السلام عليكم احباءنا ورحمة الله وبركاته هذا هو القسم الثاني والاخير من هذه القصة نذكركم في مطلع هذا اللقاء بملخص لما حدثنا به صاحبها لقد وجدنا الرجل ساعياً للاجتهاد في الطاعات لكنه كان في غفلة من امره، اذ تسلل اليه حب النفوذ الى قلب الناس بعبادته فاطلع على حديث لمولى الموحدين الامام علي عليه السلام عرّفه بان ما فيه هو من مظاهر الشرك الخفي فهو ينشط في العبادة واعمال الخير اذا رأى الناس ويكسل عنها اذا كان وحده ويحب ان يحمد في كل اموره حمد الله تعالى على ايقاظه من الغفلة ببركة مولى الموحدين لكن يقظته بعثت فيه القلق فهو لازال جاهلاً بالعلاج رغم انه عرف الداء لنتابع الاستماع لحديث الرجل.
ادركت نفسي هذا القلق الذي هيمن علي فاخذت تسول لي وتتظاهر بانها تخفف عني هذه المعاناة لتصرفني عن التفكير في امر معرفة سبيل النجاة قالت لي لا عليك بأس مما عرفت من امر تلك العلامات فهذا هو حال اكثر الناس ولا ينجو من هذا الشرك الخفي الا من عصم الله انه من الذنوب اللمم المغفورة وربك كريم لا يحاسبك على لذة بسيطة لاطلاع الناس على بعض محامدك وفرحك بذلك فلا تحملني ما لا طاقة لي به يا صاحبي.
حمدت الله ثانية اني لم انخدع بما قالت اذ حضرني الجواب على كل ما حاولت تغريري به قلت لها ان من عرفني بتلك العلامات يريد هدايتي الى سبيل النجاة فلن اكف عن السعي له ولقد صدقت اذ قلت لا ينجو من هذا الشرك الخفي الا من عصم الله فمنه الهداية وعليه التوكل ومنه العصمة عزمت ان اتوجه الى الله بالدعاء مستغيثاً به لكي يهديني الى سبيل النجاة ويعينني على الخلاص من هذا الشرك الخفي ناجيته بعد ركعتين صليتهما قربة اليه في خلوة من الناس قلت له الهي انني اعلم ان اوليائك هم اطباء الارواح وقد عرفتني موعظة وصي نبيك صلى الله عليه والهما بدائي فهلا هديتني الى الدواء فان عندهم الشفاء توسلت اليه باحب الاسماء اليه وقدمت لدعائي بصدقة قربة اليه وجهدت ان لا يطلع احد عليها ايضاً.
في اليوم التالي شعرت برغبة في الذهاب الى المسجد القريب من محل عملي لاداء صلاة الظهر فيه بعدما كنت قد اعرضت عنه مدة لقلة المصلين فيه ذهبت اليه طواعية واديت الصلاة وهممت بمغادرته فاستوقفتني عبارة من امام المسجد الذي قام بعد الصلاة لمحاضرته القصيرة اليومية عندما سمعت تلك العبارة شعرت بانها علامة استجابة دعائي في الليلة الماضية قد بدأ محاضرته بالقول عباد الله تدبروا في قول رسول الله مابلغ عبد حقيقة الاخلاص حتى لا يحب ان يحمد على شيء من عمل جلست استمع للمحاضرة وانا اشعر بانه يخاطبني انا لا غير فتابع امام المسجد موعظته وقال عباد الله تدبروا في قول صادق اهل البيت عليه السلام خف الله كانك تراه فالله يراك فان شككت انه يراك فقد كفرت وان ايقنت انه يراك ثم بارزته بالمعصية فقد جعلته اهون الناظرين اليك عباد الله وتدبروا في قوله عليه السلام لا تراء بعملك من لا يحيي ولا يميت ولا يغني عنك شيئاً الرياء شجرة لا تثمر الا الشرك الخفي واصلها النفاق يقال للمرائي عند الميزان خذ ثوابك ممن عملت له ممن اشركته معي فانظر من تعبد ومن تدعو ومن ترجو ومن تخاف واعلم انك لا تقدر على اخفاء شيء من باطنك عليه ومن اخلص باطنه لله وخشع له بقلبه وراى نفسه مقصراً بعد بذل كل مجهود وجد الشكر عليه حاصلاً فيكون ممن يرجى له الخلاص من الرياء والنفاق اذا استقام على ذلك في كل حال.
اخذت هذه الوصفة الصادقية التي شعرت ان يد الغيب كتبتها لي من طب الائمة الهداة لعلاج دائي الذي عرضته على طبيب الارواح واستقمت على العمل بما فيها مروضاً نفسي عن الانصياع لها والحمية عما يعارضها احسست في بداية الامر ببعض الصعوبات والمشقة ولكن علمي بمخاطر المرض الذي استحوذ علي ومواصلة تلاوتي لاحاديث ومواعظ الائمة الهداة المحذرة من عواقب استفحال هذا الداء قد هونت عليَّ تلك المشاق وعبدت لي طريق الشفاء وها انا احس بعلامات هذا الداء العضال ترحل بليلها الداجي عن نفسي شيئاً فشيئاً لتفتح ابواب قلبي لبهاء انوار الاخلاص.
*******