ومن بين هؤلاء الشعراء والأدباء الأفاضل، نستطيع أن نذكر الخطيب الشهير الأهوازي السيد محمد شعاع فاخر، الذي وصف نهضة الإمام الحسين (عليه السلام) بأروع ما يمكن من الوصف في كتابه الشهير "أنا الشاعر".
السيد محمد شعاع فاخر رجل دين شيعي وخطيب حسيني وشاعر، ولد سنة (1360 هـ - 1941 م) وبدء دراسته الدينية في الحوزه العلمية بالأهواز، ثم هاجر إلى العراق للالتحاق بحوزة النجف الأشرف لإكمال دراسته وكان عضوا في الرابطة الأدبية هناك، ثم عاد بعد فترة إلى موطنه وآثر الإقبال على الخطابة والكتابة.
ويرى السيد محمد شعاع فاخر، فيما أقدم عليه الإمام الحسين (عليه السلام) من تجرد مطلق ومن فداء، صورة لنبي الله عيسي (عليه السلام) في تضحيته وعروجه، كما يرى في مناجاة الحسين (عليه السلام) العاشقة لمعبوده صورة لموسى كليم الله (عليه السلام)، ونذكر لكم نبذة من القصيدة البليغة "ليلة في زمن الأنبياء" كما يلي:
تمنى كليم الله تفديه نفسه ودون الحسين السبط تنحره السمر
ويمضي الشاعر ليعقد مقارنة بين ثبات الإمام الحسين (عليه السلام) وأصحابه واستقبالهم الموت، وبين ما ذكر في الإنجيل المحرف من جزع عيسى حينما علق غلى خشبة الصليب:
وجلّ الصليب المجتلى فوق عوده مسيح كما يجلى من الغبش الفجر
تسلق أعواد الصليب فما ونت رواه ولكن باح بالألم السر
يقول وملء الكون منه شكاية إلى الله ممزوج بها الألم المر
إلهي وربي كن معي في مصيبتي رفيقي فقد عناني الصليب والأسر
وأولاء فتيان الرسول تسابقوا إلى الموت يتلو الحر في سعيه الحر
تلفهم الحرب العوان كأنها نعيم وفيه الأنس لا البيض والسمر
وتستلهم طائفة من هذا الشعر الإشارة القرآنية إلى ذبح إسماعيل وفديه بذبح عظيم، والمائز في رمزية إسماعيل في الشعر الحسيني، أن الإمام الحسين (عليه السلام) لم يجئ المحضر الإلهي بإسماعيل واحد بل جاء بكوكبة من فتيانه كل منهم إسماعيل:
وفي كل حرف من لهيب ندائه خليل لإسماعيله في الحشاء جمر
وإن كان بالذبح العظيم فداؤه لتفدى بإسماعيل فتيانه الغر
المصدر :
كتاب "الإمام الحسين (عليه السلام) في الشعر العربي المعاصر"، للدكتورة إنسية خزعلي