البث المباشر

النساء وتأثيرهن على المجتمع في عصر الإمام الرضا (ع)

السبت 3 مايو 2025 - 14:38 بتوقيت طهران
النساء وتأثيرهن على المجتمع في عصر الإمام الرضا (ع)

"طَهورا" هي قصة واحدة من أقوى النساء في التاريخ، وعلى الرغم من تأثيرها الإيجابي على بيئتها الاجتماعية والسياسية، إلا أنه لم يتم ذكرها كثيرا خلال التاريخ.

لقد تألقت "طهورا"، ابنة عبقرية "نيشابور"، في قلب التاريخ الإيراني كرمز للشجاعة والمعرفة والعلم. وهي كانت ابنة "الخواجة أبي الصلت الهروي" من كبار علماء ذلك العصر، وقد تلقت العلوم والحكمة منذ صغرها. ولا ينبغي أن نغفل دور أبيها في تكوين مثل هذه الشخصية.

كان عبد السلام بن صالح المعروف بـ "الخواجة أبي الصلت الهروي" (حوالي 160-236هـ) من أصحاب الإمام الرضا (ع) وخادمه الذي روى عنه الروايات.

فسمع من رواة كثيرين كالفضيل بن عياض ومالك بن أنس، وأقام في بغداد مدة يروي الحديث. وقد بذل جهوداً كبيرة في الرد على أفكار الفرق الضالة مثل المرجعية والقدرية. وهو موثوق به عند أكثر علماء الشيعة وبعض أهل السنة، وقد روى عنه كثير من الناس كابن أبي الدنيا، وأحمد بن يحيى البلاذري صاحب أنساب الأشراف. كما أنه يعد أحد رواة حديث سلسلة الذهب، وراوي قصة استشهاد الإمام علي بن موسى الرضا (ع) على يد المأمون العباسي.

لقد نشأت وترعرعت "طهورا" تحت كنف أبيها، واستفادت من نعمة وجود الإمام الرضا (ع). وسعت في أواخر القرن الثاني الهجري إلى التحري عن الحقيقة والعدل بعقل مبدع وقلب متقد. وأعربت في إحدى التجمعات التي احتفلت بالمأمون العباسي، بصوت عال عن أفكارها وتحدثت عن حقوق المرأة وضرورة الاهتمام بالعلم.

ولم تقتصر مفاجأة "طهورا" الجريئة على إثارة دهشة الحاضرين فحسب، بل أثارت تساؤلات في أذهانهن: هل يمكن حقًا سماع أصوات النساء في ذلك الوقت رغم سلطة الرجال على الأمور المتعلقة؟.

أظهرت "طهورا" بشجاعتها أن المرأة يمكنها أيضًا أن تلعب دورًا فعالًا في المجتمع. فتقرر قبول الزواج من ابن الوزير للمأمون العباسي من أجل التقرب من مصادر القوة وتحقيق الأهداف السامية. وكان هذا الاختيار بمثابة فرصة ثمينة بالنسبة لها لاستغلال هذا الارتباط لتعزيز العلم والمعرفة. وسعت من خلال دراسة كتب التاريخ والحديث، إلى تعريف الشباب بحقائق عصرهم. وهي تظهر عبر جهودها الدؤوبة، كيف يمكن للمرء أن يقف في وجه العقبات ويسعى إلى تحقيق المثل العليا.

فهي تعلم بسبب صلة أبيها بعلي بن موسى الرضا (عليه السلام) ومكانة زوجها،  ماذا يكمن وراء دعوة المأمون للإمام الرضا (عليه السلام)، وتعلم سبب معارضة الإمام (ع). وفي نهاية المطاف فهي التي تدير شغب نساء منطقة "نوغان" أثناء استشهاد الإمام الرضا (ع).

ووفقا للتاريخ؛ عندما سُمِّم الإمام الرضا (ع) بمكر المأمون، في ذلك الزمن الخانق الذي لم يكن أحد يجرؤ على الحزن، كانت نساء "نوغان" أول من اجتمعن حول جثمان ذلك الإمام العظيم بكل شجاعة وحزنن عليه.

إن قصة "طهورا" ليست مجرد قصة تاريخية فحسب، بل هي أيضا درس عظيم لنا جميعًا بأن كل فرد يمكنه أن يسعى جاهدا لتحقيق مُثُله العليا.

حققت "طهورا" طموحاتها السامية بعون الله تعالى وجلبت المجد للحركة النسائية في "نوغان". إنها مثل غيرها من الفتيات في عصرها والأجيال القادمة. وبالنسبة لها، الحياة والحب لهما مكانة أعلى من الآخرين.

وهذا بالطبع يعود إلى وجودها في عائلة من العلماء والباحثين، فضلاً عن نزاهتها الشخصية، ذكائها، موهبتها، شجاعتها، طبيعتها الفنية والأدبية التي تجعلها شخصية مميزة. إنها لا تعتبر العوائق أبدًا عقبات أمام تقدمها، بل تخلق الفرص من خلال الاستفادة من المشاكل. لذلك فإن نور الأمل في كيانها لا يبرد ولا يصمت أبدًا.

إذن تدرك "طهورا"، أولاً أبعاد وجودها، وفي المرحلة التالية، تصبح وجهتها ومسارها واضحين لها. وتسعى إلى إنفاق رأس مالها في الطريق الأسمى والأكثر ثمرا، وفي نهاية المطاف، تحقق أهدافها السامية من خلال المقاومة الثابتة وتحت هداية الله ورعايته.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة