إن الصراع مع الصين وكندا والمكسيك بشأن التعريفات التجارية، والمواجهة مع بنما حول كيفية إدارة قناة بنما، والنقاش الساخن والمتوتر مع رئيس الوزراء الدنماركي بشأن الاستحواذ على جرينلاند، دفع السياسيين في العالم إلى الاستنتاج بأنهم يواجهون نموذجا جديدا للسياسة في واشنطن.
من هو هذا السياسي المثير للجدل؟
"نسخة ترامب الثانية" هو مصطلح تستخدمه وسائل الإعلام الأميركية لوصف الرئيس الجديد للبلاد، وهو يشير إلى تغيير تكتيكي - وليس استراتيجي - في هيكل الحكومة الأميركية. لكن ما هي حقيقة إدارة ترامب الجديدة وهل نحن أمام شخصية جديدة؟
لوصف الإدارة الجديدة في البيت الأبيض، يتعين علينا أولاً أن نتعرف على فئة جديدة: الفرق الحقيقي بين (ترامب الشخص وفريق ترامب).
إن الحكومة التي اختارها دونالد ترامب لإدارته الثانية تتمتع بميزة أساسية، وهي مستوى ولاء الشعب له، وتوضح هذه القضية أهمية التصويت الشخصي للرئيس على رأي الخبراء، ولكنها قد تؤدي أيضاً إلى تغيير نموذج اتخاذ القرار الذي يتبعه ترامب.
ترامب وايلون ماسك
في هذه الأثناء، لدى إيلون ماسك موقف مختلف؛ لقد كان لرجل الأعمال الأكثر إثارة للجدل في العالم، والذي لم يتمكن من خوض سباق الانتخابات بسبب ولادته خارج الولايات المتحدة، تأثير كبير على قرارات وسلوكيات دونالد ترامب، لدرجة أن بعض مراكز الأبحاث الغربية المرموقة أطلقت عليه لقب "الرئيس الحقيقي للولايات المتحدة".
وقد دفعت تصرفات إيلون ماسك المثيرة للجدل في الأيام الأولى لإدارة ترامب - مثل وصف وكالة الإغاثة الدولية الأميركية بأنها منظمة إرهابية، مما أدى إلى إغلاقها - العديد من المحللين إلى استنتاج أن منصب ماسك هو أكثر من مجرد رئيس لمنصب نائب الرئيس الذي أنشأه الرئيس الجديد حديثا.
وقد دفع هذا المستوى العالي من النفوذ، إلى جانب وجهة نظره الفريدة في السياسة الدولية، بعض السياسيين والشخصيات الإعلامية في إيران إلى اعتباره المفتاح الرئيسي لفتح العلاقات بين طهران وواشنطن.
وفي هذا الصدد، خلقت التصريحات الأخيرة للرئيس الأميركي الجديد بشأن إيران نوعاً من التفاؤل بين بعض المحللين الإيرانيين بأن نسخة ترامب الثانية من المرجح أن تضع على جدول الأعمال سلوكاً أكثر حكمة ولن تكون هناك استراتيجيات أخرى مثل ممارسة أقصى الضغوط العمياء ضد طهران. ومع ذلك، لا ينبغي لنا أن نتجاهل أن فريق ترامب يضع الأساس لأفعاله المناهضة لإيران.
لماذا نستخدم نموذج دبلوماسية الاستنزاف؟
اللغز الجديد المناهض لإيران لاستفزاز ترامب للتحرك ضد إيران يتضمن محورين رئيسيين: الأول وصف إيران بأنها في حالة ضعف، والثاني محاولة إيران التعويض عن هذا الضعف بمحاولة إنتاج الأسلحة النووية. لقد تم تدبير هذا الوضع بشكل جدي خلال الشهرين الماضيين لوضع "العمل العسكري ضد إيران" كاقتراح موثوق على طاولة الرئيس الأمريكي الجديد، حتى يتمكن ترامب من استخدامه بما يتماشى مع مزاجه الشخصي وغير المتوقع.
وتؤكد تصريحات قائد الثورة الاسلامية خلال الأيام القليلة الماضية أيضا الادعاء بأن الجانب الغربي يسعى إلى تهيئة الظروف لتنفيذ مثل هذا السيناريو - بغض النظر عن نجاحه أو فشله.
حيث خاطب الرئيس الأمريكي بشكل صريح ومباشر وقال: "إن ذلك الحالم الوهمي أعلن أن إيران أصبحت ضعيفة؛ المستقبل سيظهر من أصبح ضعيفا. اعتقد صدام أن إيران أصبحت ضعيفة، فبدأ الهجوم. كما قدم ريغان مثل هذه المساعدات لنظام صدام، معتقداً أن إيران ضعيفة. "لقد عادوا هم وعشرات غيرهم من الضلالين إلى رشدهم، وبدأ النظام الإسلامي ينمو يوما بعد يوم".
ويبدو أن الحل الرئيسي ــ على الأقل في الأشهر الأولى للإدارة الأميركية الجديدة ــ لاحتواء هذا السيناريو المعادي لإيران ينبغي أن يتمثل في كسر الصورة النمطية للافتراضين اللذين تم طرحهما بشأن إيران: تصريحان يهدفان إلى الإشارة إلى ضعف إيران وسعيها إلى التحرك نحو إنتاج الأسلحة النووية. ومن الممكن أن تكون هذه الاستراتيجية فعالة بشكل خاص في المنطقة وتمهد الطريق لتغيير صورة إيران في أذهان الساسة الأميركيين.
وفي هذا الصدد، قد يكون نموذج "الدبلوماسية التآكلية" أحد المقترحات المناسبة لطهران للتغلب على الوضع الحالي. وهذا يعني تمهيد الطريق لإجراءات من شأنها منع ترامب من التركيز على إيران كأولوية في خططه. على سبيل المثال، يمكن أن تكون الوساطة التي تقوم بها بعض الدول العربية المهمة في المنطقة، والتي لأسباب مختلفة - بما في ذلك الأزمة السورية - تربطها حالياً علاقات دبلوماسية إيجابية مع إيران، أحد ركائز هذا النموذج.
نادي الصحفيين الشباب/ مهدي خان علي زاده