البث المباشر

عشر خرافات عن إسرائيل (6).. حرب حزيران/ يونيو 1967 كانت هي الخيار "الوحيد" وأيضا "الخيار القسري"

الإثنين 9 ديسمبر 2024 - 14:42 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- بودكاست: الحلقة السادسة- في هذا البودكاست نناقش الأمور التي يعتقد الكثير من الناس أنها صحيحة ولكنها ليست كذلك.

تحدثنا معكم في الحلقة السابقة عن كذب أسطورة أخرى للصهيونية وهي التي تقول:

" أن الفلسطينيين غادروا وطنهم طوعاً عام 1948" وقد بحثنا في بطلان هذا الادعاء وبالطبع أسباب بطلانها. وفي هذه الحلقة، سوف نتناول أسطورة كاذبة أخرى للصهيونية.

الأسطورة التي تقول:

«إن حرب حزيران/يونيو1967 كانت الخيار «الوحيد» وأيضا «الخيار القسري». ولكن هل حقا كما يدعي الصهاينة أن حرب الأيام الستة التي وقعت في يونيو1967 بين إسرائيل والدول العربية مصر وسوريا والأردن والعراق في الفترة من الخامس إلى العاشر من هذا الشهر كان من المستحيل تجنبها بسبب عناد وصرامة القادة الفلسطينيين؟.

 

السلام عليكم

 أنا رائد دباب

وفي الحلقة السادسة من بودكاست "عشر خرافات عن إسرائيل" نبحث عن مدى زيف هذا الادعاء الصهيوني.

فكونوا معنا واصحبونا حتى النهاية مشكورين.

 

*********************** الفاصل *****************

 

يقول إيلون بابيه في كتابه "عشر خرافات عن إسرائيل" إنه إبان مجزرة مخيمي صبرا وشاتيلا عام 1982 والجرائم التي ارتكبها الكتائبيون الفالآنج مع الصهاينة في هذين المعسكرين، كان هناك الكثير من النقاش حول حقيقة أن الصهيونية لم يكن هناك خيار سوى مواصلة أعمال العنف في ذلك الوقت. ويوضح بابيه أنه في ذلك الوقت كان الرأي العام الإسرائيلي منقسماً إلى مجموعتين، أولئك الذين اعتقدوا أن الهجوم العسكري على لبنان كان ضرورياً ومبرراً، وأولئك الذين كانوا متناقضين بشأن الشرعية الأخلاقية لتصرفات إسرائيل.

وطبعا استخدم كلا الفصيلين حرب الأيام الستة في عام 1967 كمعيار لإثبات وجهة نظرهما. وكان يتم الاستشهاد بالحرب التي وقعت قبل 15 عامًا كمثال قوي على كون الحرب "الخيار الوحيد" و"الخيار القسري". لكن هذا أيضًا كان خرافة وكلام لا أساس له من الصحة.

فوفقاً لهذه الرواية الكاذبة، فإن حرب عام 1967 أجبرت إسرائيل على احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة إلى أن أراد العالم العربي، أو الفلسطينيون، تحقيق السلام مع الدولة اليهودية. وفي هذا الصدد، يتم خلق أسطورة أخرى وكلام لا أساس له من الصحة، وهوأن القادة الفلسطينيين صارمون في قرارهم، ولهذا السبب فإن السلام مع الفلسطينيين مستحيل.

تظهر هذه العبارات أن سيادة إسرائيل على الضفة الغربية وقطاع غزة كانت مؤقتة. وكأنها تقول إن هذه المناطق ستبقى تحت الاحتلال حتى يتخذ الفلسطينيون ما يسمى بالموقف الأكثر منطقية.

ولكن لإعادة تقييم حرب 1967، يتعين علينا أن نعود إلى حرب 1948. حيث كان الصهاينة يعتبرون حرب 1948 فرصة ضائعة ولحظة تاريخية حيث كان بوسعهم، بل وكان ينبغي عليهم، احتلال ونهب فلسطين التاريخية بأكملها من نهر الأردن إلى البحر الأبيض المتوسط .

فالسبب الوحيد لعدم قيامهم بذلك هو الاتفاق مع الحكومة الأردنية المجاورة. وهذا التواطؤ حصل مع الأردنيين في آخر أيام الوصاية البريطانية. حيث تقرر الحد من مشاركة الجيش الأردني في الأنشطة الحربية العامة للعالم العربي عام 1948 لاستعادة فلسطين. وفي المقابل سُمح للأردن بضم أجزاء من فلسطين إلى أراضيها.

وقد نفذ دافيد بن غوريون هذه الاتفاقية خلال حرب 1948. وقد وصفت الأجيال اللاحقة في إسرائيل هذا القرار بأنه "خطأ تاريخي فادح". قرار سوف يندمون عليه لاحقا.

فمنذ حرب 1948 وصاعداً، كان الصهاينة يبحثون عن فرصة للتعويض عن هذا الخطأ المزعوم. حيث بدأوا بالتخطيط بعناية ليروا كيف يمكنهم إنشاء إسرائيل الكبرى التي تشمل الضفة الغربية.

وكانت هناك مشكلة في تنفيذ الخريطة في البداية.

أولاً، توقفت الخطة بسبب الخوف من رد الفعل الدولي،

وثانياً لأسباب ديمغرافية. وفيما يتعلق بالسبب الثاني فقد حسب بن غوريون أن إسرائيل لن تكون قادرة على استيعاب هذا العدد الكبير من السكان الفلسطينيين ضمن الدولة اليهودية.

وأخيرا جاءت الفرصة الذهبية خلال حرب 1967.

وإثر ادعاءات الصهاينة يطرح بابيه التساؤل حول ما إذا كانت حرب 1967 غير قابلة للاجتناب؟.

فللإجابة على هذا السؤال، نبدأ بتطورات عام 1958، العام الذي يوصف بأنه "عام ثوري" في الأدبيات الأكاديمية حول الشرق الأوسط الجديد أوغرب آسيا. ففي ذلك العام بدأت الأفكار التقدمية الراديكالية التي أوصلت الضباط الأحرار في مصر إلى السلطة في القاهرة، بدأت بإظهار تأثيراتها واسعة النطاق في جميع أنحاء العالم العربي.

لقد فتح هذا المظهر من مظاهر الحرب الباردة في غرب آسيا نافذة الفرصة لإسرائيل التي كانت تبحث عن ذريعة لتصحيح "الخطأ التاريخي الفادح" لعام 1948.

فكانت هذه القضية تقاد عبر لوبي قوي داخل الكيان والجيش الإسرائيلي. وكان على رأسها سياسيان إسرائيليان من قدامى المحاربين في حرب 1948.

 

 ******************** الموسيقى **********************

 

عندما قيل في الغرب أن التقدميين قد ظهروا في مصر ويستطيعون ابتلاع بقية الدول بما فيها الأردن، بدأ اللوبي الإسرائيلي عمله واقترح أن يتوجه رئيس الوزراء بن غوريون إلى الناتو لتنفيذ فكرة إسرائيل الخبيثة في احتلال الضفة الغربية عاجلاً.

وتقدم هذا السيناريوعندما سقط العراق في أيدي عدد من الضباط التقدميين في الرابع من تموز (يوليو) 1958. فأطاح ضباط عراقيون بالسلالة الهاشمية التي كانت تحكم العراق خلال انقلاب ضدهم. وكان قد جيء بهذه السلالة إلى السلطة من قبل البريطانيين لإبقاء العراق في دائرة النفوذ الغربي.

كما وأطلقت هذه الحركة على نفسها اسم "الضباط الأحرار" على غرار الجماعة التي أطاحت بالنظام الملكي في مصر قبل سنوات قليلة. وبعد الإطاحة بالنظام الملكي استبدل الضباط نظام الحكم في العراق من الملكي إلى الجمهوري.

الأحداث التي حصلت في لبنان كانت هي المسألة الأخرى التي تخيف الغربيين فهم كانوا يخشون من سيطرة القوى الثورية على لبنان. هذا وقرر حلف شمال الأطلسي استباق هذا السيناريو بإرسال مشاة البحرية الأمريكية إلى لبنان وقوات بريطانية خاصة إلى الأردن.

