البث المباشر

رؤيا وأنذار من الرحمن -۱

الأربعاء 16 أكتوبر 2019 - 10:27 بتوقيت طهران

اذاعة طهران – قصص من الحياة : الحلقة : 37

 

لم يكن يشك الحاج علي في صدق رؤياه في تلك الليلة الرمضانية المباركة فقد توفرت فيها جميع شروط الرؤيا الصادقة التي اخبرنا عنها القرآن الكريم ونبهنا اليها ائمة الهدى عليهم السلام مما ورثوه من علوم جدهم صلى الله عليه واله، لكن هذه الرؤيا اثارت فيه اضطراباً ووحشة علم ان فيها انذاراً عليه ان ينقله الى المعني به وحده دون سواه.
نهض كعادته بعد تلك الرؤيا الصادقة الى ورده في ذلك السحر الرمضاني متهجداً لربه في صلاة الليل متضرعاً له بمناجاة سيد الساجدين عليه السلام في اسحار الشهر المبارك المعروفة باسم راويها ابي حمزة الثمالي فقد كان يجد فيها كل روح ورضوان، ولكن تضرعه بهذه المناجاة في تلك الليلة كانت بلوعة خاصة اضفتها على تضرعه المعتاد تلك الرؤيا الصادقة فطفق يدعو بكل صدق واخلاص لاخيه حبيب النجار المعني برؤياه بان يغفر له ما يحرق حسناته ويحبطها ودعا لنفسه بمثل ذلك.
ما هي الرؤيا التي رآها في تلك الليلة الرمضانية المباركة المعني بها بالدرجة الاولى صديقه الحميم الحاج حبيب النجار ذاك العبد الصالح الذي وفقه الله تعالى للاهتمام بصالحات الاعمال يعمر بها داره الآخرة لذا فلم يستغرب صاحبه ان يراه في تلك الرؤيا الصادقة متنعماً في روضة بهية وبستان عامرة وجنات زاخرة بما لا عين رأت ولا اذن سمعت.
لقد رآى في رؤياه الصادقة تلك الجنات البهية التي لا ترى العين نهاية لها قبل ان يرى صاحبها فعرف انها لرجل ذي مقام كريم فسال عن صاحبها فاجابه احد خدمتها انها لحبيب النجار.
لم يستغرب ان يكون هذا المقام الكريم لصديقه حبيب النجار فقد عرفه مقبلاً على الاعمال التي تثمر لصاحبها مثل هذا المقام الكريم ولكن ما أثار استغرابه بل تعجبه ودهشته ما جرى بعد ذلك.
لقد رآى صاعقة رهيبة نازلة احرقت تلك الجنات وجعلتها كانها لم تكن! استيقظ الرجل من نومه على تلك الصاعقة وقد امتلأ قلبه وحشة من هول المنظر الذي شاهده في رؤياه.
ترى ما الذي انزل تلك الصاعقة الرهيبة سائل نفسه ولم يجد صعوبة في الجواب اليس القرآن قد اخبرنا بان السيئات يحبطن الحسنات اليس رسول الله صلى الله عليه واله قد بين ان الذنوب تحرق ما نقدمه لانفسنا في الجنان بصالحات الاعمال.
لابد ان صديقي قد وقع في ذنب انزل تلك الصاعقة ان في هذه الرؤيا الصادقة انذار عليَّ ان اوصله الى صاحبي.
لقد دفع حب الخير لصاحبه الحاج علي الى الذهاب اليه مبادراً في صباح تلك الليلة شعر ان حق الاخوة والصداقة يوجب عليه ان ينبه صاحبه ليتدارك آثار الذنب الذي سقط فيه، لم يكن يعرف هذا الذنب لكنه لم يشك في كونه من كبائر المعاصي.
كان يشعر بصعوبة بالغة في مصارحة صاحبه العزيز بالامر وقد امر الله بستر العيوب ولكن رؤياه الصادقة كانت من الرحمن بلا ريب وفيها انذار صريح في باطنه الرحمة، رحمة تنبيه العبد الصالح الى تدارك آثار ذنبه الذي احبط حسناته.
التدبر في هذه الحقيقة سهل عليه ما استصعبه من مصارحة صديقه بذنبه فعزم على نقل الانذار الرحماني اليه.
عندما دخل على صاحبه الحاج حبيب النجار وجده غارقاً في ذهول ينبئ عن انه اسير غم عظيم وكرب محيط فلم يعهد من صاحبه مثل هذه الحالة لقد اعتاد ان يرى البشر والبشاشة متجلية في محياه.
ما الذي جرى يا حاج اراك على غير ما الفتك سأل الحاج علي صاحبه ولم يستغرب جوابه حيث قال: لا شيء لا شيء مهم يستحق الذكر كان يتوقع الحاج علي مثل هذا الجواب و فراسة المؤمن جعلته يعرف يقيناً ان صاحبه يعيش حالة الندم على ماصدر منه فوجد الفرصة سانحة بالكامل للدخول في صلب الموضوع فقال له:
لا شك بانك قد صدر عنك الليلة الماضية ما لا تحب يا حاج اخبرني ما الذي جرى اضطرب الحاج حبيب النجار من كلمات صاحبه وقال متلعثماً وبكلمات.
يبدو ان الحاج حبيب سعى الى تغيير مجرى الحديث هرباً من الاجابة على سؤال صديقه فهل سيفلح في مسعاه ام ان الحاج علي سيقنعه بالفصح عن سره الذي يفسر له ولنا قصة تلك الرؤيا الصادقة والانذار الغريب نتابع القصة في الحلقة اللاحقة من قصص من الحياة.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة