كما توغل جيش الاحتلال في جنوب سوريا واحتل المنطقة العازلة في الجولان، واحتل جبل الشيخ والقنيطرة ووصل إلى بعد 20 الى الجنوب الغربي من العاصمة دمشق.
وجاء في تفاصيل الهجوم الجوي الاسرائيلي غير المسبوق، انه تم تدمير مئات الطائرات والسفن الحربية وأنظمة صواريخ أرض جو، ومواقع إنتاج ومستودعات الأسلحة، وصواريخ أرض أرض، ومنشآت استراتيجية، ومراكز الأبحاث العلمية العسكرية، والمطارات العسكرية، والقواعد العسكرية، عبر شن أكثر من 500 غارة داخل الأراضي السورية، خلال يومين فقط.
ليس هناك إحصاء دقيق لخسائر سوريا جراء العدوان الاسرائيلي الغاشم، ولكن المعروف أن سلاح الجو السوري كان يمتلك 330 طائرة مقاتلة وقاذفة روسية من طراز (ميغ 29 وسوخوي 24 وسوخوي 22 وميغ 25 وميغ 21)، إضافة إلى مئات المروحيات الروسية.
كما كان الجيش السوري يمتلك أنظمة دفاع جوي روسية من طراز (إس 200 وإس 300) إضافة لمنظمة (بانتسير-إس1) متوسطة المدى، بالإضافة إلى صواريخ أرض أرض روسية من طراز (سكود-س) يصل مداها إلى أكثر من 300 كيلو متر، وصواريخ (سكود-د) يصل مداها إلى أكثر من 700 كيلومتر. وكذلك يمتلك الجيش آلاف الدبابات من نوع (تي-90، وتي-72، وتي-64، وتي-55) الروسية.
كما دمرت الغارات الإسرائيلية سلاح البحرية السوري بالكامل، وكان يضم غواصتين من طراز أمور الروسية، وفرقاطتين من طراز بيتيا، إضافة إلى 16 زورق صواريخ روسيا من طراز أوسا و5 كاسحات ألغام روسية من طراز ييفينغنيا و6 زوارق.
ومن أجل حرمان سوريا مستقبلا من أي مقومات لنهضة علمية، قصفت المقاتلات الإسرائيلية، مركز البحوث العلمية في دمشق. فيما تتوارد الأنباء عن قيام الموساد الاسرائيلي بعملية تصفية للعلماء والخبراء السوريين في مختلف المجالات العلمية.
اللافت أن أغلب الذي حدث، حدث في وقت قصير جدا، ومازال الكيان الاسرائيلي يعربد في سماء وأرض سوريا، عاقد العزم على تدمير البنية التحتية السورية بشكل كامل، بينما العالم، ومن ضمنه العالم العربي يتفرج دون أن يحرك ساكنا، فلا الأمم المتحدة ولا مجلس الأمن ولا منظمة التعاون الاسلامي ولا الجامعة العربية، لم تستطع وقف العربدة الاسرائيلية، رغم أن الاحتلال الإسرائيلي للمنطقة العازلة، يعتبر انتهاكا صارخا للقانون الدولي، ولاتفاق فض الاشتباك للعام 1974 والتي تلتزم كل من سوريا و"إسرائيل" بالوقف الكامل لإطلاق النار تنفيذا لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 338 لسنة 1973.
ونحن نشير إلى حجم الخسائر الكارثية التي نزلت بسوريا جراء العدوان الإسرائيلي، خلال أيام أقل من أصابع اليد الواحدة، والتي ما كانت لتقع لو كان الكيان الإسرائيلي، مقتنعا أن هناك قوة في سوريا يمكن أن تستخدم وتكبده خسائر مماثلة، فالقوة هي اللغة الوحيدة التي يفهمها الكيان الاسرائيلي، الذي لا يتورع، وبدعم أمريكي غربي سافر ووقح، من ابتلاع دول بأكملها، لو شعر بالضعف يدب بها، دون أي مراعاة للقوانين والأعراف الدولية، وهو ما استشعره في سوريا بعد الأحداث الاخيرة التي شهدتها.
هذا الدرس السوري القاسي والمر، أثبت مصداقية المعادلة الذهبية التي أسسها شهيد الأمة السيد حسن نصر الله، معادلة "الجيش الشعب المقاومة". فلبنان حصن نفسه بهذه المعادلة من الأطماع الإسرائيلية، ففي الوقت الذي اكتفى العالم بالتفرج على "إسرائيل" وهي تستبيح بلدا عضوا في الأمم المتحدة وتدمر قدراته العسكرية ونيته الاقتصادية والعلمية وتعيدة عشرات السنوات إلى الوراء، تولى حزب الله مهمة تأديب هذا الكيان المتوحش، الذي وقف عاجزا عن احتلال كيلومتر واحد من الأراضي اللبنانية، خلال أكثر من شهرين، رغم سياسة الأرض المحروقة التي اتبعها، ورغم الدعم والمشاركة الامريكية في العدوان، إلا أنه اضطر في الأخير أن يرفع الراية البيضاء والقبول بوقف إطلاق النار، بعد ان داس رجال شهيد الأمة على أطماعه بأقدامهم عند تخوم القرى اللبنانية الجنوبية.
إن الدرس اللبناني، أثبت أن المقاومة هي الخيار الوحيد، أمام شعوب المنطقة للتصدي للأطماع الصهيونية بأراضيها وثرواتها، بل إن المقاومة ضرورية وحاجة ملحة لهذه الشعوب، فالمقاومة هي القوة الوحيدة في المنطقة التي أقبرت أكذوبة "الجيش الذي لا يقهر"، وهي الوحيدة التي ألحقت الهزيمة بهذا الجيش، وهذا الأمر هو الذي يفسر لنا كل هذا العداء الهستيري لأمريكا والكيان الإسرائيلي والأنظمة الدائرة في الفلك الأمريكي، لمحور المقاومة، وخاصة حزب الله وحماس وأنصارالله والجهاد الإسلامي والحشد الشعبي.
فالمقاومة، هي الخط الدفاع الآخير المتبقي للآمة، لمنع الكيان الإسرائيلي، بالاستفراد بالمنطقة، وزرع الدمار والفوضى فيها.
العالم