البث المباشر

تفسير موجز للآيات 7 الى 12 من سورة التحريم

الأربعاء 3 مايو 2023 - 10:45 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 1024

 

بسم الله الرحمن الرحيم وبه تبارك وتعالى نستعين والصلاة والسلام على خير الأنام سيدنا محمد وعلى آله الأطيبين الأطهرين.. مستمعينا الأكارم في كل مكان السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركات.. تحية طيبة لكم وأهلاً بكم في هذه الحلقة من برنامجكم القرآني "نهج الحياة" حيث سنتم فيها بإذن الله تفسير ما تبقى من آيات سورة التحريم المباركة..

لنبدأ اللقاء، أيها الأفاضل، بالإستماع الى الآيتين السابعة والثامنة من سورة التحريم..

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ{7} يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ{8}

الآية السابعة من سورة التحريم، أحبتنا الكرام، هي الآية الوحيدة في القرآن التي تبدأ بجملة (يا أيها الذين كفروا) وخاطبت الكافرين وهي تتحدث عن يوم القيامة وأحوالهم فيها.

أما كلمة "نصوح" فهي من النصح بمعنى الخلوص والصدق وأحياناً تكون بمعنى المحكم. وذكر في التفاسير موارد عدة للتوبة النصوح من قبيل: الندم والإستغفار وترك الذنب والتصميم على تركه في المستقبل.

ومما تعلمه إيانا هاتان الآيتان الكريمتان أولاً: لا يُغفر الكفر يوم القيامة وتوبة الكافر لا تنفعه في ذلك اليوم.

ثانياً: يجزى الإنسان يوم القيامة بأعماله لا غير.

ثالثاً: تكون التوبة باللجوء إلى الله، لا بالإعتراف بالذنب عند العباد.

رابعاً: يجب تأميل الناس بالرحمة الإلهية لتحفيزهم على التوبة.

وخامساً: إن الأمل في استجابة الدعاء ناشئ عن قدرة الله المطلقة.

أما الآن، أيها الأكارم، نصغي معاً خاشعين إلى تلاوة الآيتين التاسعة والعاشرة من سورة التحريم المباركة..

يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ{9} ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ{10}

إخوتنا الأفاضل، الأمر بجهاد الكفار والمنافقين هو من الله تعالى، أما شكله وطريقة تنفيذه فهو من صلاحيات الرسول وخلفائه بالحق، لهذا لم يشكل الرسول جيشاً لمحاربة المنافقين، ولكن في عهد خلافة الإمام علي (ع) كان للمنافقين جيش لذا حاربهم الإمام عليه أفضل الصلاة والسلام.

وتشير الآية العاشرة إلى امرأتين على أنهما مثال واضح للكفر، كانتا زوجتين لنبيين وهما زوجة نوح وزوجة لوط عليهما السلام وتعيشان في بيت النبوة، لكنهما كانتا مناصرتين ومتعاونتين مع المخالفين للأنبياء. والآيات اللاحقة تشير إلى إمرأتين أخريين على أنهما مثال سام للإيمان، هما إمرأة فرعون المشرك الظالم والأخرى السيدة مريم عليها السلام.

ومما نتعلم من هاتين الآيتين المباركتين أولاً: الجهاد والحرب يجب أن يخضعا لرقابة القائد الإلهي.

ثانياً: الإسلام دين جامع فيه الرأفة والرحمة من جهة، وفيه الغلظة والشدة من جهة أخرى.

ثالثاً: ينفذ الكفر والنفاق حتى إلى بيوت الأنبياء.

رابعاً: لا يضر فساد الأقارب عدالة القادة الإلهيين وعصمتهم.

وخامساً: خيانة الدين توصل الإنسان إلى مرحلة لا ينفع معها حتى شفاعة الأنبياء.

أيها الإخوة والأخوات، ندعوكم الآن إلى الإستماع الى تلاوة مرتلة من الآيتين الحادية عشرة والثانية عشرة وهي آخر آيات سورة التحريم المباركة..

وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ{11} وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ{12}

أيها الأحبة، تشير الآيتان إلى أنه ليس بالضرورة أن تكون القدوة نبياً أو إماماً معصوماً، وليس بالضرورة أن تكون القدوة سبّاقة في التوحيد. كما تشير إلى أنه ليس ثمة فرق بين المرأة والرجل عند التعريف عن القدوة وتجليل الشخصيات.

أما كلمة "أحصنت" فمن حصن بمعنى القلعة، وعند الحديث عن النساء فتشير الكلمة إلى العفة والطهارة.

وتبين الآية الثانية عشرة، أربعة كمالات للسيدة مريم عليها السلام، وهي العفة والنفخ الروح وتصديق الأنبياء والكتب السماوية والطاعة الخالصة لله تعالى.

ومن إشارات الآية أنه يجب على القدوات أن يكونوا مختلفين بالأجواء والظروف المحيطة لكي يُتمكن من تطبيقها مع أي شخص وفي أي زمان.

مع ختام تفسير سورة التحريم المباركة، أيها الأفاضل، وصلنا وإياكم الى نهاية هذه الحلقة من برنامج "نهج الحياة" فحتى الملتقى في الحلقة القادمة وتفسير سورة أخرى من القرآن العظيم نستودعكم الباري تعالى والسلام خير ختام.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة