلاً وبعلم الامام الحسين على علم اتى بها، لان الامام الحسين كان يرى بعلم الغيب الذي اطلعه الله عليه ما للحوراء زينب من دور في يوم الطف وفي يوم عاشوراء، لذلك لما خاطبه بن عباس اذا كنت عزمت على الرحيل فلما تأخذ معك النسوة؟ 
فقال (عليه السلام): شاء الله ان يراني قتيلاً وشاء الله ان يراهن سبايا، فحاول بن عباس ان يمنع الامام الحسين واذا بالحوراء زينب من خلف الستر. 
قالت: يا بن عباس اتريد ان تمنع شيخنا وعميدنا من ان يأخذنا وهل ابقى انا لزمان غيره فالنحيا معاً ونموت معاً، فاقبلت الحوراء زينب وكان لها دوراً فاعلاً في المحافظة على العيال وخصوصاً في يوم عاشوراء كان لها دور في المحافظة على زين العابدين، لان النسل المبارك سوف يستمر عن طريق الامام زين العابدين، وفعلاً بعد ان وقع الحسين صريعاً في يوم عاشوراء جاءوا الى الخيام وجاءوا الى خيمة الامام زين العابدين واراد الشمر اللعين ان يقتل العليل الامام زين العابدين فهبت الحوراء بنفسها عليه وقالت حسبك ما اخذت من دمائنا ان كنت عزمت على قتله فاقتلني معه، فنظر عمر بن سعد الى هذا المنظر فقال اتركوه لما به انه عليل مريض، وحالت الحوراء زينب بهذا الموقف للدفاع عن الامام زين العابدين (سلام الله عليه)، فلذلك للمحافظة على عيال ابي عبد الله الحسين على النساء والايتام فكان هذا من جملة الادوار التي قامت بها الحوراء، وان كان هناك ادوار لكن هذه في حلقة اخرى غير هذه الحلقة بعد شهادة الحسين من نشر مظلومية الامام الحسين، وصدق الاديب حيث يقول وتشاطرت هي والحسين بدعوة حكم القضاء عليهما ان يندبا هذا بمعترك النصول وهذه من حيث معترك المكاره في السبا، وهذا له حديث خاص بعدما استشهد الحسين ما هي الادوار التي قامت بها الحوراء زينب، لكن حديث الحلقة عن دور الحوراء زينب في يوم الطف في يوم عاشوراء وكان لها الدور البارز في المحافظة على الامام والمحافظة على بنات الرسالة والوقوف امام الاعداء لان يقوموا باشياء فكان موقف العقيلة في الحقيقة موقف مشرف، فسلام عليها يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تبعث حياً، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآله الطاهرين.

*******

حديثنا فيها عن القربان الزينبي عون (سلام الله عليه) وعون بن عبد الله، ابن العقيلة المكرمة زينب الكبرى، هو من أهل بيت الامام الحسين (عليه السلام)، فيكون من أبرّهم وأوصلهم وقد أجازهم (سلام الله عليه) والاصحاب معهم بالعودة الى المدينة وغيرها، حيث قال لهم: "هذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملاً، وليأخذ كل رجل منكم بيد رجل من أهل بيتي وتفرقوا في سوادكم ومدائنكم ؛ فإن القوم إنما يطلبونني، ولو أصابوني لذهلوا عن طلب غيري". 
فقال له إخوته وأبناؤه، وبنو أخيه الحسن وابنا عبد الله بن جعفر، عون ومحمد: ولم ذلك؟! لنبقى بعدك؟! لا أرانا الله ذلك أبداً! بدأهم بهذا القول أبو الفضل العباس بن عليّ، ثم تابعه الهاشميون، وفيهم عون بن عبد الله بن جعفر. 
بعد حملة آل أبي طالب المتراصة، والتي استشهد فيها جماعة كثيرة من آل بيت الحسين عليه وعليهم السلام، كان ممن برز الى ساحة كربلاء يستأذن إمامه عون بن عبد الله بن جعفر، ابن العقيلة زينب الكبرى (عليها السلام)، برز وأمه تنظر الى ولدها من خيمتها، فخرج عون الى حومة الجهاد وهو يقول مفتخراً وبجده الشهيد جعفر الطيار ويرتجز: 

إن تنكروني فأنا ابن جعفر

شهيد صدقٍ في الجنان أزهر

يطير فيها بجناح أخضر

كفى بهذا شرفاً في المحشر

ثم صال عون بن عبد الله وجال، وأخذ يضرب في القوم بسيفه يمنة ً ويسرة ً يقاتل قتال الابطال، يشنّ هجوماً بعد آخر على أعداء الله الناكثين، حتى قتل من عسكر عمر بن سعد ثلاثة فوارس وثمانية عشر راجلاً. فما كان من الغدرة الا أن يتزاحموا عليه أفواجاً من كل جانبٍ وهو وحده، فلما احيط به، تجرأ عبد الله بن قطنة الطائي النبهانيّ، أو التيهانيّ، فحمل عليه وضربه ضربة قاتلة، فوقع شهيداً مضمخاً بدمه، وفيه يقول سليمان بن قتة التيميّ، من قصيدة يرثي بها الامام الحسين وشهداء يوم عاشوراء: 

عيني جودي بعبرةٍ وعويل

واندبني إن بكيت آل الرسول

ستة كلهم لصلب عليّ

قد أصيبوا، وسبعة لعقيل

واندبني إن ندبت عوناً أخاهم

ليس فيما ينوبهم بخذول

فلعمري لقد أصيب ذوو القربى

فابكي على المصاب الطويل

ويدخل بعض الموالي على عبد الله بن جعفر ونعى اليه ولديه عوناً ومحمداً، فاسترجع عبد الله قائلاً: «إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ».
فقال أبو السلاسل: هذا ما لقينا من الحسين! 
فحذفه عبد الله بن جعفر بنعله، ثم قال له: يا ابن اللخناء! أللحسين تقول هذا؟! والله لو شهدته لأحببت أن لا أفارقه حتى اقتل معه. والله إنه لما يسخي بنفسي عنهما (عن عون ومحمد)، ويعزيّ عن المصاب بهما، أنهما اصيباً مع أخي وابن عميّ.. الحسين، مواسيين له، صابرين معه. 
ثم أقبل عبد الله بن جعفر على جلسائه فقال: الحمد لله. عزّ عليّ مصرع الحسين أن لا أكون آسيت حسيناً بيدي، فقد آساه ولداي. 
ونحن نقول: سلام من الله تعالى عليك، ومن الامام المهدي صلوات الله عليه، حيث زارك والشهداء معك، وتوجه اليك بهذا السلام: "السلام على عون بن عبد الله، ابن جعفر الطيار في الجنان، حليف الايمان، ومنازل الاقران، الناصح للرحمان، التالي للمثاني والقرآن، لعن الله قاتله عبد الله بن قطبة النبهانيّ". 

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة