ومن بين تلك المسيّرات نجد مسيّرة سكاي لارك، التي يعتمد عليها جيش الاحتلال لجمع المعلومات والصور لتسهيل مهام قواته البرية على الأرض، لكن هذه الطائرات تحوّلت إلى صيدٍ ثمين للمقاومة الفلسطينية التي نجحت في إسقاطها أكثر من مرة.
ففي الأوّل من ديسمبر/كانون الأول 2023، وبعد ساعاتٍ قليلة من إعلان جيش الاحتلال استئناف هجومه على قطاع غزة بعد هدنة مؤقتة دامت أسبوعاً، أعلنت سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، عن إسقاط مقاتليها طائرة إسرائيلية من دون طيار من طراز "سكاي لارك"، في سماء المنطقة الوسطى لغزة.
وكانت سرايا القدس قد أعلنت في 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، عن إسقاط طائرة إسرائيلية من دون طيار من طراز "سكاي لارك" والسيطرة عليها، فما هي هذه المسيّرة، وما مميزاتها؟
الطائرة الصامتة
طائرة سكاي لارك من دون طيار هي نوع من المسيّرات الإسرائيلية خفيفة الوزن، وتُعدّ من أحدث آليات التجسس لدى الجيش الإسرائيلي، صنعتها الشركة الإسرائيلية "البيت للنظم" Elbit Systems، التي قامت بتصديرها لأكثر من 30 دولة، وتقدَّر تكلفتها بنحو 50 ألف دولار للطائرة الواحدة.
تتميز طائرة "سكاي لارك 1" بكونها طائرة خفيفة يتراوح وزنها بين 7 و7.5 كيلوغرام، بحسب الشركة المصنعة مع حمولة تصل إلى 1.2 كيلوغرام.
بالنظر إلى مهمتها الاستخباراتية، فيطلق على هذه الطائرة اسم الطائرة الصامتة، إذ لا تُصدر Skylark 1 أصواتاً، وتعدّ هادئة لا يُسمع لها صوت من مسافة 10 أمتار.
يبلغ طولها 1.5 متر، وعرضها 3 أمتار، ولها قدرة على التحليق بين ساعة ونصف وثلاث ساعات، لمدى قد يصل لـ40 كيلومتراً.
تُطلق سكاي لارك من الكتف، وتحدد أهدافها بدقة عالية
على عكس نماذج أخرى من طائرات من دون طيار، لا تحتاج "سكاي لارك 1" لمتطلبات تقنية ولوجستية كبيرة، إذ يمكن لطاقم من جنديين إطلاقها باليد، والتحكم فيها بواسطة نظام كمبيوتر محمول.
تستخدم طائرة سكاي لارك من قِبل كتائب المشاة الإسرائيلية للمهام الاستخباراتية وجمع المعلومات، لتوفرها على قدرة هائلة على المسح الضوئي وتحديد الأهداف بدقة عالية، وقدرتها على التحليق ليلاً دون أن تشعر بها الجهة أو المنطقة المراقبة، لأنها مزودة بكاميرات كهربائية بصرية، وكاميرات الليزر والأشعة تحت الحمراء.
كما تتوفر طائرة سكاي لارك على أجهزة إلكترونية تحمل كاميرا تبث صوراً عالية الدقة على مدار 24 ساعة لمراقبة ساحة المعركة وجغرافيتها، وتتمتع بقدرة على رصد الأهداف خلال الليل.
تعتمد قدرات طائرة سكاي لارك على الخبرة التشغيلية المكتسبة من خلال عشرات الآلاف من الطلعات العملياتية التي قام بها جيش الاحتلال الإسرائيلي، مستعينة أيضاً بنظام UAS القياسي لجيش الاحتلال، والذي يُستخدم في مختلف دول الناتو، ومع مستخدمين دوليين آخرين.
وتتيح لها التكنولوجيا العالمية تتبع الأهداف الثابتة والمتحركة بدقة عالية، ما يجعلها سنداً كبيراً ونوعياً للقوات البرية، وبعد الفراغ من مهمتها، تعود الطائرة أدراجها، لكنها تستعين عند الهبوط بما يشبه وسادة مطاطية صغيرة لحماية حمولتها.
تستخدم من طرف 30 جيشاً في العالم، وحرب غزة أسقطت سمعتها
تستخدم طائرة سكاي لارك من قبل أكثر من 30 جهة عبر العالم، وأكد نائب رئيس شركة "البيت" والمدير العام لقسم الأنظمة في الشركة حاييم كيلرمان، أن هناك طلباً عالمياً متزايداً على هذا النوع من الطائرات لصالح القوات الخاصة، وحماية الحدود والمنشآت الخاصة، ومراقبة السواحل ومكافحة الإرهاب.
لكن مع فشلها الذريع في حرب غزة الجارية، وسقوط طائرتين من طراز سكاي لارك بسبب ضربات المقاومة ودقة منظومتها الجوية، من المتوقع أن تسقط رصيد هذه الطائرة وتقل الطلبات عنها، بسبب ضعفها في الهروب من الاستهداف.
استعمل الجيش الإسرائيلي طائرة "سكاي لارك 1" لأوّل مرة في حربه على لبنان عام 2006، وذلك في سبيل جهوده لتجميع معلومات استخبارية لصالح القوات البرية، فضلاً عن استعمالها في قطاع غزة في حروبه المتعددة، والتي كانت آخرها الحرب الحالية، كما استعمل نفس النظام الذي يشغل الطائرة المذكورة في أفغانستان والعراق من قبل الجيش الأمريكي.
وكانت كتائب عز الدين القسام، الذراع العسكرية لحركة المقاومة الإسلامية حماس أوّل جهة نجحت في إسقاط هذه المسيّرة، إذ أعلنت كتائب القسام في 27 يوليو/تموز 2014، عن إسقاط دفاعاتها الجوية لمسيرة إسرائيلية من طراز سكاي لارك.