البث المباشر

قربان للصلح مع الله -۲

الثلاثاء 15 أكتوبر 2019 - 11:10 بتوقيت طهران

اذاعة طهران – قصص من الحياة : الحلقة : 16

 

السلام عليكم احبائنا ها نحن نتابع معاً هذه القصة فنلخص لكم ماسمعناه منها في الحلقة السابقة لقد رأينا ان لصوصاً قطعوا الطريق على قافلة كانت تتوجه من ايران على الدواب لزيارة المراقد المطهرة في العراق وكان ذلك في عهد ملوك القاجار حيث ضاع الامن في ايران.
احد افراد القافلة كان عالماً دينياً يحمل في متاعه كتاباً عزيزاً عليه تعب كثيراً لتصنيفه فطلب من اللصوص ان يعطوه الكتاب مقابل ان يهبهم كل متاعه حلالاً فاخذوه الى مغارة رئيسهم فوجده يصلي فاستغرب مما راى وعرض عليه طلبه لنتابع ما جرى ...
لم ينتظر العالم استجابة اللص بطلبه بل بادر الى سؤال آخر عما أثار استغرابه، اخبرني يا ولدي عن صلاتك هذه ما معنى التزامك بها وانت رئيس هؤلاء لم يستغرب اللص السؤال فأجاب دونما تأخير، لاتلمني ياسيدي لقد اضطررت الى احتراف السرقة بعد ان طرقت الابواب جميعاً فلم اجد عملاً ارتزق به لعن الله السلطان لقد اهمل البلد حتى ضيق على اهله المعائش.
كانت كلماته اشبه ما تكون باعتراف امام ضميره بعدم رضاه عما هو فيه وكأنه وجد في محضر العالم ممثلاً لفطرته السليمة تابع الرجل اعترافه قائلاً: أتظن يا سيدي اني راغب في الحرام؟ كلا والله ولكني مضطر اليه فماذا افعل وقد اغلقت الابواب جميعاً بوجهي.
اراد العالم ان يعظه بالصبر على طلب الحلال حتى يفتح الله ابوابه امامه رغم صعوبة الوقت وانتشار الفساد فحدثه بشيء مما يجعله يفكر بهذا الخيار الصعب ولكن اللص قاطعه قائلاً: قد يكون غيري يطيق العمل بما تقول اما انا نفذ صبري بعد ان ذقت الجوع طويلاً!
اكتفى العالم بما قال وعاود السؤال عن صلاة اللص وسر التزامه بها فاجابه بكلمات تكشف عن ان الرجل فخور بما هو عليه قال: بعد امتهاني قطع الطريق فكرت بترك الصلاة التي اعتدت عليها منذ الصغر فقد وجدت نفسي شديد الخجل عندما اقيمها واتذكر عندها اني متجاوز على حدود الله بما اقوم به من قطع الطريق عشت اياماً صراعاً مؤلماً لكنني قررت في النهاية ان التزم بها رغم دوامي على حرفتي الجديدة.
لم تحمل هذه الكلمات الجواب الشافي على سؤال العالم فطلب من اللص ان يعرفه سر انتصار الصلاة في هذا الصراع فاجاب: لقد قررت في النهاية ان اجمع بين هذين الضدين الصلاة والسرقة لخاطرة خطرت في قلبي لقد وجدت في قلبي من يهتف بي ان من الحماقة ان تقاطع الله بالكامل وتسد ابواب العودة جميعاً فلو كنت لا تصبر على تحمل صعاب الرزق الحلال فلست بعاجز عن تحمل صعوبة الصلاة مع السرقة لتكون صلاتك وسيلة للصلح مع الله اذا قررت التوبة يوماً.
تحركت القافلة الهمدانية بعد ان ارجع رئيس اللصوص جميع متاع الزوار كرامة لعالم الدين ووصلت ديارها بسلام ومرت الايام وتصرمت الليالي وذهب العالم الى العراق مرة اخرى بعد سنين ليقيم فيها مدة دخل يوماً لزيارة سيد الشهداء عليه السلام فجذب انتباهه رجل يدعو الله بتضرع وحرقة فغبطه على ماهو فيه واطال النظر اليه، كأني اعرف هذا الفتى لقد رايته في مكان ما أين رأيته، استمر العالم يحدق في الرجل وقد قام للصلاة فاعجبه شدة خشوعه فيها فلما اتم صلاته تذكر العالم وعرف ان الرجل الذي امامه هو رئيس الصوص تقدم اليه مسلماً ثم قال: هل تصالحت مع ربك يا ولدي فأني اجد صلاتك اليوم هي غير صلاتك العجولة بالامس قال ذلك العالم للرجل بمودة، فاكمل حديثه الرجل من حيث انتهى، قد تكون صلاتي اليوم اكثر خشوعاً من صلاتي بالامس ولكنها وليدة الاولى وللأم الفضل فقد فعلت فعلها وصالحتني مع ربي فالحمد لله اعرضت عن السرقة واعدت للناس اموالهم وتصدقت عمن لم اعرف منهم وصبرت قليلاً حتى فتح لي ربي ابواب الرزق الحلال.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة