و"مسيرة الأعلام" هي التي أشعلت العام الماضي شرارة معركة "سيف القدس" التي استمرت 11 يوماً وشهدت خلالها غزة واحدة من أعنف المواجهات بين المقاومة الفلسطينية'>المقاومة الفلسطينية وإسرائيل، إذ أمطرت المقاومة الأراضي المحتلة بنحو 4300 صاروخ، فيما نفذت إسرائيل هجمات عنيفة ضد المدنيين والبنية التحتية والمنازل والعمارات السكنية في القطاع.
وأعطت سلطات الاحتلال الإسرائيلي أخيراً المستوطنين الضوء الأخضر لإقامة "مسيرة الأعلام" في 29 مايو/أيار الحالي، مروراً بالحي الإسلامي وباب العامود في القدس المحتلة، وهذا بعد فترة من محاولة حكومة نفتالي بينت منع المستوطنين من القيام باستفزاز الفلسطينيين في الأقصى، والسماح باقتصار اقتحاماتهم على فعاليات محدودة.
وقالت المصادر، إنّ "المقاومة وجهت رسائل تحذيرية مختلفة خلال الأيام الأخيرة للوسطاء لنقلها للاحتلال، لتأكيد مبدأ ترابط الساحات الفلسطينية"، وهو ما يعني استمرار ربط جبهة غزة بالتطورات المتسارعة في الضفة والقدس المحتلتين، وللرد على مطالبات إسرائيلية بإبقاء حالة الهدوء في القطاع المحاصر.
وكان الإسرائيليون قد طلبوا من عدد من الوسطاء أخيراً، نقل رسائل لفصائل المقاومة في غزة وخصوصاً حركة "حماس"، بأنّهم معنيون بالتهدئة والتفاهمات الإنسانية في القطاع، وأنهم لا يريدون إنهاء حالة الهدوء. لكن المقاومة، وفق مصادر "العربي الجديد"، فهمت رسالة الإسرائيليين بطريقة مختلفة.
أُخذت جميع الاحتياطات الأمنية في غزة وطُلب من قادة الصف الأول في فصائل المقاومة الانتباه للتطورات والتعامل بحذر مع المجريات
ففي غزة، فُهمت الرسالة على أنها تعبير حقيقي عن "نوايا" إسرائيلية بشن عدوان غادر أو اغتيال شخصيات وازنة في المقاومة بعد دعوات إسرائيلية عدة بهذا الشأن، لذلك أُخذت جميع الاحتياطات الأمنية وطُلب من قادة الصف الأول في فصائل المقاومة الانتباه للتطورات والتعامل بحذر مع المجريات، وفق المصادر.
وبالتزامن مع هذا التأهب والحذر لدى المقاومة، خرجت دعوات فلسطينية عدة للرباط في الأقصى لإعاقة المستوطنين المقتحمين وإفشال مخططاتهم، ولا سيما لمواطني القدس والداخل المحتل ولمن يستطيع من مواطني الضفة الغربية المحتلة.
وأشارت المصادر إلى أنّ "الارتباك" الذي يعيشه الائتلاف الحكومي "شبه المنهار" في إسرائيل، قد يدفع لـ"مغامرة" عسكرية وفق حسابات سياسية داخلية، خصوصاً في ظل المزايدات الداخلية الإسرائيلية والحديث المتكرر عن "ضعف" الحكومة الحالية برئاسة بينت مقابل حركة "حماس".
وشددت المصادر على أنّ "المقاومة أكملت عدتها وتجهزت جيداً لحرب طويلة، إذا أرادت إسرائيل تغيير قواعد الاشتباك"، وأن "الشعب الفلسطيني لن يدفع ثمن التصعيد وحده، بل سيدفع الإسرائيليون أيضاً الثمن المطلوب وستتصاعد المقاومة من الضفة والداخل أيضاً للالتحام بغزة".
وبالتزامن مع ذلك، أكد عضو المكتب السياسي لحركة "الجهاد الإسلامي"، محمد الهندي، في تصريحات نشرت على موقع الحركة الإلكتروني أخيراً، أن حركته تأخذ دعوات منظمة "لاهافا" اليهودية المتطرفة أخيراً من أجل اقتحام الأقصى والبدء بهدم قبة الصخرة في 29 مايو الحالي، وكذلك مسيرة الأعلام التي تمر من باب العامود والحي الإسلامي في القدس، على محمل الجد، وتراقب تصرفات الاحتلال.
ولفت إلى أن "التلويح بالعودة لسياسة الاغتيالات يعني أن أهداف العدو في غزة أصبحت محدودة"، مشدداً على أن "القدس والأقصى يمثلان العصب الحساس الذي ما إن يمس حتى ينتفض الشعب الفلسطيني في كل مكان وتقف حركات المقاومة أمام تحمل مسؤولياتها، وسيف القدس ما زالت ماثلة للعيان".
وقبل يومين، وفي ظهور نادر، أكد نائب القائد العام لـ"كتائب القسام"، الذراع العسكرية لحركة "حماس"، مروان عيسى، أن معركة "سيف القدس" التي تصادف ذكراها هذه الأيام (اندلعت في غزة من 10 مايو/أيار حتى 21 منه من العام الماضي) "بداية للأيام السوداء التي تنتظر العدو الصهيوني من أجل زواله".
وجاءت تصريحات عيسى خلال ظهوره بالصوت والصورة مع تغطية وجهه، وذلك ضمن مقطع فيديو بثته "كتائب القسام" عن شقيقه وائل، وهو من مسؤولي ملف الاستخبارات في الكتائب واستشهد قبل عام خلال معركة "سيف القدس". ومروان عيسى هو الرجل الثاني عسكرياً في "حماس" وعضو مكتب الحركة السياسي (المُنسق العسكري في المكتب السياسي)، ونائب قائدها العسكري محمد الضيف.
وأشار عيسى خلال الفيديو إلى أن "معركة سيف القدس ستكون لها تداعيات استراتيجية على كيان العدو الغاصب وعلى مستقبله في أرض فلسطين"، مؤكداً أن "دماء الشهداء الطاهرة ستكون جسر التحرير والعودة لشعبنا الفلسطيني".
ومنذ أيام، تبث "كتائب القسام" عبر موقعها الإلكتروني ومنصاتها التفاعلية، أفلاماً ومقاطع توثيقية تتناول تفاصيل جديدة عن قيادييها ومقاتليها الذين استشهدوا خلال الحرب الرابعة على القطاع، والتي فقدت خلالها الكتائب عدداً من كبار مهندسيها وقادتها.
وكانت حركة "حماس" اعتبرت دعوة منظمة "لاهافا" الصهيونية، للمستوطنين لهدم قبة الصخرة وبناء "الهيكل" المزعوم في يوم ما يسمى يوم "توحيد القدس" الأحد المقبل "استفزازاً مباشراً لمشاعر شعبنا وأمتنا، وتصعيداً خطيراً ضد هويتنا وقيمنا ومقدساتنا".
وحمّلت "حماس" في بيان الاحتلال المسؤولية الكاملة عن تداعيات هذه التصرفات، فـ"نارُ اللهب التي تعبث بها هذه الجماعات المتطرفة، سترتد على قادة الاحتلال وحكومته، وتحمل في طيّاتها نذر سقوطهم وزوال كيانهم".
وقالت "حماس" إنها أمام استمرار التهديدات والاقتحامات "ندعو جماهير شعبنا إلى الحشد والرباط وشد الرحال إلى الأقصى، والتصدي بكل قوة، وتصعيد المواجهة ضد الاحتلال ومخططاته التهويدية الخطيرة".
ودعت الحركة "أمتنا، قادة ومنظماتٍ وشعوباً، إلى تحمل مسؤولياتها التاريخية في حماية الأقصى، والتحرك الجاد لمنع التدنيس والعبث بقبلة المسلمين الأولى وثالث الحرمين". وطالبت كذلك "المجتمع الدولي بمؤسساته ومنظماته بتجريم ومنع تلك الاقتحامات التي سيكون لها تداعيات خطيرة على عموم المنطقة".