البث المباشر

عناصر الخيال في أدب خاتم الأنبياء(ص)

الإثنين 13 مايو 2019 - 14:08 بتوقيت طهران

السلام عليكم أيها الأعزاء ورحمة الله، تحية مباركة طيبة نهديها لكم في مطلع لقاء اليوم من برنامجكم هذا والذي نسعى فيه لمعرفة خصوصيات الأدب المحمدي وهو أبلغ الكلام بعد كلام الله المجيد.
في هذا اللقاء نتعرف على خصوصيات كلام سيد البلغاء وخاتم الأنبياء – صلى الله عليه وآله- في استخدام القصة بمختلف أنواعها، تابعونا على بركة الله.
مستمعينا الأفاضل لقد توسل النص الحديثي بالأسلوب القصصي في الوعظ والتبليغ ونشر الأفكار والأهداف الإسلامية العظيمة، فالروايات الواردة عن النبي الأكرم – صلى الله عليه وآله- وعن المعصومين (عليهم السلام) قد تشكلت بعضها بشكل الأسلوب القصصي الذي يحتوي على عناصر القصة ومقوماتها من عقدة قصصية وحوار وحدث وزمان ومكان يستغرق الحدث ويؤطره، وسواء كانت هذه القصص من نوع ضرب الأمثال أو قصة تسجيله أو وقائع جرت نقلها رسول الله – صلى الله عليه وآله- لنا، فهي موشحة بلغة القصة والحكاية في مختلف نماذجها.
فمثلاً تعلمون أن القصة التاريخية هي قصة تنقل أحداث التاريخ الماضي، وهذه القصص التاريخية دخلت في مأثور الأدب الديني القديم وفي الكتب السماوية المنزلة، وقد أخذت حظاً وموقعاً كبيراً في روايات النبي (ص) والأئمة المعصومين (عليهم السلام)؛ فقد قال (ص): "إن جبرائيل نزل علي بكتاب فيه خبر الملوك، ملوك الأرض قبلي، وخبر من بعث قبلي من الأنبياء والرسل".
مستمعينا الأكارم، يظهر للمتابع لأشكال القصص النبوية وبنائها أن النبي (ص) لم يكن مهملاً لعمارة النص الأدبي فيها، وإن كان (ص) يرى أن القصة ميدان رحب لمجموعة من الأفكار والموضوعات التي تقتضيها المرحلة الزمنية لتبليغه الرسالي، فتأخذ شكلاً خاصاً بها، وقد تكون أحداث القصة واقعية فتروى كما حدثت، أو تكون الأحداث فرضية، فالهدف من هذه القصة هو التهذيب والتعليم الديني والأخلاقي، ولا تمتنع هذه الأحداث المفترضة من أن تأخذ طابع الصدق الفني والصدق الواقعي.
ولدى دراسة نصوص التراث المحمدي وخصوصاً القصصي منها يلحظ التميز والإنفراد في التقنية، فقد تميزت نصوص منها بظاهرة الإنتقاء في الحوار والإقتصاد للألفاظ والأحداث والإقتصار على ما هو ضروري منها، فيواجه القارئ أو السامع عبارات محذوفة كانت أولى بالذكر منها من الحذف، ولكن حرصت هذه النصوص على الإيجاز، فجاءت القصة مجملة، كما أنها تهدف إلى وضع القارئ والسامع في مستوى المشاركة الفنية في تكملة فصول القصة أو وضع الأحكام والنهايات لها، وقد يختلف عنصر الزمان والمكان فيها عن القصص الأخرى، فالغرض الذي يسعى اليه ويؤكده في تقنيته هو إبراز الأفكار والمعاني، وغرضه – صلى الله عليه وآله – من التوظيف للقصة أو الحكاية هو تشويق الإنسان لنمط من السلوك، فالنبي (ص) يسعى إلى زرع بذور الاعتقادات والأصول الدينية في نفوس المسلمين، فتراه يعظهم بالأسلوب القصصي أحياناً، كما في الرواية التي رواها الإمام الصادق (ع) عن النبي (ص) والتي يقول فيها كما جاء في تفسير علي بن أبي ابراهيم: "لما أسري بي إلى السماء دخلت الجنة فرأيت فيها ملائكة يبنون لبنة من ذهب ولبنة من فضة، وربما أمسكوا فقلت ما لكم ربما بنيتم وربما أمسكتم! فقالوا: قول المؤمن في الدنيا "سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، فإذا قال بنينا وإذا أمسك أمسكنا".
ففي هذه الحكاية، أيها الأخوة، نجد الفن والمعرفة والجمال والمتعة، حيث نجد فيها بنائين ليسوا من جنس البشر، بل هم ملائكة كرام، يفعلون ما يؤمرون، فتراهم يتحركون طبقاً لمشاعر الإنسان وتقريره وأقواله، فالزمان والمكان غير مألوفين وغير مشاهدين، والحدث هو يومي ويتكرر.
مستمعينا الأكارم وختاماً نسجل النتيجة المحورية التي نستفيدها من هذا اللقاء وهي؛
إن النبي الأكرم – صلى الله عليه وآله – قد استعان بالأدب القصصي في مواعظه وكلامه مقتدياً بالأسلوب القرآني الذي قدم للمجتمع البشري أحسن القصص، وتميز الأدب القصصي المحمدي بمعظم مميزات الأدب القصصي القرآني من عرض الحوادث الأساسية المؤثرة في تحقق الهدف التربوي المطلوب من عرض أصل القصة.
وبهذه النتيجة نختم أيها الأعزاء لقاء اليوم من برنامجكم (تأملات في أدب المصطفى (ص)) استمعتم له من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في إيران، شكراً لكم ودمتم في رعاية الله.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة