السلام عليكم احباءنا في الحلقة السابقة من هذه القصة استمعنا لمن حدثنا عن اعجابه برجل كان موفقاً في مسلكه التربوي فسأله عن سر نجاحه فاخبره انه يمكن في مثل ضربه الامام الصادق عليه السلام لتبيين حقيقة ان منهج اهل البيت في التربية يقوم على الرفق في مجاهدة النفس وترويضها بالتي هي احسن لكي تقبل على اجتناب الرذائل والتخلي عنها والعمل بالفضائل والتحلي بها، ثم نقل لي شطراً من تجربته التربوية في التعامل مع النفس والدخول اليها من نافذة ثانية اذا لم تستجب لما يدعوها اليه عبر النافذة الاولى وهذا ما لم يدرك صاحبنا مغزاه لنتابع حديثه.
راى صاحبي علامات الاستفهام باقية على وجهي عرف اني لم ادرك بعد مغزى ما يقول فضرب لي مثلاً من تجربته الذاتية قال لي: كيف ارى في نفسي بخلاً وشحاً عن الانفاق في سبيل الله فسعيت لازالة هذه الذميمة عنها وتحليتها بالكرم وحب الانفاق في سبيل الله بادرته بالسؤال قبل ان يكمل حديثه وكيف ازلت عنها هذا الداء واصلحت امرها؟ بادرته بذلك لاني شاهدت منه مراراً اقبالاً على الانفاق ومساعدة المحتاجين بمبادرة منه في اغلب الاحوال فقال: لم اجبرها في البداية على انفاق شيء مهما كان يسيراً بل شرعت في قراءة ما ورد في الشرع من نصوص تحث على الانفاق وتبين عظيم اجره لكني وجدت اندفاعها نحو الانفاق بارداً فخاطبتها ليلة في هدوء ويحك يا نفس الا تصدقين الله و رسوله واولياءه فيما اخبروا عن عظيم ثواب الانفاق اتحرصين على متاع الدنيا القليل وتزهدين بالمتاع الاخروي الزاهد.
هذه المناجات اثرت فيها قليلا فوجدت منها اقبالاً محدوداً على الانفاق لكنني لم اقنع به فدخلت اليها من نافذة اخرى انها تحب الله ورسوله واولياءه فدعوتها للتشبه بمن تحب فاخذت اتلو عليها مظاهر الكرم الالهي وروايات كرم رسوله واوليائه عليهم صلوات الله وكثرة عطاياهم فوجدت فيها اقبالاً اكثر على الانفاق واخذت احملها ماتطيق منه اخذت منها اولاً عهداً ان لاترد طلب محتاج تقدر على قضاء حاجته دون ان يؤثر ذلك فيما تحب فلم اكلفها الانفاق مما تحب واكتفيت منها بذلك وشيئاً فشيئاً وجدتها تقبل على الانفاق مما تحب.
لقد تعلمت من الامام الصادق عليه السلام ان لا احملها ما لا تطيق حتى اعدها لتحمله اولاً والا نفرت وصعب تطويعها وكان امر ارجاعها الى ما كانت عليه عسير وهذه قاعدة تجري على تربية النفس وتهذيبها كما تجري على تربية الاخرين وتهذيبهم اما سمعت وصية الامام الصادق عليه السلام لعبد العزيز القراطيسي لقد قال له: يا عبد العزيز ان الايمان عشر درجات بمنزلة السلم يصعد منه مرقاة بعد مرقاة واذا رايت من هو اسفل منك بدرجة فارفعه اليك برفق ولا تحملن عليه ما لا يطيق فتكسره فان من كسر مؤمناً فعليه جبره.
قمت من عند صاحبي اودعه مستبشراً بجوهرة احسست انه أهداها الي، جوهرة تسمى الرفق تميز منهج اهل البيت النبوي في تربية الربانيين الذين يقبلون على الدين وهم راغبون.
*******