البث المباشر

قبسات من حياة الامام موسى بن جعفر عليه السَّلام

السبت 1 سبتمبر 2018 - 20:08 بتوقيت طهران
قبسات من حياة الامام موسى بن جعفر عليه السَّلام

يصادف يوم ۲۰ ذي الحجة ذكرى ولادة الامام الكاظم السابع من ائمة اهل البيت ـ عليهم السَّلام ـ وبهذه المناسبة نبعث التهاني لكافة المسلمين، ونستعرض قبسات من حياته الشريفة.

 هو الإمام موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن حسين بن علي بن أبي طالب ـ عليه السَّلام  والده الإمام جعفر الصادق ـ عليه السَّلام ـ وأمّه أمّ ولد يقال لها حميدة البربرية.

الولادة والوفاة

 كان مولده ـ عليه السَّلام  بالأبواء بين مكة والمدينة - وقيل في المدينة - في العشرين من ذي الحجة أو السابع من صفر سنة ثمان وعشرين ومائة وقيل تسع وعشرين. وقبض عليه السَّلام شهيداً، ببغداد في حبس السندي بن شاهك في الخامس والعشرين من رجب سنة ثلاث وثمانين ومائة، وله يومئذٍ خمس وخمسون سنة.
 
 وكان عليه السَّلام رجلاً مربوعاً أسمر حلو السمرة حسَن الوجه مشرق متلألئ. 

 وروى الصدوق أنّ نقشَ خاتمه عليه السَّلام  «حَسْبِيَ اللَّه»، وفي رواية المفيد «الملك لله وحده»، وقد وصفه الشيخ المفيد بالقول: «كان أبو الحسن موسى ـ عليه السَّلام  أعبد أهل زمانه وأفقههم وأسخاهم كفاً وأكرمهم نفساً». 

 أزواجه وأولاده‏

 لم تسجل لنا المصادر شيئاً عن عدد أزواجه، ولكن أولاهن السيدة نجمة التي أنجبت له الإمام الرضا ـ عليه السَّلام . 

 وقد اختلفت كلمة المؤرخين في عدد أولاده، لكن أفضل وأنبه وأعلم ولد أبي الحسن موسى ـ عليه السَّلام ـ قدراً وأعلمهم وأجمعهم فضلاً هو الإمام أبا الحسن علي بن موسى الرضا ـ عليه السَّلام ـ كما أنّ ولده أحمد بن موسى المدفون بـشيراز كريماً جليلاً ورعاً، ومن أشهر بناته السيدة فاطمة المعصومة ـ عليها السَّلام ـالتي لها مرقد معروف في مدينة قم المقدسة وسط ايران.

 وينتشر اليوم في شتّى بقاع العالم الإسلامي شبكة عريضة من أحفاد الإمام وذراريه من السادة الموسوية.

 إمامته

 تصدى ـ عليه السَّلام  لمنصب الإمامة بعد شهادة أبيه الإمام جعفر الصادق ـ عليه السَّلام  سنة ۱٤۸ هـ، فكانت مدّة خلافته ومقامه في الإمامة بعد أبيه ـ عليه السَّلام  خمساً وثلاثين سنة. 
 ورغم أنّ الإمام الصادق ـ عليه السَّلام  قد أوصى - لدواع أمنية ولحفظ حياة الإمام الكاظم ـ عليه السَّلام - إلى خمسة، هم: أبو جعفر المنصور ومحمد بن سليمان وعبد الله وموسى وحميدة، إلاّ أنّ تشخيص الإمام ـ عليه السَّلام ـ الحق من بين هؤلاء لم يكن بالأمر الصعب على علماء وكبار رجال مذهب أهل البيت.

 دليل إمامته

 روى كبار المقربين والمحدثين عن الإمام الصادق ـ عليه السَّلام ـ تصريحه بإمامة ابنه الكاظم ـ عليه السَّلام ـ منهم: مفضل بن عمر الجعفي، معاذ بن كثير، عبد الرحمن بن الحجاج، فيض بن المختار، يعقوب السراج، سليمان بن خالد، صفوان الجمال. ومن تلك الروايات ما وراه أبو بصير عن الإمام الصادق ـ عليه السَّلام ـ أنّه قال يوم ولد الإمام الكاظم ـ عليه السَّلام : «وهبَ اللَّهُ لي غُلاماً وهو خيرُ من بَرَأَ اللَّه‏»، وفي رواية أخرى عنه ـ عليه السَّلام : «وَدِدْتُ أَن ليس لي ولدٌ غيرهُ حتَّى لا يشركهُ في حُبِّي لهُ أَحد». 

 الخلفاء المعاصرون له

 عاصر ـ عليه السَّلام ـ إبّان إمامتة أربعة من خلفاء بن العباس، هم:

المنصور الدوانيقي (۱۳٦- ۱٥۸ هجرية)
المهدي العباسي ( ۱٥۸- ۱٦۹ هجرية)
الهادي العباسي ( ۱٦۹- ۱۷۰هجرية)
هارون الرشيد ( ۱۷۰- ۱۹۳ هجرية).

 الثورات الشيعية المعاصرة للإمام

 عاصر الإمام ـ عليه السَّلام ـ من الثورات الشيعية ثورة فخّ التي تعتبر - باستثناء عاشوراء - من أشدّ الحوادث التاريخية إيلاماً في تاريخ التشيع، وكانت بقيادة الحسين بن علي بن الحسن بن الحسن بن الحسن بن علي ـ عليه السَّلام ـ المكنى بأبي عبد الله والمعروف بـصاحب فخّ، سنة ۱٦۹ هـ ق ضد الهادي العباسي في منطقة فخّ القريبة من مدينة مكة المكرمة. وروى الكليني: «إنّه لمَّا خرج الحسين بن عليٍّ المقتولُ بفخٍّ جاء إلى الإمام ـ عليه السَّلام ـ فَقال له أَبو الحسن موسى بن جعفر حين ودَّعهُ: يا ابن عمِّ إِنَّك مقتولٌ فأَجِدَّ (أحدّ) الضِّرابَ فَإِنَّ القوم فُسَّاقٌ يظهرونَ إِيماناً ويسترُونَ شركاً وإِنَّا للَهِ وإِنَّا إِليه راجعون أَحتسِبُكُمْ عند اللَّه من عُصْبَة».

 اعتقال الإمام وإيداعه السجن

 اختلفت كلمة المؤرخين في السبب وراء اعتقال الإمام ـ عليه السَّلام ـ وإيداعه السجن إلاّ أنّها متفقة على مكانة الإمام ـ عليه السَّلام ـ ومنزلته في الوسط الشيعي وكثرة الوشاة عليه.

 الوشاية بالإمام ـ عليه السَّلام ـ 

 عمد البعض من أعداء الإمام الكاظم ـ عليه السَّلام ـ إلى السعي بالإمام ـ عليه السَّلام ـ والوشاية به عند هارون ليتزلّفوا إليه بذلك. من هؤلاء مَن أبلغ هارون بأن الإمام ـ عليه السَّلام  تجبى له الأموال الطائلة من شتّى الأقطار الإسلامية فأثار ذلك كوامن الحقد عند هارون. وفريق آخر من هؤلاء سعوا بالإمام ـ عليه السَّلام ـ إلى هارون، فقالوا له: «إن موسى يطالب بـالخلافة، ويكتب إلى سائر الأقطار الإسلامية يدعوهم إلى نفسه، ويحفّزهم ضد الدولة العباسية»، وكان في طليعة هؤلاء الوشاة يحيى البرمكي، فأثار هؤلاء كوامن الحقد على الإمام ـ عليه السَّلام ـ ومن الأسباب التي زادت في حقد هارون على الإمام ـ عليه السَّلام ـ وسببت في اعتقاله احتجاجه ـ عليه السَّلام ـ عليه بأنّه أولى بـالنبي العظيم ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ من جميع المسلمين، فهو أحد أسباطه ووريثه، وإنّه أحق بالخلافة من غيره وقد جرى احتجاجه ـ عليه السَّلام ـ معه في مرقد النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم . 

 وقد اعتقل الإمام ـ عليه السَّلام ـ سنة ۱۷۹ هجرية وانتهت بشهادته ـ عليه السَّلام ـ في السجن سنة ۱۸۳هجرية، حيث استدعى هارون الرشيد الإمام سنة ۱۷۹ هـ ق من المدينة، وأمر بالتوجه به إلى البصرة التي وصلها في السابع من ذي الحجة، فأودعوه في سجن عيسى بن جعفر، وبعد فترة انتقلوا به إلى سجن الفضل بن الربيع في بغداد ومنه إلى سجن الفضل بن يحيى وسجن السندي بن شاهك الذي كانت نهاية الإمام ـ عليه السَّلام ـ فيه.

 كيفية شهادته

 استشهد الإمام ـ عليه السَّلام  في الخامس والعشرين من شهر رجب سنة ۱۸۳ هـ ق في بغداد في سجن السندي بن شاهك الذي أمر بوضع جنازة الإمام ـ عليه السَّلام ـ على الجسر ببغداد ونودي عليه - تمويها على قتله - هذا إمام الرافضة فاعرفوه، فأنّه موسى بن جعفر ـ عليه السَّلام ـ وقد مات حتف أنفه، ألا فانظروا إليه. فحف به الناس، وجعلوا ينظرون إليه. 

 وقد اختلفت كلمة الباحثين في سبب شهادته، فذهب مشهور المؤرخين إلى أنّه مات مسموماً على يد يحيى بن خالد أو السندي بن شاهك.

 مرقده وثواب زيارته

 يوم تشييع الإمام موسى ـ عليه السَّلام ـ يوم أغر لم تر مثله بغداد في أيامها يوم مشهود حيث هرعت الجماهير من جميع الشرائح إلى تشييع ريحانة رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ فقد خرج لتشييع جثمانه الطاهر جمهور المسلمين على اختلاف طبقاتهم يتقرّبون إلى الله جل جلاله بحمل جثمان سبط النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ وسارت المواكب متجهة إلى محلة باب التبن إلى المقر الأخير، وقد أحاطت الجماهير الحزينة بالجثمان المقدس وهي تتسابق على حمله للتبرك به، فحفر له قبر في مقابر قريش، وأنزله سليمان بن أبي جعفر في مقره الأخير، وبعد فراغه من مراسيم الدفن، أقبلت إليه الناس تعزيه وتواسيه بالمصاب الأليم.

 ومن ذلك الحين وحتى يومنا هذا واصلت الشيعة وغيرهم من المسلمين التوافد على زيارته والتبرك بمرقده الشريفة لما انتهى لهم من عظيم مكانته، وحثّ الأئمة المعصومين ـ عليه السَّلام ـ على زيارة كالمروي عن الإمام الرضا ـ عليه السَّلام : «من زار قبر أبي ببغداد كمن زار قبر رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ وقبر أمير المؤمنين ـ عليه السَّلام ـ إلاّ أن لرسول الله ولأمير المؤمنين صلوات الله عليهما فضلهما».

 كلام الخطيب البغدادي

 روى الخطيب البغدادي عن الحسن بن إبراهيم أبي علي الخلال يقول: «ماهمني أمر، فقصدت قبر موسى بن جعفر، فتوسّلت به إلاّ سهّل الله تعالى لي ما أحب». 

 أصحابه والرواة عنه

 سجلت الكتب الحديثية والرجالية أسماء الكثير من أصحابه والراوين عنه ـ عليه السَّلام ـ حتى قال الشيخ المفيد: «أكثر الناس في الرواية عنه، وكان أفقه أهل زمانه وأحفظهم لكتاب الله، وأحسنهم صوتاً بتلاوة القرآن»، فيما أوصل الشيخ الطوسي عدد الرواة عنه إلى ۲۷۲ روايا، منهم: حمّاد بن عيسى، علي بن يقطين، هشام بن الحكم، أبو الصلت بن صالح الهروي، صفوان بن مهران، صفوان بن يحيي، محمد بن أبي عمير الأزدي، أبان بن عثمان، المفضل بن عمر. 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة