البث المباشر

أهل البيت(ع) وتأويل القرآن

الثلاثاء 29 يناير 2019 - 11:54 بتوقيت طهران

الحلقة 132

القرآن الكريم كتاب طاهر لا يمسه بتأويل الا الطاهر، وهذا الطاهر لابد ان يكون بنص والا ادعى الطهارة كل من اراد الادعاء، هذه واحدة والثانية ان اجر الرسالة الخاتمة لا يصب الا في وعاء ذوي القربى وان دائرة ذوي القربى لها رأس وكما ان لكل قوم سادة حتى النحل لهم سادة كذلك دائرة ذوي القربى لها سادة يرتبطون بالقرآن ولا ينفصلان حتى يراد على الحوض.
فهؤلاء رفعهم الله بعينهم درجات بمعنى انهم يمتازوق عن بقية الامة بعينهم الذي رفعهم الله به درجات فأذا ذهبوا ذهب العلم الواقعي ودخل الناس في صحراء التيه، يقول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، كما روي في كنز العمال «النجوم امان لاهل السماء واهل بيتي امان لامتي».
اجل انه تحت مشاعل اهل البيت يكون الامان من الفتن والضياع ومن كل مكروة لانهم وكتاب الله الهادي ثقلان في حبل واحد، يقول الزقاني في شرح المواهب، اما الكتاب فلأنه معدن العلوم الدينية والاسرار والحكم الشرعية وكنوز الحقائق وخفايا الدقائق واما العترة فأن العنصر اذا طاب عالى على فهم الدين فطيب العنصر يؤدي الى حسن الاخلاق ومحاسنها تؤدي الى صفاء القلب ونزاهاته وطهارته. وقال مؤلف التاج الجامع للاصول، قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): «احسنوا خلافتي فيهما بأحترامهما والعمل بكتاب الله وما يراه اهل العلم من آل البيت».
ومن غير الخفي كيف حرز اهل البيت (عليهم السلام) لكي لا يقوموا بالعمل الذي يستقيم مع العلم الالهي الخاص الذي فضلهم الله تعالى به وبغيره، وما الغير الخفي ايضاً كيف قتل امير المؤمنين علي (عليه السلام) الذي عليه نص بأنه يقاتل على التأويل حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله، ومعنى هذا ان ذهاب اهل العلم العارفين بحقائق القرآن والدين والحياة يفتح الطريق امام الذين يبتغون الفتنة، ولازال العديد من النصوص التي تقول بأن حركة بني امية ما هي الا حركة فتنة ترفع اعلام سفهاء قريش الذين يتخدون مال الله دولاً وعباد الله خولاً ودين الله دخلاً، وفي عالم بني امية يقتل المتقون وتضيع الصلاة ويقرأ القرآن خلف لا يجاوز تراقيهم ويكون القتال فيه على الملك لا على الدين. ولم يقف تيار الحق موقف الذليل على امتداد هذه الاحداث وما صاحبها من ادخال المفاهيم التحريفية اتخذت اشكالاً شتى يرعاها الحاكمون من بني امية، ان الاضطهاد لم يفل عن الذين يسيرون على طريق الامام علي بن ابي طالب (عليه السلام)، فكانوا يصرخون في وجه الباطل ويضحون بالغالي والنفيس في سبيل المحافظة على الاسلام ومعارضة اعداء الحق. وكانت حركة الامام ابي عبد الله الحسين (عليه السلام) قد علمت الناس التضحية وعلم الناس ان بني امية يعاملون الذين يجهرون بمخالفتهم اما بالسيف واما ان يعاملوهم على انهم من المؤلفة قلوبهم وعن طريق المال تتلاشى مقاومة خصومهم. ورفض اتباع الحق ان يقفوا داخل مربع المؤلفة قلوبهم لحساب بني امية وهكذا جاءت الايام بثورة زيد بن علي بن الحسين (عليهم السلام) في عام ۱۲۲ للهجرة وحسب نص ابن اثير ان ثورة زيد جاءت في وقت بدت البغضاء للامويين في نفوس الناس، زيد بن علي (عليه السلام) في حركته الثورية دعا الى العمل بكتاب الله وسنة نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) وجهاد الظالمين واعطاء المحرومين وتقسيم الفيء بالسوية ورد المظالم، وطد زيد صورته ببث الدعاة والرسل وضاعف الاتصالات بزعماء البلاد والعلماء ورؤساء العشائر وحملة القرآن والحديث ومن له اثر فعال في توجيه الرأي العام، فماذا كان موقف السلطة الاموية‌ المتحكمة في الرقاب؟ لم يقف الحاكم الاموي هشام بن عبدالملك بن مروان من هذه الثورة موقفاً يختلف عن موقف آبائه وهم يدافعون عن الدنيا ومن هنا بعث جيشاً جراراً لقتال زيد بن علي وبعد معارك ضارية انهزم اصحاب زيد وحال المساء بين الفريقين فراح زيد مثقلاً بالجراح وقد اصابه سهم في جبهته وقضى نحبه على اثره، فدفن في ساقية ماء ‌وجعلوا على قبره التراب والحشيش واجري الماء على ذلك وعلم بذلك قائد جيش هشام بن عبد الملك فأستخرج جسد زيد (رضوان الله عليه) وبعث برأسه الى هشام وصلب جسده عرياناً بأمر هشام وظل مصلوباً حتى ايام الوليد بن يزيد فأمر بأنزاله واحرق جثته.
الوليد بن يزيد هذا الذي خلف هشام بن عبدالملك في السلطة، يقول عنه الذهبي انه اشتهر بالخمر والانحراف الجنسي، وقال فيه ايضاً انه كان فاسقاً، وفي ايام الوليد الفاسق هذا حدثت حركة ثورية تزعمها يحيى هذا من اهل البيت بيد ان الحاكم الاموي المتسلط تصدى لثورة يحيى بزعامته وغوغاءه وبعث جيشاً كبيراً فأقتتلوا ثلاثة ايام اشد قتال حتى قتل اصحاب يحيى كلهم وقتل يحيى واحتزوا رأسه وصلب بادلجوزجان من بلاد خراسان، وبعث برأسه الى الوليد بن يزيد. يقول المسعودي في كتابه مروج الذهب عن الخليفة الاموي الوليد بن يزيد الذي سار عليه يحيى بن زيد، كان الوليد بن يزيد صاحب شراب ولهو وطرب وسماع للغناء وهو اول من حضر المغنين من البلاد اليه واظهر الشراب والملاهي والعزف وفي ايامه غلبت شهوة الغناء على الخاص والعام وكان متهتكاً ماجناً خليعاً، وذكر ان الوليد الاموي هذا الحد في شعر له ذكر فيه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وان الوحي لم يأته عن ربه، ومثلما ذكرالمسعودي ذكر ابن الاثير ايضاً وقال انه كان منتهكاً لمحارم الله عزوجل لا يتحاشى عن معصية وربما اتهم بالزندقة والانحلال من الدين وكان على ذلك قبل ان يلي الخلافة وبعدها، هذا هو الخليفة الذي يصدر القوانين وقيل الذي يقوم بأمر الدين وقيل عنه انه صاحب الجماعة التي اذا خرج عنها احد مات ميتة جاهلية، فمن ذا الذي يجرأ ان يقيم الحد على الوليد، اعلى سلطة في الدولة، ان الوليد مستمعي الكريم ما كان يرتعد الا من صوت الحق، كانت دفات قلبه تقشعر من رعدة الخوف ولهذا كان يبعث بمن يأتيه بخبر اي تحرك وما ان يخبروه حتى يصدر او امره للجلادين وقطاع الطرق والرقاب وعلى الاعواد تصلب الاجساد، واخيراً فأن افعال الوليد بن يزيد الاموي لن تأتي فجأة ولن تذهب سدى فكما ان الوليد تسلم مشاعلها من اسلافه قام بتسليمها الى من بعده وعلى امتداد الطريق قمع اي تحرك لاهل الحق وصلب اكثر من واحد من الذين عارضوا عبثه بأسم الدين، انها الاستبدادية المتهتكة التي ترتدي زوراً‌ عباءة الدين.

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة