البث المباشر

الواعظ الغريب -۳

الثلاثاء 15 أكتوبر 2019 - 11:47 بتوقيت طهران

اذاعة طهران – قصص من الحياة : الحلقة : 21

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته هذا هو القسم الثالث والاخير من قصة الواعظ الغريب الذي تحيز بشدة تاثير مواعظه في القلوب رغم انه لم يكن من العلماء بالمعنى المألوف لكن مجلسه الاسبوعي في الوعظ يغص بالعلماء والشيب والشباب والمثقفين والاميين والكل ينتفعون من مواعظه، هذه الظاهرة الغريبة اثارت استغراب راوي هذه القصة المتطلع للاستفادة من تجارب الصالحين فقرر الذهاب الى مجلس هذا الواعظ والسؤال منه مباشرة عن سر الامر استقبل الواعظ سؤال صاحبنا الراوي وارجعه الى بدايات حياته فحكى له انه كان في بداية شبابه مثل سائر اقرانه لا يتميز عنهم بشيء لنتابع القصة.
سمعت عنه الكثير ولكن كل ما سمعته يرجع الى حقيقة واحدة لا اكثر ان لاحاديث هذا الرجل تأثيراً غريباً بل ونادراً على مستمعيها انها تنفذ الى قلوبهم وتخرق العقبات والحجب الصادة عنها مهما كانت.
تابع الرجل حديثه مسترسلاً وانا اصغي لكلماته التي كان الصدق والاحساس بعظمة النعمة الالهية يتفجر من كل حروفها قال: كان هذا حالي ايام شبابي ثم تزوجت كسائر اقراني ويومها كنت اعمل كبائع متجول انقل البضائع المتوفرة في بلدتي الى بلدة اخرى تقل فيها واعود ببضائع تلك البلدة لبيعها في بلدتي وكان ذلك يبعدني عن زوجتي عدة اسابيع احياناً، وفي ذات مرة عدت من سفر استغرق اياماً طويلة الى بلدتي والشوق في اشده الى زوجتي فقد كنت حديث الزواج كما اسلفت وقبل الذهاب الى منزلي ذهبت الى حمام البلدة لازيل عني غبار السفر وتعب الطريق، كنت اردد وانا استحم بعض الترنيمات والاهاريج الدارجة بين امثالي يومذاك وفي قلبي الكثير من الفرح بقرب اللقاء ولكن حالي انقلب بالكامل عندما طرقت سمعي اصوات النائحين في موكب للعزاء الحسيني كان قد مر على باب الحمام وهو يطوف في سكك البلدة على العادة الجارية يومذاك في ايام محرم الحرام، هزني ماسمعت وتذكرت ان محرم قد حل وهذا هو السابع منها ان اليوم الذي خصصه اهل بلدتنا كما هو الحال في بلدات اخرى كثيرة لذكر مصيبة القاسم ابن الحسن عليها السلام وهو احد شبان بني هاشم الذين استشهدوا مع عمه الحسين عليه السلام يوم كربلاء مر في ذهني ما كان يذكره الخطباء بشأن مصيبة القاسم وان زواجه لم يتم فقد اصطلمته سيوف الاعداء قبله انهرت دموعي وعاتبت نفسي طويلاً: ويحك يانفسي كيف شغلتني رغبتك في اللذة عن حضور مواكب العزاء في أي حال كانت عائلة رسول الله صلى الله عليه واله في هذه الايام كيف ينسك الاقبال على اللذات المشاركة في مواساتهم في هذه الايام التي تتجدد فيها احزانهم خرجت من الحمام بسرعة لكني لم اذهب الى المنزل بل لحقت سريعاً بموكب العزاء وطفت معه ماتبقى من طريقه حتى وصلت المسجد وجدت في نفسي حالة جديدة رغبة عارمة في الاستماع لاحاديث خطيب المسجد عن الامام الحسين وكربلاء واهل البيت عليهم السلام ورغبة عارمة في حفظ هذه الاحاديث وتلاوتها وكانت هذه هي الهبة الالهية الاولى التي نزلت علي اثر ماجرى لي وجدت في نفسي حالة جديدة اخرى هي سرعة حفظ ما اقرأه عن القرآن والاحاديث النبوية ثم سرعة التأثر بها وسهولة العمل بها فكانت هذه هبة الهية ثانية ثم وجدت حالة اشد غرابة من سابقتيها وكانت هذه هي الهبة الالهيه الثالثة لقد وجدت شدة تاثير ما اقوله على الاخرين، قبلها احسست برغبة في نقل ما احفظه من مواعظ تلك الآيات والاحاديث للآخرين فاخذت انقل لبعض من اعرف ماحفظته منها وكان التاثر بها غريباً ان نقلت لزوجتي شيئاً منها بادرت للاستجابة لها بطواعية وان حدثت صديقاً لي بمثل ذلك اتعظ وهكذا كانت بداية هذا المجلس التي استمرت الى اليوم.
عندما اتم الرجل كلامه كنت قد عرفت وجدانياً معنى ان الله يقبل على العبد ميلاً ان اقبل عليه ذراعاً ومعنى ان سفينة الحسين عليه السلام هي اسرع سفن النجاة.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة