وقال الشيخ عبد المهدي الكربلائي ممثل آية الله علي السيستاني في خطبة الجمعة في مدينة كربلاء المقدسة، إن الأمر متروك لقوات الأمن للتأكد من أن الاحتجاجات لا تنحدر إلى مزيد من العنف، وحث الحكومة على الاستجابة لمطالب المتظاهرين في أقرب وقت ممكن، مشددا على أن المسؤولية الكبرى تقع على عاتق قوات الأمن".
وقال الشيخ عبد المهدي الكربلائي اليوم "نقرأ عليكم نص ما وردنا من مكتب السيد السيستاني في النجف:
تتواصل الاحتجاجات الشعبية المطالبة بالإصلاح في اكثر من مكان، وقد تجلّى فيها العديد من الصور المشرقة التي تعبّر عن محامد خصال العراقيين وما يتحلّون به من الشجاعة والايثار، والصبر والثبات، والتضامن والتراحم فيما بينهم، وإذ نتذكر اليوم الكوكبة الأولى من الأحبة الذين ضُرّجوا بدمائهم الزكية في بدء هذه الحركة الاصلاحية قبل اربعين يوماً ونترحم على أرواحهم الطاهرة ونجدد المطالبة بمحاسبة قتلتهم ونواسي عوائلهم وندعو للجرحى بالشفاء والعافية، نودّ أن نشير الى عدّة نقاط:
الأولى): إنّ أمام القوى السياسية الممسكة بزمام السلطة فرصة فريدة للاستجابة لمطالب المواطنين وفق خارطة طريق يتفق عليها، تنفّذ في مدة زمنية محددة، فتضع حدّاً لحقبة طويلة من الفساد والمحاصصة المقيتة وغياب العدالة الاجتماعية، ولا يجوز مزيد المماطلة والتسويف في هذا المجال، لما فيه من مخاطر كبيرة تحيط بالبلاد.
(الثانية): إنّ المحافظة على سلمية الاحتجاجات بمختلف أشكالها تحظى بأهمية كبيرة، والمسؤولية الكبرى في ذلك تقع على عاتق القوات الأمنية بأن يتجنبوا استخدام العنف ـ ولا سيما العنف المفرط ـ في التعامل مع المحتجين السلميين فانه مما لا مسوغ له ويؤدي الى عواقب وخيمة، وقد لوحظ أن معظم المشاركين في الاحتجاجات يراعون سلميتها ويتجنّبون عن التعرض للقوات الأمنية والمنشآت الحكومية والممتلكات الخاصة، فينبغي توجيه القلّة التي لا تزال تتعرض لها بالكفّ عن ذلك، ليبقى مشهد الاحتجاجات نقياً من كل ما يشينه.
(الثالثة): إن التظاهر السلمي حق لكل عراقي بالغ كامل، به يعبّر عن رأيه ويطالب بحقه، فمن شاء شارك فيه ومن لم يشأ لم يشارك، وليس لأحد أن يلزم غيره بما يرتئيه، ولا يليق أن تكون المشاركة أو عدم المشاركة مثاراً لتبادل الاتهامات بين المواطنين عند الاختلاف في الرأي، بل ينبغي أن يحترم كلٌ رأي الآخر ويعذره فيما يختاره.
(الرابعة): إن هناك اطرافاً وجهات داخلية وخارجية كان لها في العقود الماضية دور بارز فيما اصاب العراق من أذىً بالغ وتعرض له العراقيون من قمع وتنكيل، وهي قد تسعى اليوم لاستغلال الحركة الاحتجاجية الجارية لتحقيق بعض اهدافها، فينبغي للمشاركين في الاحتجاجات وغيرهم أن يكونوا على حذر كبير من استغلال هذه الاطراف والجهات لأيّ ثغرة يمكن من خلالها اختراق جمعهم وتغيير مسار الحركة الاصلاحية.
(الخامسة): إنّ اعزتنا في القوات المسلحة ومن التحق بهم في محاربة الارهاب الداعشي والدفاع عن العراق شعباً وأرضاً ومقدسات لهم فضل كبير على الجميع ولا سيما من هم مرابطون الى اليوم على الحدود وما يتبعها من المواقع الحساسة، فلا ينبغي أن ننسى فضلهم ولا يجوز أن يبلغ مسامعهم أي كلمة تنتقص من قدر تضحياتهم الجسيمة، بل اذا كان يتيسر اليوم اقامة المظاهرات والاعتصامات السلمية بعيداً عن أذى الارهابيين فإنما هو بفضل اولئك الرجال الأبطال، فلهم كل الاحترام والتقدير".
ويشهد العراق منذ 25 أكتوبر الماضي موجة احتجاجات ضد السياسات الحكومية، تخللتها أعمال عنف واسعة أسفرت عن مقتل أكثر من 250 شخصا، وسقوط آلاف الجرحى.