وعلى أية حال مع حلول عام 1960، أصبح احتواء هذا اللوبي الإسرائيلي أكثر صعوبة من السابق والحقيقة أنه في ذلك العام كانت كل العناصر تتقدم لإشعال نار الحرب.

وكان الرئيس المصري جمال عبد الناصر أبرز اللاعبين في المسرح فهو الذي بدأ سياسة إشعال الحرب. ففي عام 1960 زاد عبد الناصر من التهديدات بالحرب ضد إسرائيل. فقد كان يتصور الرئيس المصري بأن إسرائيل ستهاجم سوريا قريبا. وعلى صعيد آخر كانت سوريا في "اتحاد رسمي" مع مصر منذ عام 1958 وإلى عام 1962 والتي كانت تسمى "الجمهورية العربية المتحدة".

فعلى الرغم من أن إسرائيل وسوريا وقعتا اتفاقية هدنة مؤقتة في عام 1949 إلا أن بعض القضايا المثيرة للجدل كانت تلقي بظلالها علي الهدنة. وقد أطلقت الأمم المتحدة على قطعة أرض على الحدود بين البلدين باسم "الأرض التي لاصاحب لها" ولكن في الحقيقة كان الجانبان يريدان امتلاكها. وفي بعض الأحيان كانت إسرائيل تشجع أعضائها على الزراعة في هذه الأراضي التي لم يطالب بها أحد مع أنها كانت تعلم أن ذلك سيدفع السوريين إلى الرد.

وبعد ذلك، وقعت سلسلة من المعارك الجوية الخفيفة بين إسرائيل وسوريا وكذلك بعض الهجمات المضادة بالمدفعية. وقد تقدم كلاهما بشكوى إلى لجنة وقف إطلاق النار بشأن انتهاكات معاهدة السلم من قبل الجانب الآخر، وكل هذا يدل على أن وقف إطلاق النار بين إسرائيل وسوريا لم يؤد النتائج المرجوة بشكل واقعي.

ويعود الاحتكاك الثاني بين إسرائيل وسوريا إلى قيام الإسرائيليين ببناء «المشروع الوطني لنقل المياه» من مصبات نهر الأردن إلى جنوب الأراضي المحتلة. وبالطبع كانت هذه ترجمة الاسم الذي أطلقته إسرائيل رسمياً على مشروع مياه ضخم شمل البناء في عدد من الأماكن وسلسلة من خطوط المياه وسلسلة من الآنفاق.

وتضمنت هذه الخطة جزءاً من موارد المياه التي كانت هناك حاجة ماسة إليها لكل من سوريا ولبنان، فبدلاً من التحرك على طول المسار الطبيعي، كانت تتجه إلى أنابيب المياه التي أنشأها الإسرائيليون ونقلوها إلى جنوب الأراضي الفلسطينية.

وكان لرئيس مصر جمال عبد الناصر دافع آخر لزعزعة التوازن الهش في فلسطين. حيث أراد تحدي اللامبالاة العالمية تجاه القضية الفلسطينية لكنه أدرك لاحقاً أن السلطة بيد بن غوريون. فوفقا لجمال عبد الناصر عندما عاد بن غوريون إلى كرسي السياسة رئيسا للوزراء في عام 1955 فلم يبق أملا لتقدم السلام في هذا الملف.

قراءة ناصر من الأوضاع كانت واقعية وطالما كان بن غوريون رئيسا لوزراء إسرائيل لم يكن هناك احتمال لأي اتفاق سلام ثنائي بين إسرائيل ومصر. وحتى عندما كان بن غوريون خارج السلطة فكانت له علاقات مع الجيش لدرجة أنه أقنع قادة الجيش بشن العديد من العمليات العسكرية الاستفزازية ضد المصريين في قطاع غزة.

وكان سبب هذه العمليات هو التسلل السري للاجئين فلسطينيين من قطاع غزة إلى فلسطين المحتلة أو إسرائيل. فالرد الإسرائيلي كان يأتي بتدمير القواعد العسكرية المصرية وباستهداف القوات المصرية.

وفي عام 1960 عندما زاد التوتر على الحدود بين فلسطين المحتلة وسوريا ولم يكن هناك أي تقدم في المجال الدبلوماسي، ذهب ناصر إلى استراتيجية جديدة. وكانت هذه الاستراتيجية الاقتراب من الحدود وبدء الحرب والمواجهة المباشرة.

ويواصل بابي القول إن عبد الناصر أرسل جزءًا من الجيش إلى شبه جزيرة سيناء. المكان الذي كان من المفترض أن يكون منطقة منزوعة السلاح بموجب الاتفاقية التي أنهت الحرب عام 1956. كما وأن الأمم المتحدة تحركت في هذا الاتجاه في عام 1960. كما وغادر بن غوريون المشهد السياسي بعد سنوات قليلة في عام 1963 حيث أصبح الآن المسرح أكثر استعدادًا لتقدم سياسات عبد الناصر.

أما الجزء المثير للسخرية من هذا الموضوع هو أنه بعد رحيل بن غوريون تمكن لوبي "إسرائيل الكبرى" من التخطيط لخطواته التالية بشكل أسهل. فحتى ذلك الحين كانت المخاوف الديموغرافية لدى بن غوريون تمنع من احتلال الضفة الغربية.

 

**************** الموسيقى ****************

 

منذ عام 1963 أعدت مجموعة من الخبراء العسكريين الإسرائيليين تعليمات مفصلة أعطتهم الفرصة لاحتلال فلسطين. فهذه التعليمات أعطت السلطة المطلقة للجيش في جميع مجالات حياة المجتمع. كما وفي صيف ذلك العام حدث انقلاب عسكري في سوريا وواجه النظام السوري الجديد المخططات الإسرائيلية لاستغلال مياه نهر الأردن ومصباته حيث عملوا علي تنفيذ مشروع أعادوا مياه النهر إلى مساره من جديد. ولكن في نفس الوقت قصف الجيش الإسرائيلي هذا المشروع الجديد مما أدى إلى وقوع اشتباكات جوية بين الحين والآخر.

وفي أبريل عام 1967 وصلت التوترات على الحدود بين إسرائيل وسوريا إلى أعلى مستوياتها حيث شنت إسرائيل هجوما على القوات السورية في مرتفعات الجولان وهو الهجوم الذي قال عنه رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إسحق رابين إنه كان مخططا لإذلال سوريا. وفي هذا الوقت بذلت إسرائيل قصارى جهدها لتحريك العالم العربي نحو الحرب ونجحت في هذه الخطة.

وفي الواقع استغلت إسرائيل هذه الحرب كفرصة تاريخية لتصحيح "الخطأ التاريخي القاتل" المتمثل في عدم احتلال الضفة الغربية في عام 1948.

بدأت الحرب في صباح الخامس من يونيو بالهجوم الإسرائيلي على القوات الجوية والمطارات وحظائر الطائرات المصرية بحيث تم تدمير هذه القوة بالكامل. واستمرت الحرب في نفس اليوم بهجمات مماثلة على القوات الجوية السورية والأردنية والعراقية. كما وهاجمت القوات الإسرائيلية قطاع غزة وشبه جزيرة سيناء ووصلت إلى قناة السويس في أيام قليلة واحتلت شبه الجزيرة بأكملها. وقد أغرت هذه الاحتلالات السياسيين الإسرائيليين باغتصاب هضبة الجولان في سوريا.

فاحتلت إسرائيل في اليوم الأخير من الحرب، مرتفعات الجولان والضفة الغربية وقطاع غزة وشبه جزيرة سيناء.

لقد انبهر المجتمع الإسرائيلي برمته بالتحريض الديني للخطة الواعدة لتحرير الأماكن المقدسة لليهودية إذ كان من المفترض أن تكون القدس جوهرة تاج "إسرائيل الكبرى" الجديدة. إضف إلى ذلك اليمين الإسرائيلي والصهاينة اليسار وأنصار إسرائيل في الغرب الذين انبهروا أيضا بهذه النشوة المجنونة وفسح لهم المجال للدخول في هذه القضية.

ومن ناحية أخرى، لم تكن هناك نية لمغادرة الضفة الغربية وقطاع غزة مباشرة بعد احتلالهما. وفي الواقع لم تكن هناك رغبة في المغادرة على الإطلاق. ويمكن اعتبار ذلك دليلاً آخر على مسؤولية إسرائيل عن تصعيد أزمة 1967 والتسبب في حرب شاملة في المنطقة.

ويذكر إيلون بابيه في كتابه لمتابعة التطورات المتعلقة بحرب الأيام الستة عام 1967، أحد اللقاءات الإسرائيلية. اجتماع تم الكشف عن محضره مؤخرا. فيقول بابيه:

إن كافة الأطياف السياسية واليهودية كانت حاضرة في هذا اللقاء. وبعد قراءة النتائج لهذا الإجتماع وللمحاضر التي تم الكشف عنها يتبين أن الوزراء كانوا يعلمون أنهم يمثلون إجماعاً واسعاً في مجتمعهم الصهيوني. وما عزز هذا الاعتقاد هو الجو المبتهج الذي اجتاح إسرائيل بعد نتائج الحرب القصيرة التي استمرت لستة أيام فقط. حيث كان العديد من هؤلاء السياسيين ينتظرون هذه اللحظة منذ عام 1948.

إن احتلال الضفة الغربية كان أحد أهداف الصهيونية حتى قبل عام 1948 وكان منسجما مع الأهداف العامة للمشروع الصهيوني. بحيث أرادت إسرائيل احتلال أكبر مساحة ممكنة من الأراضي الفلسطينية مع أقل عدد من الفلسطينيين الذين يعيشون هناك.

ويشرح بابي أيضا أن هذا الإجماع ونشوة النصر السخيفة هذه، تكشف لنا عن أنه لماذا لم ينحرف أي من تعاقب لاحقا من المسؤولين الإسرائيليين ولو قليلاً عن القرار الذي اتخذه هؤلاء الوزراء.

القرار الأول الذي اتخذه هؤلاء الوزراء كان يقول بأن إسرائيل لا يمكن أن توجد بدون الضفة الغربية. لذلك لا ينبغي التراجع عن هذه المنطقة بشكل نهائي.

وأما القرار الثاني هو أن السكان الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة لن يتم تضمينهم في تكوين الدولة كمواطنين في إسرائيل ولن تمنح لهم الجنسية الإسرائيلية. وكان واضحاً لإسرائيل أن هذه الإجراءات تجعل سكان الضفة الغربية وقطاع غزة يواصلون حياتهم دون أن يتمتعوا بالحقوق المدنية وحقوق الإنسان الأساسية.

والسؤال الذي كان يطرح نفسه هو إلى متى يستطيع الجيش الإسرائيلي إبقاء الأراضي الفلسطينية محتلة عسكرياً؟.

فمن المؤكد أن الجواب الذي كان يدور في ذهن معظم الوزراء ولا يزال أيضا الجواب القائم لدى مسؤولي الكيان الإسرائيلي هو: إلى زمن طويل جداً.

أما القرار الثالث فكان يتعلق بعملية السلام. حيث كان المجتمع الدولي يتوقع أن تعيد إسرائيل الأراضي المحتلة إلى الفلسطينيين مقابل السلام والإتفاق معهم. ربما كانت تنوي إسرائيل التفاوض مع مصر حول مستقبل شبه جزيرة سيناء ومع سوريا حول هضبة الجولان، لكنها لم تكن لديها أي نية للتفاوض حول الضفة الغربية وقطاع غزة.

ويقول دان باولي (Dan Bavli) في كتابه وهو من الشخصيات إسرائيلية إن عدم التردد في التفاوض بشأن الضفة الغربية هو الجزء الأبرز في سياسة إسرائيل. السياسة التي لازالت قائمة حتى يومنا هذا.

الشيء الذي اخترعه الإسرائيليون هو الحديث عن السلام، أي أنهم من ناحية بدأوا يتحدثون عن السلام ومن ناحية أخرى وعلى أرض الواقع كانوا يقومون بأفعال وخطوات تنتهك السلام.

ويواصل بابيه حديثه بطرح سؤال أساسي على الجمهور يقول فيه: إن من حق الجمهور أن يتساءل حقا عن عدم وجود أي طرف من الصهاينة من دعاة السلام الذين يريدون تحقيق السلام حقًا؟.

في الواقع (نعم) كان هناك من يبحث عن ذلك. لكن هذه المجموعة كانت دائما صغيرة وعلى الهامش. حيث يتم اتخاذ القرارات في إسرائيل من قبل مجموعة مركزية من السياسيين والجنرالات والاستراتيجيين الذين لا يعيرون أي اهتمام للنقاشات الجارية والرأي العام.

وكان عملهم الأكثر أهمية على وجه الأرض هو بناء المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية وقطاع غزة وفي الوقت نفسه الالتزام بتوسيعها في السنوات التالية. ففي البداية قررت إسرائيل بناء هذه المستوطنات في الأماكن التي لا تكون فيها الكثافة السكانية للفلسطينيين عالية. ولكن سرعان ما استسلم الوزراء والمخططون لضغوط حركة الاستيطان الموعودة وقاموا بتوطين اليهود في قلب الأراضي الفلسطينية.

 

************* الموسيقى **************

 

دعونا ننظر إلى المسألة من وجهة نظر الضحايا الفلسطينيين لاكتشاف نوايا إسرائيل الخبيثة وأهدافها الحقيقية منذ عام 1967 فصاعدا.

فبعد احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة قيدت إسرائيل الفلسطينيين بشكل كبير ووضعتهم في حالة برزخية لايمكن تحملها اطلاقا. فالفلسطينيون لم يكونوا لاجئين ولا مواطنين. إنهم كانوا وما زالوا مقيمين لايحملون الجنسية ولايعدون من المواطنين. كان الفلسطينيون الأصليون وما زالوا طبعا سجناء في سجن كبير حيث ليس لديهم أي حقوق مدنية أوحقوق إنسان ليس أمامهم مستقبل مشرق والعالم يتماشي مع هذا الوضع لأن إسرائيل تدعي أنه "مؤقت" وسينتهي. لكن الواقع يختلف مع هذا الادعاء ولا أحد يستطيع أن يخالف إسرائيل.

وحتى الآن لا تزال إسرائيل تسجن الجيل الثالث من الفلسطينيين بمختلف الوسائل وشتى الأساليب وتصور هذا "السجن الكبير" على أنه سلسلة من الحقائق المؤقتة التي ستتغير بمجرد حلول السلام.

ومع هذا الوضع القائم فماذا يستطيع الفلسطينيون أن يفعلوا؟ إن رسالة الإسرائيليين واضحة تماما، إذا وافق الفلسطينيون على القيود المذلة والعنيفة للاحتلال من خلال تجريد أنفسهم من بلادهم، فلربما يحصلون على بعض حقوقهم، ربما. وإذا قاوموا المحتل فإن الجيش الإسرائيلي سوف يرد بوحشية وبكل قوته (وهو ما شهدناه ونشهده في غزة ).

 

خلاصة الكلام:

إن احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة كان استكمالا للمشروع الذي بدأ في عام 1948. ففي ذلك العام احتلت واغتصبت الحركة الصهيونية 80% من فلسطين وفي عام 1967 أكملت اغتصابها واحتلالها للأراضي الفلسطينية.

إن القلق الديموغرافي الذي كان يدور في ذهن بن غوريون باستمرار، تم حله بشكل مثير للسخرية إن لم نقل بشكل مفجع ووحشية تامة وهومن خلال سجن الفلسطينيين.

إنه ليس مجرد وصف تاريخي فمن نواحٍ عديدة وحتى في العشرينيات من القرن الحالي لا يزال هذا السلوك الوحشي والشيطاني هو"الواقع الموجود في الأراضي المحتلة".

أيها الكرام ننهي وإياكم الأسطورة السادسة عن الكيان الإسرائيلي وقد تم التحقق منها وكشف زيفها بالحقائق التاريخية والموجودة.

في الحلقات القادمة سنتحدث عن الخرافات والأساطير الحالية التي تتمسك بها إسرائيل من أجل إنقاذ نفسها من الغرق في دماء الفلسطينيين.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة