البث المباشر

النبي الاكرم(ص) وتعريف أهل الكساء والتطهير -۳

الثلاثاء 29 يناير 2019 - 12:03 بتوقيت طهران

الحلقة 139

نزلت آية التطهير من سورة الاحزاب لتعلن للناس تطهير الله عزوجل لعدد من عبادة الذين اصطفاهم واجتباهم بحكمته تعالى وكانت آية التطهير «بسم الله الرحمن الرحيم، إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا» الاية الكريمة اذن نزلت في اهل البيت والتطهير الالهي انما هو لاهل البيت لا لاحد سواهم، ولكن من هم اهل البيت في الآية؟ آية التطهير نزلت في بيت ام سلمة زوجة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وروى الخبر ام سلمة وعمر بن ابي سلمة وزينب بنت ابي سلمة قالت ام سلمة كما في رواية الترمذي دعا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فاطمة وحسن وحسيناً وعلي خلف ظهره فجللهم بكساء ثم قال: «اللهم هؤلاء هم اهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً».
فقالت ام سلمة: وانا معهم يا نبي الله؟
قال: انت على ما مكانك وانت على خير. وتكرر المشهد اي حديث الكساء في اماكن اخرى ورواه جمع من الصحابة كما هو مثبت في كتب الحديث وكلها يدل دلالة واحدة هي ان اهل البيت هم المقصودين بأية التطهير هم علي وفاطمة وابناهما الحسن والحسين (سلام الله عليهم) اجمعين.
وبعد تحديد من هم اهل البيت وصل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بينهم وبين القرآن بصلة موثقة لا تنفك فيما عرف بأسم حديث الثقلين الذي رواه جمع غفير من الصحابة والمحدثين واثبته المفسرون في تفاسيرهم، قال (صلى الله عليه وآله وسلم): اني تارك فيكم الثقلين احدهما اكبر من الاخر كتاب الله حبل ممدود من السماء‌ الى الارض وعترتي اهل بيتي وانهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض.
ولاهل البيت المطهرين الذين هم اصحاب الكساء علي وفاطمة والحسن والحسين حقوق على المسلمين في كل زمان ومكان اوجيه الله تعالى وفرضها عليهم، فما هي حقوق اهل البيت (عليهم السلام) علينا وعلى كافة المسلمين؟ من هذه الحقوق ما عينها القرآن الكريم بقوله تبارك وتعالى «قُل لّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى». روى الطبراني وغيره عن ابن عباس في آية المودة هذه قال:
قالوا: يا رسول الله من هؤلاء الذين امر الله بمودتهم.
فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): علي وفاطمة وابناهما، وفي رواية لسعيد بن جبير ما معناه ان تودوني في قرابتي اي تحسنوا اليهم وتبروهم. وفي تحفة الاحوازي قول الحسن بن الفضل ان مودة النبي هو كف الاذى عنه ومودة اقاربه من فرائض الدين.
وقد وجه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في تعليماته وارشاداته الامة نحو الصراط المستقيم ودلها عليه ليستمسك به، عن ابن عباس قال:
قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): احبوا الله لما يغدوكم به من نعمه واحبوني لحب الله واحبوا اهل بيتي لحبي.
وقال (صلوات الله وسلامه عليه) ايضاً: النجوم امان لاهل السماء واهل بيتي امان لامتي.
وقال: مثل اهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق. وبعد ان فرض الله عزوجل مودة اهل البيت ذوي قربى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وبين انهم امان للامة من الظلام ومن الغرق امر سبحانه وتعالى بالصلاة عليهم ليستقيم البدء مع الختام، امر الله تعالى بالصلاة على رسوله بقوله عزوجل «إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا»، «إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا»، وقد اورد السيوطي في الدر المنثور ما يقرب من عشرين حديثاً تدل على تشريك آل النبي معه في الصلاة، وروى مسلم عن بشير بن سعد قال: امرنا الله ان نصلي عليك يا رسول الله فكيف نصلي عليك.
فسكت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ثم قال قولوا: «اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل ابراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل ابراهيم في العالمين انك حميد مجيد» وكان النبي (صلى الله عليه وآله) قد حدد من هم اهل البيت فأن البخاري روى حديثاً يأمر فيه النبي بالصلاة على اهل البيت لكي لا يظن احد ان الآل والاهل كل منهم في طريق، انما هم واحد، فعن ابي ليلى قال لقاني كعب بن عجرة:
فقال: انا اهدي لك هدية سمعتها من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال.
قلت: بلى فأهدها لي.
فقال: سألنا رسول الله كيف الصلاة عليكم اهل البيت فأن الله قد علمنا كيف نسلم.
قال قولوا: «اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد كما صليت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم انك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وآل محمد كما باركت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم انك حميد مجيد».
وروى الحاكم هذا الحديث بعينه ثم قال وانما اخرجته ليعلم المستفيد ان اهل البيت والآل جميعاً هم.
وروى الديلمي عن واثلة ان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) جمع فاطمة وعلي والحسن والحسين تحت ثوبه وقال: «اللهم قد جعلت صلواتك ورحمتك ومغفرتك ورضوانك على ابراهيم وعلى آل ابراهيم اللهم ان هؤلاء مني وانا منهم فأجعل صلواتك ورحمتك ومغفرتك ورضوانك علي وعليهم».
وروى ابن عساكر وابو يعلى عن ام سلمة ان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال لفاطمة: «ايتيتي بزوجك وابنيك».
فجاءت بهم ثم رفع يده وقال: «اللهم ان هؤلاء آل محمد فأجعل صلواتك وبركاتك على آل محمد كما جعلتها على آل ابراهيم انك حميد مجيد».
وقال في فتح الباري، قال احد الهاشميين من غير اهل البيت للنبي (صلى الله عليه وآله) اتقصدني وانت تصلي عليّ في كل صلاة في قولك: «اللهم صلي على محمد وآل محمد».
فقال النبي (صلوات الله وسلامه عليه): اني اريد الطيبين الطاهرين ولست منهم.
اجل لقد استقام البدء مع الختام والتقى عصر ابراهيم (عليه السلام) مع عصر رسول الله محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وآله) في صلاة المؤمنين، وكما جرت يد ابراهيم على اولاده اسماعيل واسحق (عليهما السلام) وهو يدعو لهما كذلك جرت يد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على الحسن والحسين وهو يعوذهما بمعوذة ابراهيم، روى البخاري عن ابن عباس قال كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يعوذ الحسن والحسين ويقول ان اباكما ابراهيم كان يعوذ بها اسماعيل واسحق، «اعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة»، وعلى ضوء هذا يمكن ان نفهم معنى قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): «حسين مني وانا من حسين احب الله من احب حسيناً، حسين سبط من الاسباط» رواه الترمذي والحاكم واحمد والطبراني والبخاري في الادب المفاد. قال في تحفة الاحوازي احب الله من احب حسينا لان محبته محبة الرسول ومحبة الرسول محبة الله، وقوله (صلوات الله عليه وسلم) حسين سبط من الاسباط اي امة من الامم في الخير، والاسباط في اولاد اسحق بن ابراهيم بمنزلة القبائل في ولد اسماعيل.

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة