بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى﴿۱﴾ الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى﴿۲﴾ وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى﴿۳﴾ وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى﴿٤﴾ فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى﴿٥﴾ سَنُقْرِئُكَ فَلاَ تَنْسَى﴿٦﴾ إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى﴿۷﴾ وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى﴿۸﴾ فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى﴿۹﴾ سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى﴿۱۰﴾ وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى﴿۱۱﴾ الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى﴿۱۲﴾ ثُمَّ لاَ يَمُوتُ فِيهَا وَلاَ يَحْيَى﴿۱۳﴾ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى﴿۱٤﴾ وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى﴿۱٥﴾ بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا﴿۱٦﴾ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى﴿۱۷﴾ إِنَّ هٰذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى﴿۱۸﴾ صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى﴿۱۹﴾
تسميتها وآياتها
سميت هذه السورة بــ(الأعلى)؛ لمطلعها المبارك في الآية الأولى من قوله تعالى: ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى﴾، وتسمى أيضاً سورة (سبح). وآياتها (19) تتألف من (72) كلمة في (296) حرف. وتعتبر هذه السورة من حيث المقدار من السور المفصلات، أي: السور التي لها آيات متعددة وصغيرة.
معاني مفرداتها
أهم المعاني لمفردات السورة:
(غُثَاءً): الغثاء: ما يقذفه السيل على جانب الوادي من الحشيش والنبات وأصله الأخلاط من أجناس شتى.
(أَحْوَى): الأحوى: الأسود، والحوة: السواد أو السمرة.
محتواها
يتلخص محتوى السورة في قسمين:
القسم الأول: يحوي خطاباً إلى النبي (ص)، يأمره الباري سبحانه فيه بالتسبيح وأداء الرسالة، ثم ذكر سبعاً من صفات الله، لها صلة رابط بالأمر الرباني إلى النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم.
القسم الثاني: يتحدث عن المؤمنين الخاشعين، والكافرين الأشقياء، ويتناول باختصار العوامل التي تؤدي إلى كل من السعادة والشقاء.
التفسير
قوله تعالى: ﴿سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى﴾، جاء في كتب التفسير: وعدٌ منه لنبيه صلي الله عليه وآله وسلم أن يمكنه من العلم بالقرآن وحفظ ما أُنزل، بحيث يرتفع عنه النسيان، فيقرأه كما أُنزل، وهو الملاك في تبليغ الوحي كما أوحي إليه.
صلاة العيد وزكاة الفطر
قوله تعالى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى﴾، جاء في كتب التفسير إنه قيل: زكّى؛ أي: أعطى زكاة ماله، وقيل: أراد صدقة الفطرة وصلاة العيد، ومتى قيل هذا القول فكيف يصح ذلك والسورة مكية ولم يكن هناك صلاة عيد ولا زكاة ولا فطرة؟! قال في مجمع البيان: يحتمل إن يكون نزلت أوائلها بمكة وختمت بالمدينة.
عدد الأنبياء والكتب السماوية
قوله تعالى: ﴿إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الأُولَى * صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى﴾، يُستدل بالآية بأنّ لإبراهيم وموسى عليهما السلام كتباً سماوية. وروي عن أبي ذر، إنّه قال: قلت يا رسول اللّه، كم الأنبياء؟ فقال: «مائة ألف نبي وأربعة وعشرون ألفاً» قلت: يا رسول اللّه، كم المرسلون منهم؟ قال: «ثلاثمائة وثلاثة عشر، وبقيتهم أنبياء» قلت: كان آدم عليه السّلام نبيّاً؟ قال: «نعم، كلمة اللّه وخلقه بيده ... يا أبا ذرّ، أربعة من الأنبياء عرب: هود وصالح وشعيب ونبيّك». قلت: يا رسول اللّه، كم أنزل اللّه من كتاب؟ قال: «مائة وأربعة كتب، أنزل اللّه منها على آدم عليه السلام عشر صحف، وعلى شيث خمسين صحيفة، وعلى أخنوخ وهو إدريس ثلاثين صحيفة، وهو أوّل من خط بالقلم، وعلى إبراهيم عشر صحائف، والتوراة والإنجيل والزبور والفرقان».
آياتها مشهورة
قوله تعالى: ﴿إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى﴾، جاء في كتب التفسير: ليس من شك إن الله بكل شيء عليم، وأشار سبحانه هنا إلى ذلك بعد ذكر النسيان ليقول لنبيه الكريم: نحن نعلم ما في نفسك وإنك كنت تخاف أن يفوتك شيء من القرآن... كلا، لن يفوتك شيء، كن في أمان واطمئنان.
فضيلتها وخواصها
وردت فضائل كثيرة في قراءتها، منها:
عن النبي (ص): من قرأ سورة الأعلى أعطاه الله عشر حسنات بعدد كل حرف أنزله الله تعالى على إبراهيم وموسى ومحمد صلي الله عليه وآله وسلم.
عن الإمام الصادق عليه السلام: من قرأ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى في فرائضه أو نوافله قيل له يوم القيامة: ادخل الجنّة في أيّ أبواب الجنّة شئت إن شاء الله.
وردت خواص كثيرة، منها:
عن الإمام الصادق عليه السلام: من قرأها على الأُذنين والرقبة الوجيعة زال ذلك عنها، وتُقرأ على البواسير، وإن كُتِبت لها يبرأ صاحبها سريعاً.