الخطبة ۳۲: في التزهيد في الدنيا
قال عليه السلام: فَلْتَكُنِ الدُّنْيَا في أَعْيُنِكُمْ أَصْغَرَ مِنْ حُثَالَةِ الْقَرَظِ، وَقُرَاضَةِ الْجَلَمِ، وَاتّعِظُوا بِمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، قَبْلَ أَنْ يَتَّعِظَ بِكُمْ مَنْ بَعْدَكُمْ، وَارْفُضُوهَا ذَمِيمَةً، فَإِنَّهَا قَد رَفَضَتْ مَنْ كَانَ أَشْغَفَ بِهَا مِنْكُمْ.
الخطبة ۳۳: ومن خطبة له عليه السلام عند خروجه لقتال أهل البصرة وفيها حكمة مبعث الرسل، ثمّ يذكر فضله ويذم الخارجين
قَالَ عَبْدُ اَللَّهِ بْنُ عَبَّاسِ رضي الله عنه: دَخَلْتُ عَلَى أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ عليه السلام بِذِي قَارٍ وَهُوَ يَخْصِفُ نَعْلَهُ، فَقَالَ لِي: مَا قِيمَةُ هَذِهِ اَلنَّعْلِ؟
فَقُلْتُ: لاَ قِيمَةَ لَهَا.
فَقَالَ عليه السلام: وَاَللَّهِ لَهِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ إِمْرَتِكُمْ، إِلاَّ أَنْ أُقِيمَ حَقّاً، أَوْ أَدْفَعَ بَاطِلاً، ثُمَّ خَرَجَ فَخَطَبَ اَلنَّاسَ فَقَالَ: إِنَّ اَللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّداً صَلَّى اللهُ عَليهِ وَآلِهِ، وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنَ اَلْعَرَبِ يَقْرَأُ كِتَاباً، ولاَ يَدَّعِي نُبُوَّةً، فَسَاقَ اَلنَّاسَ حَتَّى بَوَّأَهُمْ مَحَلَّتَهُمْ، وبَلَّغَهُمْ مَنْجَاتَهُمْ، فَاسْتَقَامَتْ قَنَاتُهُمْ، واِطْمَأَنَّتْ صَفَاتُهُمْ.
أَمَا وَاَللَّهِ إِنْ كُنْتُ لَفِي سَاقَتِهَا، حَتَّى تَوَلَّتْ بِحَذَافِيرِهَا، مَا عَجَزْتُ ولاَ جَبُنْتُ، وإِنَّ مَسِيرِي هَذَا لِمِثْلِهَا، فَلَأَنْقُبَنَّ اَلْبَاطِلَ حَتَّى يَخْرُجَ اَلْحَقُّ مِنْ جَنْبِهِ.
مَا لِي ولِقُرَيْشٍ، واَللَّهِ لَقَدْ قَاتَلْتُهُمْ كَافِرِينَ، ولَأُقَاتِلَنَّهُمْ مَفْتُونِينَ، وإِنِّي لَصَاحِبُهُمْ بِالْأَمْسِ، كَمَا أَنَا صَاحِبُهُمُ اَلْيَوْمَ، وَاللَّهِ مَا تَنْقِمُ مِنَّا قُرَيْشٌ، إِلَّا أَنَّ اللَّهَ اخْتَارَنَا عَلَيْهِمْ، فَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي حَيِّزِنَا، فَكَانُوا كَمَا قَالَ الْأَوَّلُ: أَدَمْتَ لَعَمْرِي شُرْبَكَ الْمَحْضَ صَابِحاً، وَأَكْلَكَ بِالزُّبْدِ الْمُقَشَّرَةَ الْبُجْرَا، وَنَحْنُ وَهَبْنَاكَ الْعَلَاءَ وَلَمْ تَكُنْ عَلِيّاً، حُطْنَا حَوْلَكَ الْجُرْدَ السُّمْرَا.
۱. وقال سلام الله عليه: اَلْقَلْبُ مُصْحَفُ اَلْبَصَرِ.
۲. كَفَاكَ أَدَباً لِنَفْسِكَ اِجْتِنَابُ مَا تَكْرَهُهُ مِنْ غَيْرِكَ.