البث المباشر

التواصي بالحق والتواصي بالصبر/حكمة نزول عيسى – عليه السلام – في آخر الزمان/أوبة للزيارة

الأربعاء 17 إبريل 2019 - 15:06 بتوقيت طهران

(الحلقة : 399)

موضوع البرنامج:
التواصي بالحق والتواصي بالصبر
حكمة نزول عيسى – عليه السلام – في آخر الزمان
أوبة للزيارة

يا صاحب الأمر أدركنا على عجل

قد مسنا الضر يكفي ما بلوناه

ألف وستون عاماً أو يزيد مضت

على غيابك والأعوام أشباه

وارحمتاه لمن قد بات منتظراً

مسهد النوم لم تسعفه عيناه

وكيف يرقد من قد غاب سيده

عن ناظريه، أيغضي عنه مولاه

بسم الله والحمد لله غياث المستغيثين وأرحم الراحمين..
وأزكى صلواته وتحياته وبركاته على عروته الوثقى وحبله المتين محمد وآله الطيبين الطاهرين.
السلام عليكم أعزاءنا ورحمة الله وبركاته..
أهلاً بكم في حلقة اليوم من برنامجكم هذا اخترنا لمطلعه وما بين فقراته أبياتاً من قصيدة مهدوية للأديب الدكتور يحيى الشامي.
ولنا في هذا اللقاء فقرات ثلاث الأولى عن تكاليف عصر الغيبة عنوانها
التواصي بالحق والتواصي بالصبر
وإجابة عن سؤال الأخت عائدة محمد بشأن حكمة نزول عيسى – عليه السلام – في آخر الزمان
ثم حكاية موثقة أخرى عنوان: أوبة للزيارة
تابعونا على بركة الله وأولى هذه الفقرات تحت عنوان:

التواصي بالحق والتواصي بالصبر

روى ثقة الإسلام الكليني في الأصول من كتاب الكافي بسنده عن يمان التمار قال:
"كنا عند أبي عبدالله [الصادق] عليه السلام جلوساً فقال لنا:
إن لصاحب هذا الأمر غيبة، المتمسك فيها بدينه كالخارط للقتاد... فأيكم يمسك شوك القتاد بيده؟
ثم أطرق – عليه السلام – ملياً، ثم قال:
إن لصاحب هذا الأمر غيبة فليتق الله عبد وليتمسك بدينه"
.
أيها الإخوة والأخوات، يشمل هذا الحديث الشريف على وصية مؤكدة لمؤمني عصر الغية، بالتمسك بالدين الحق بكل قوة رغم صعوبة القيام بذلك بسبب شدة الصعوبات والفتن التي يعج بها هذا العصر.
هذه الصعوبات يبين شدتها ببلاغة مولانا الإمام الصادق عندما يصف – عليه السلام – المتمسك بدينه بالرغم منها كالخارط للقتاد بيده، والقتاد نبات طويل الساق فيه شوك قوي شديد الإيذاء.
والمعنى نفسه رواه حفاظ الجمهور في كتبهم عن رسول الله – صلى الله عليه وآله – وهو يصف صعوبة التمسك بالدين الحق في ظل فتن آخر الزمان كالقبض على الجمر.
فقد روى الترمذي في سننه وابن حنبل في مسنده والديلمي في الفردوس وغيرهم بأسانيد عدة عن النبي الأكرم – صلى الله عليه وآله – أنه قال:
(يأتي على الناس زمان الصابر على دينه كالقابض على الجمر)
وهذه رواية الترمذي وجاء ضمن رواية ابن حنبل والديلمي قوله – صلى الله عليه وآله – (...فتنا كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمناً ويسمى كافراً، يبيع قوم دينهم بعرض من الدنيا قليل، المتمسك يومئذ بدينه كالقابض على الجمر).
وهنا نسألأ كيف يتحقق للمؤمن النجاة من هذه الفتن والتمسك بالدين الحق والصبر على مشاق ذلك؟
مستمعينا الأفاضل، للإجابة عن هذا السؤال نرجع الى أحد محكمات السور القرآنية الكريمة تحمل المضمون الأساس الذي تبينه الأحاديث الشريفة إنها سورة العصر المباركة التي تصرح بأن الذين ينجون من الحشرات المبين بجميع درجاته الظاهرة والخفية هم الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر.
وقد ورد في الأحاديث الشريفة تصريح بأن أهم وأبرز المصاديق التي تنطبق عليها هذه السورة الكريمة هو ما يشهده عصر الغيبة وهذا ما ينسجم أيضاً مع الأحاديث المتقدمة التي رواها علماء أهل السنة عن النبي الأعظم – صلى الله عليه وآله – وكذلك حديث الإمام الصادق – عليه السلام -.
وتطبيق السورة في أهم مصاديقها على ما يرتبط بالإمام المهدي وصعوبات غيبته – عجل الله فرجه – جاء على لسان الإمام الصادق أيضاً، فقد روي في كتاب كمال الدين للشيخ الصدوق وتفاسير الصافي والبرهان ونور الثقلين وكنز الدقائق وغيرها، عن هذه السورة فقال في بيان مصداقها الأهم:
العصر: عصر خروج القائم عليه السلام.
إن الإنسان لفي خسر: يعني أعداءنا.
إلا الذين آمنوا: يعني بآياتنا.
وعملوا الصالحات: يعني بمواساة الإخوان.
وتواصوا بالحق: يعني بالإمامة.
وتواصوا بالصبر: يعني في الفترة – وهي في مصطلح أهل البيت – عليه السلام – عصر غيبة المهدي – عجل الله تعالى فرجه الشريف.
ومن الحديث المتقدم يتضح أن التمسك بالدين الحق والنجاة من فتن عصر الغيبة يتحقق بما يلي:
أولاً: تقوية الإيمان بالله ورسوله – صلى الله عليه وآله – من خلال التفاعل المستمر على بيانات أهل البيت – عليهم السلام – وهو المشار إليه بقوله – عليه السلام – يعني: بآياتنا.
وهذا يعني ترسيخ المعرفة الصحيحة بهم – عليهم السلام – وفي ذلك ترسيخ الإيمان بالله ورسوله، فينجوا بذلك الإنسان من التقلب العقائدي فلا يصبح مؤمناً ويمسي كافراً كما ورد في الحديث النبوي المتقدم.
وثانياً: أن يهتم مؤمنو عصر الغيبة بمواساة بعضهم البعض لكي لا يفقدهم دينهم بفعل الإغراءات المادية فلا يكونوا كالذين يبيعون دينهم بعرض من الدنيا قليل كما ورد في تعبير الحديث النبوي المشار إليه.
وثالثاً: أن يتواصوا فيما بينهم بالحق والصبر في ظل صعوبات عصر الغيبة فيعين بذلك بعضهم بعضاً على الثبات والتمسك بالدين الحق، وهذا ما يتحقق من خلال مجالس إحياء أمر أهل البيت النبوي وخاتمهم المهدي – عليهم وعليه أفضل الصلاة والسلام.

كيف السلو ومن فرط الجوى كبد

حرى تفجر ناراً من حمياه

قد ضجت الأرض من ظلم فشا وطمى

بها وضاقت على المظلوم دنياه

كفى انتظاراً فإن الدين قابضه

كقابض الجمر في كفيه يصلاه

ما غير بابك من باب فنقرعه

حاشا، أتوصد باباً قد قرعناه

لا زال معكم أعزاءنا مستمعي إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران وحلقة اليوم من برنامجكم شمس خلف السحاب.
من الأخت عائدة محمد وصل للبرنامج سؤال عن نزول عيسى – على نبينا وآله وعليه وأمه أفضل الصلاة والسلام – وما الحكمة من أن يقع عند ظهور الإمام المهدي – عليه السلام – وهل سيؤمن به النصارى فقط أم اليهود أيضاً؟
لنستمع أيها الأكارم لما تجيب به الأحاديث الشريفة عن هذا السؤال من أخينا الحاج عباس باقري..

باقري: بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم أيها الأخوة والأخوات وسلام على أختنا الكريمة عائدة محمد. أخت عائدة الأحاديث الشريفة الواردة من طرق الفريقين وفيها الكثير من الأحاديث المنقولة من أسانيد صحيحة ومعتبرة عن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وعن أئمة العترة الطاهرين تصرح بنزول عيسى عند ظهور المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف، هذا الأمر ثابت ولايحتاج الى إستدلال، المضمون على الأقل هو مضمون نزول عيسى عليه السلام عند ظهور المهدي سلام الله عليه هو مضمون متواتر يمكن إثبات تواتره بأدنى مطالعة ومراجعة للأحاديث الواردة في مصادر الفريقين أما بالنسبة للحكمة من نزوله سلام الله عليه يمكن فهمها من خلال الاستفادة من احاديث شريفة اخرى تؤكد أنه في زمن ظهور الامام المهدي سلام الله عليه يكون أغلب الناس من الروم، تعبير الروم يعني المسيحيين، يعني اكثر الديانات إنتشاراً بين سكان المعمورة الأرض هي الديانة المسيحية وهذا الأمر وجداني اليوم، اليوم أكثر المجتمعات او الشعوب في العالم يدينون بالديانة المسيحية سواء كان على نحو الالتزام الفعلي او على نحو الاعتقاد الاجمالي هم تابعون لعيسى، هذا أولاً وثانياً المتدينين اليهود ينتظرون مجيء المسيح الحقيقي، هم يعتقدون أن عيسى الذي وعدوا به لم يأتي، هم كفروا بعيسى مع أنه لديهم بشارات بمجيء عيسى، هم ينتظرون مجيء عيسى. المسيحيون هم الأكثر واليهود ايضاً ينتظرون يعني ديانتين بعد الاسلام وأكثرهم إنتشاراً وكلاهما ينتظران نزول عيسى. عندما ينزل عيسى تتضح هنا الحكمة بأنه يكون حجة بالغة من الله تبارك وتعالى على اليهود وعلى النصارى بوجوب الايمان وإتباع المهدي المحمدي خاتم الأوصياء عجل الله تعالى فرجه الشريف لذلك أكدت الأحاديث الشريفة الواردة من طرق الفريقين على امرين، الأمر الأول صلاة عيسى خلف المهدي "وإمامكم منكم" في الأحاديث النبوية من تعبير النبي صلى الله عليه وآله، هذه إشارة الى أنه يدعو اليهود والنصارى الى إتباع الامام المهدي سلام الله عليه فتتم بذلك الحجة البالغة عليهم. الأمر الثاني الذي أكدته الأحاديث الشريفة قضية كسره الصليب، كسر الصليب إشارته الى التحريفات التي طرأت على الديانة النصرانية. أما هل سيؤمن به اليهود والمسيحيون؟ بالنسبة لهذا الجانب من السؤال. نعم هنالك طوائف تلتحق حتى من اليهود، وردت روايات أنه بعد نزول عيسى بعض الأتباع للدجال ينفصلون ويلتحقون بالامام المهدي عليه السلام، وإلتحاق النصارى أيسر من ذلك. عجل الله تعالى فرجه الشريف أرواحنا له الفداء.
نشكر أخانا الحاج عباس باقري على هذه الإجابة ونتابع تقديم البرنامج بنقل حكاية موثقة أخرى تحمل لنا أحد مصاديق الإنتفاع بمولانا إمام العصر في غيبته كما ينتفع بالشمس إذا غيبها السحاب.
العنوان الذي اخترناه لحكاية اليوم – أعزاءنا – هو:

أوبة للزيارة

مستمعينا الأطائب، الحكاية التالية نقلها العلامة المتبع آية الله الميرزا النوري في كتاب جنة المأوى فيمن رأى القائم المهدي في الغيبة الكبرى، وهي ترتبط بالعارف الجليل والفقيه الورع المجتهد في نشر معارف أهل البيت – عليهم السلام – آية الله السيد مهدي القزويني من أعلام علماء الإمامية في القرن الهجري الثالث عشر – رضوان الله عليه -.
والحكاية تحمل لنا دلالة مهمة في اهتمام مولانا إمام العصر – سلام الله عليه – في الحث على زيارة المشاهد المشرفة والتعبد لله عزوجل فيها لكونها البيوت التي أذن الله أن ترفع ويذكر فيها إسمه وتشد عباده الى الدين الحق؛ وكذلك حرصه – أرواحنا فداه – على منع الإعراض عنها وتوجيه العلماء الأعلام إليها.
ننقل لكم هذه الحكاية طبق ما ورد في المصدر المذكور مع اختصار طفيف فابقوا معنا مشكورين.
نقل العلامة النوري – قدس سره – هذه الحكاية عن آية الله السيد محمد نجل آية الله السيد مهدي القزويني – رضوان الله عليهما – قال السيد محمد:
حدثني الوالد – أعلى الله مقامه – قال:
لازمت الخروج الى منطقة الجزيرة – وهي أعزاءنا من مناطق الفرات الأوسط في العراق – قال: وذلك لإرشاد عشائر بني زبيد الى مذهب الحق.
وكان في الجزيرة مزار معروف بقبر الحمزة بن الإمام الكاظم – وهو الذي يعرف أيها الإخوة اليوم بالحمزة الغري – وكان يزوره الناس ويذكرون له كرامات كثيرة وحوله قرية تحتوي على مائة دار.
فكنت استطرق الجزيرة وأمر عليه ولا أزوره لما صح عندي أن الحمزة بن الكاظم – عليهما السلام – قبره في الري عند قبر السيد عبد العظيم الحسني.
فخرجت مرة ونزلت ضيفاً عند أهل تلك القرية، فتوقعوا مني أن أزور المرقد المذكور فأبيت، ولذلك قلت رغبة الناس فيه لإعراضي عنه.
ثم ركبت من عندهم وبت تلك الليلة في قرية المزيدية عند بعض ساداتها، فلما كان وقت السحر جلست لنافلة الليل وتهيأت للصلاة، فلما صليت النافلة بقيت أرتقب طلوع الفجر وأنا على هيئة التعقيب إذ دخل علي سيد أعرفه بالصلاح والتقوى من سادة تلك القرية، فسلم وجلس ثم قال: بالأمس تضيفت أهل قرية الحمزة وما زرته؟
قلت: نعم، قال: ولم ذلك؟
قلت: لأني لا أزور من لا أعرف والحمزة بن الإمام الكاظم عليه السلام مدفون بالري.
فقال: رب مشهور لا أصل له، ليس هذا قبر الحمزة بن موسى الكاظم عليه السلام وإن اشتهر أنه كذلك، بل هو قبر أبي يعلى حمزة بن القاسم العلوي العباسي أحد علماء الإجازة وأهل الحديث، وقد ذكره أهل الرجال في كتبهم وأثنوا عليه بالعلم والورع.
مستمعينا الأكارم..
لم يهتم آية الله السيد مهدي القزويني – قدس سره – في البداية بكلام هذا الرجل لأنه ظن أنه ذلك السيد الذي عرفه من أهل قرية السادة المزيدية، لكن الأمر اختلف فيما بعد ورأى السيد القزويني ما أيقن معه أن زائره الذي دعاه لزيارة ذلك المرقد المبارك هو إمام العصر – أرواحنا فداه – قال – رضوان الله عليه – في تتمة حكايته:

"فقلت في نفسي: هذا السيد ليس من أهل الإطلاع على الرجال والحديث، فلعله أخذ هذا الكلام عن بعض العلماء.. ثم قمت لأرتقب طلوع الفجر، فقام ذلك السيد وخرج، وأغفلت أن أسأله عمن أخذ هذا القول لأن الفجر قد طلع، وتشاغلت بالصلاة فلما صليت جلست للتعقيب حتى طلعت الشمس، وكان معي جملة من كتب الرجال، فنظرت فيها وإذا الحال كما ذكر".
أيها الإخوة والأخوات .. وكانت هذه هي الإشارة الأولى التي تلقاها آية الله القزويني لإجتناب ما أدى الى قلة رغبة أهل المنطقة في هذا الولي الصالح وهو من أعلام العلماء في عصر الغيبة الصغرى ومن أحفاد مولانا أبي الفضل العباس – صلوات الله عليه – ثم تلقى إشارة ثانية عرف منها أن ما تلقاها هو: هداية مهدوية، قال – رضوان الله عليه -:

"وفي الصباح جائني أهل القرية مسلمّين علي وفيهم ذلك السيد، فقلت جئتني قبل الفجر وأخبرتني عن قبر الحمزة أنه أبو يعلى حمزة بن القاسم العلوي فمن أين لك هذا ومن أين أخذته؟ فقال: والله ما جئتك قبل الفجر ولا رأيتك قبل الساعة ولقد كنت ليلة أمس بائتاً خارج القرية...
فقلت لأهل القرية: الآن لزمني الرجوع الى زيارة الحمزة – عليه السلام – فإني لا أشك في أن الشخص الذي رأيته هو صاحب الأمر – عليه السلام – فركبنا في الحال أنا وجميع أهل القرية وذهبنا لزيارته – عليه السلام-"
.
نشكر لكم أيها الأكارم كرم المتابعة لحلقة اليوم من برنامجكم (شمس خلف السحاب) قدمناها لكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران.. في أمان الله.

 

 

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة