البث المباشر

الامام الصادق ع وقيمة الصبر

الإثنين 4 فبراير 2019 - 09:57 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- مع الصادقين: الحلقة 1.. الامام الصادق عليه السلام وقيمة الصبر

قال رسول الله(ص): "انّ القلب يخشع والعين تدمع ولكن لا نقول ما يسخط الرب"

هذه الكلمة العظيمة الخالدة قالها رسول الله(ص) حينما توفي ولده العزيز ابراهيم ابن مارية القبطية وقد كان رسول الله(ص) يحبه كثيراً لأنه أخر اولاده الذكور من صلبه. حينما توفي هذا الولد العزيز الاثير لدى رسول الله(ص) بكي بكاءاً مراً وحزن حزناً له فتقدم احد الصحابة وقال لرسول الله(ص): يا رسول الله انت نهيتنا عن البكاء فلم تبكي في هذه المصيبة، فاجابه رسول الله(ص) بهذه العبارة الخالدة التي ملئها المعرفة وملئها الموعظة قال: "القلب يخشع والعين تدمع ولكن لا نقول ما يسخط الرب".عنى رسول الله(ص) بهذه الكلمة، انّ الانسان المسلم انسان عاطفي، انسان ملئه العاطفة واللطف والاحساس الانساني فلا يمكن للانسان المسلم ان يكون خلياً وفارغاً من هذه الاحساس العاطفي ولا يمكن ان يكون قلبه قطعة من الصخر بل هو انسان ممتلأ احساساً وعاطفة ولطفاً ولهذا فانّ البكاء في فقدان الاحبة امر طبيعي فطري غريزي ينشأ من عاطفة سليمة من قلب سليم ولا يمكن للقلب السليم ان يواجه اية مصيبة بالصبر المطلق وعدم الحزن والغم، فهذا القلب في الحقيقة مريض قلب من جلمود قلب من صخر، القلب السليم هو الذي تتوارد عليه حالات مختلفة من الفرح والاستبشار والغم والحزن لا ان يكون فرحاً دائماً، لا ان يكون حزيناً دائماً وكلّ واحدة من هاتين الحالتين حالة مريضة تعتري القلب ولابد لمن ابتلي بها ان يعالج نفسه، القلب السليم هو الذي يكون محل الخوف والرجاء، للحزن والاستبشار، للحب والبغض، للحب للقيم، الحب لرواد القيم والبغض لاعداء القيم ولما هو ضد القيم ولهذا فان الرسول الاكرم(ص) اعطانا درساً في عبارة الاولى حيث قال ان القلب ليخشع وان العين لتدمع الا ان الذي منع عنه رسول الله(ص) لم يكن البكاء انما هو ان يقول الانسان ما يخالف المشيئة الالهية حينما تأتي المشيئة الالهية حينما يتحقق القدر الالهي. في هذه اللحظة الانسان يجب ان يكون صامداً صابراً لا يشذ في الكلام والفكر والاحساس، القدر الالهي امر يستند الى الحكمة، المشيئة الالهية تنبع من العلم والحكمة الالهية فلا يمكن لانسان مؤمن ان يعترض على هذه المشيئة ويعترض على هذه القدر الالهي وهذا ماعنى به رسول الله (ص) بتلك الجملة: "ولكن لا نقول ما يسخط الرب".

انهما درسان عظيمان، درس في ابراز العاطفة في موضعها ودرس في التزام الصبر في مكانه وقد سار اهل البيت النبوي الشريف على هذا النهج وكان اهل البيت والائمة مقتدين برسول الله في هذا الاسلوب وفي هذا الموقف. واليك القصة التالية: يقول شخص اتيت الى بيت الامام الصادق(ع) لاعود ابناً للامام جعفر فوجدت الامام على الباب فاذا هو مهتم حزين، رأيت الامام حزيناً فقلت: جعلت فداك، كيف الصبي؟ كيف ولدك؟ قال والله انه لما به قال والله انه مريض مرضاً شديداً ثم دخل الامام فمكث ساعة ثم خرج وقد اسفر وجهه وذهب التغيير والحزن والغم فقال ذلك الرجل، فطمعت ان يكون قد صلح الصبي وتعافى لأنني رأيت الامام مسروراً بعد ذلك الحزن والغم فقلت كيف الصبي الان جعلت فذاك؟ فقال الامام قد مضى لسبيله "اي قدمات" فقلت: جعلت فداك لقد كنت وهو حيٌ حزيناً مهتماً مغتماً ولكن اراك الان على غير تلك الحالة فرحاً قد تغيير عنك الحزن، تغيير وجهك وذهب الحزن والتغيير والحال قدمات ذلك الصبي فكيف هذا؟

فقال الامام(ع) وهو يعلمنا درساً في الصبر وفي الرضا ودرسا في العاطفة والاحساس.

قال الامام جعفر الصادق (ع): نحن اهل بيت انما نجزع قبل المصيبة حينما نرى الطفل يعالج المرض، حينما نرى الطفل يمر بمرحلة صعبة لا تسمح بان نقف امامه جامدين لا تدمع عيوننا، العاطفة تفرض علينا ان نكون مغتمين حزينين ولكن اذا وقع الامر الالهي رضينا بقضائه وسلمنا لامره، ان اهل بيت انما نجزع قبل المصيبة فالذا وقع امر الله رضينا بقضائه وسلمنا لامره، ما اعظم هذا الدرس، نحن المسلمين اليوم بحاجة الى هذه الدروس الخالدة العظيمة، هذه الدروس التي تعطينا منهجاً سليماً في تلك الحالات التي تتطلب منا موقفاً عاطفياً وموقفاً أخر موقف الصبر، موقف الصمود والثبات حينما يقع الامر الالهي وتتحقق المشيئة الربانية. هناك اناس اخطئوا الطريق ظنوا ان الانسان عليه ان يكون فرحاً دائماً، مسروراً دائماً هؤلاء لابدّ ان نقول بانهم مرضى القلوب ليسوا بذلك الانسان السوي في قلبه وفي عاطفته وفي احاسيسه انه انسان قد انحرف عن الجادة المستقيمة لاسباب خاصة وهناك من نراه حزيناً دائماً، حزيناً في المصائب في الاحوال والاوضاع المتقلبة هلذا ايضاً مريض لأنه لا يدري ولا يعلم بأن المقتدرات الالهية، بان المشيئة الالهية التي تنبع من الحكمة لابد من الصبر امامها، لابد من الاستقامة، لابد من الرضا بقضاء الله فلابد ان يكون المسلم متعادل الحزن والسرور متعادل في الخوف والرجاء متعادل في الفرح والغم وبهذا يكون الانسان المسلم انساناً سوياً، انساناً معتدلاً، انساناً صحيح القلب سليم الفؤاد.

نسأل الله سبحانه وتعالى ان يوفقنا لفهم هذه الدروس الخالدة التي تركها لنا رسول الله(ص)واهل بيته(ع) . وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة