وانطلقت تلك المواكبُ على وفق خطّةٍ تنظيميّة وتنسيقيّة، وضَعَها قسمُ الشعائر والمواكب الحسينيّة في العتبتَيْن المقدّستَيْن من مختلف محلّات المدينة القديمة، وقد حملت بعضُها نعشاً رمزيّاً يجسّد نعش الإمام المظلوم المسموم، قاصدةً ضريحَيْ الإمام الحسين وأخيه أبي الفضل العبّاس(سلام الله عليهما)، لإحياء هذه الذكرى وتقديم العزاء لهما وللإمام الحجّة المنتظر(عجّل الله تعالى فرجه)، مستذكرين بمسيراتهم العزائيّة هذه حادثة استشهاد خامس أئمّة الهدى الإمام محمد بن علي الباقر(عليهم السلام).
هذا وصدحت حناجرُ المعزّين واعتلت أصواتُ الحزن والنحيب خلال هذه المسيرات العزائيّة، التي رسمت لوحةً من لوحات اللوعة والأسى على فَقْد الإمام.
يُذكر أنّ العتبة العبّاسية المقدّسة قد أعدّت برنامجاً عزائيّاً وخدميّاً لإحياء هذه المناسبة، شمل العديد من الفعّاليات والفقرات التي تسلّط الضوء على هذه الذكرى الأليمة، كإقامة المحاضرات ومجالس العزاء إضافةً إلى استقبال المعزّين ومواكبهم العزائيّة.
وتشيرُ الرواياتُ إلى أنّ الإمام الباقر(عليه السلام) استُشهِد بسمٍّ دسّه له الخليفةُ الأمويّ هشام بن عبدالملك (لعَنَه الله)، في سرجِ فرسٍ أُركِبَ عليه الإمام (عليه السلام) -وقيل أسقاه إيّاه-، وكان ذلك عندما أرجَعَه من دمشق إلى المدينة بعدما أشخَصَه منها إلى الشام، فسرى السمُّ من السرج إلى لحمه فأثّر في رجله، ثمّ أمرضه ثلاثة أيّام فقضى نحبه (عليه السلام) مظلوماً شهيداً مسموماً، ودُفِن في البقيع من المدينة المنوّرة حيث دُفِن أبوه السجّاد وعمُّ أبيه الحسن المجتبى (عليه السلام).