البث المباشر

اللعنة على قتلة الحسين عليه السلام

الأربعاء 29 مايو 2019 - 12:21 بتوقيت طهران

"اللهم العن أول ظالم ظلم حق محمد وآل محمد، وآخر تابع له على ذلك، اللهم العن العصابة التي جاهدت الحسين وشايعت وبايعت وتابعت على قتله، اللهم العنهم جميعاً. السلام عليك يا أبا عبد الله، وعلى الأرواح التي حلت بفنائك، عليك مني سلام الله أبداً ما بقيت وبقي الليل والنهار، ولا جعله الله آخر العهد مني لزيارتكم. السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين".
إخوتنا وأعزتنا المؤمنين، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، طابت أوقاتكم وتقبل الله أعمالكم. أيها الإخوة الأكارم، إن عقائد الإسلام الحنيف لها مقتضيات منطقية، ودواع حكيمة عقلية.. فمحب الأنبياء والأوصياء لابد أن يكون مبغضاً لأعدائهم، كذلك القائل بالحق والعدل لابد أنه يكره الباطل والظلم، والداعي إلى الخير لابد وأن نراه لا يقبل الشر، بل يدفعه ويذمه. فكيف يتفق للمسلم أن يكون موالياً لمحمد وآل محمد صلوات الله عليهم وهو في الوقت ذاته يكون موالياً لمحاربيهم وظلمتهم ومبغضيهم وقتلتهم؟! وكيف يود آل الله وهو في الوقت نفسه يحب أعداءهم ولا يتبرأ منهم؟! وكيف يحزن ويأسف على ما جرى على الإمام الحسين وأهل بيته وصحبه، ولا يلعن قتلته؟!
إذن يكون قد وقع في تناقض في اعتقاده وموقفه، ولم يصبح ولياً حقاً لأولياء الله، ولا محباً لهم، ولم يكن منه مودة في قربى رسول الله صلى الله عليه وآله، وهو الأجر المقدس الذي عينه الله تعالى لحبيبه المصطفى في آية المودة.
إخوتنا الأفاضل.. هنالك من يظن أن اللعن خلق يناقض أخلاق الإسلام، وكأنه لم يقرأ كتاب الله تبارك وتعالى وقد وردت في مفردة اللعن بصيغها المتعددة أكثر من أربعين مرة، من ذلك قوله تعالى:
"قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ{۷۷} وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ{۷۸}"(سورة ص:۷۷-۷۸)
"فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ…"(سورة المائدة: ۱۳)
" إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَـئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ{۱٥۹}"(سورة البقرة: ۱٥۹)
" وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُوْلَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ{۲٥}"(سورة الرعد: ۲٥)
"أَلاَ لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ"(سورة هود: ۱۸)
وآيات كثيرة تصرح باللعن، وهو الطرد من رحمة الله، وهل يعقل مسلم أن رحمة الله تعالى تنال الظالمين لعباد الله، فضلاً عن أولياء الله؟ بل فضلاً عن قتلتهم الذين جابوا الأرض ينشرون الرعب في النفوس والقلوب، ويهتكون الحرمات، ويتجاوزون على الأموال والممتلكات ويغضبون ويعبثون ويحرفون الكلم عن مواضعه وينقضون العهود والمواثيق ويفسدون ويعذبون.
أبعد ذلك كله يستطيع أحد أن يدعي أن اولئك لا يستحقون الطرد من رحمة الله التي وصفها الله جل وعلا أنها قريب من المحسنين؟
فهي إذن بعيد عن المسيئين، كبني أمية وأمثالهم ومن تابعهم وشايعهم على جرائمهم. وهل يكون متقياً من تحرج في لعنهم، وذلكم رسول الرحمة هو الذي قال: "من تأثم أن يلعن من لعنه الله، فعليه لعنة الله".
مستمعينا الأطائب..
وعلى ضوء ما تقدم، يثار السؤال التالي: كيف نفسر دفاع الوهابية ونظائرها عن يزيد وتشنيعها على أتباع أهل البيت – عليهم السلام – بسبب لعنهم لقتلة الحسين وظالمي حق محمد – صلى اله عليه وآله -؟
لنرى ما يقوله ضيفنا الكريم سماحة الشيخ احمد الوائلي الباحث الاسلامي من لندن في الاجابة عن هذا السؤال، نستمع معاً
الوائلي: بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الأنبياء والمرسلين محمد بن عبد الله وآل الطيبين الطاهرين.
في الحقيقة عندما نتكلم عن قضية الامام الحسين وثورة الامام الحسين، هنالك خطان، الخط المحمدي الأصيل والخط الجاهلي المتمثل بالاسلام والذي نستطيع أن نسميه الخط المنافق، الخط الذي جاء من اجل المصالح والتي عبر عنها ابو سفيان. عندما قتل حمزة عليه السلام قيل له ابا عمارة إنهض إن الذي كنا نتقاتل عليه أصبح كالكرة يتلاقفها الصبيان وكما عبر عنه يزيد ايضاً "ليت أشياخي ببدر" واستهلوا وقالوا "يايزيد لاتشل قد قتلنا القرم من ساداتهم فعدلناه بميل بدر فإعتدل". يعني هذا الخط المنافق الذي إتبعه الأمويون وهنالك الخط الذي هو خط الامام الحسين، الخط الذي يقف بوجه الظلمة، الخط الذي جاء لتقديس الدين، هذا الخط الذي يوالي الناس الخيرين الذين يريدون للاسلام الخير، بدأت الناس تعي أن الركون الى الظلمة، الامام الحسين قال هيهات منا الذلة ولايمكن أن نركن الى الظالم وهذا الشعار طرحه الامام الحسين قبل ألف وأربعمئة سنة. الآن الأمة بدأت تعي وتفهم أنه لايجوز الركون الى الظلمة. هنالك حق وهنالك باطل. اذا يزيد بتجاهر بالفسق للأمة، رجل فاسق وغير ممكن أن يكون ولي امر المسلمين، ضرب الكعبة بالمنجنيق، أباح الكعبة، إستباح المدينة. على الأمة أن تعي بأن الامام الحسين عليه السلام جاء لتحرير هذه الأمة من الظلمة واليوم الأمة بدأت تعي هذا الشعار وتفهم هذا الشعار أن الأمة لابد لها أن تنهض بوجه الظلمة، لابد لهذه الأمة أن تعي أنه لايمكن أن يكون أياً مسك الحكم أن تكون لنا في أعناقنا بيعة، نعم اذا كان مستقيماً تكون له البيعة أما اذا كان ظالماً فالامام الحسين طرح ذلك الشعار "هيهات منا الذلة" وما ممكن الركون الى الظلمة والقرآن الكريم أشار الى ذلك ونحن نقول إن الامام الحسين يحمل في جنبه ويحمل في خلده مفاهيم القرآن الكريم "ولاتركنوا الى الذين ظلموا فتمسكم النار" ولو كان يزيد مستقيماً لما ثار عليه الحسين، الامام الحسين ثار حتى ينهي هذا الظلم.
"اللهم إنك تعلم ما كان منا منافسة في سلطان" ماكان الامام الحسين ليكون سلطاناً. الامام الحسين جاء لينقذ هذه الأمة، على الأمة أن تراجع حساباتها بعض الشيء وتفهم من هو الامام الحسين، الامام الحسين قال فيه رسول الله صلى الله عليه وآله ماقال "حسين مني وأنا من حسين". الانسان المتتبع لهذه الروايات وهذه الأحاديث في الحقيقة يعرف من هو الامام الحسين ويعرف من هو يزيد، الانسان الذي يريد وجه الله والذي يريد الحقيقة يراها في الامام الحسين ويراها في ثورته، وعلينا كمحبي أهل البيت أن نوضح هذه الصورة للأمة. الآن وسائل الاعلام مفتوحة، الصوت اليوم يسمع فعلينا أن نصرخ في هذه الأيام وفي كل يوم لماذا خرج الامام الحسين؟ خرج الامام الحسين كما يقال الآن ليحمل حقوق الانسان، الامام الحسين أراد الحرية لهذه الأمة، الانسان الحر هو عبداً لله ولايكون عبداً لغير الله لذلك اراد الامام الحسين لهذه الأمة أن يكونوا احراراً وأن يعيشوا أحراراً، أما يزيد ماذا أراد؟ أراد لهذه الأمة أن يعيشوا أذلاء لذلك حرف الأمة والامام الحسين عندما رأي هذا الانحراف الكبير لهذه الأمة أعلى صوته ولم يكف صوته بل اعطى دمه وضحى بعائلته ونفسه من أجل أن يستقيم الدين. وفي اعناقنا دين للامام الحسين لأنه وضعنا على الخط المحمدي الأصيل. ونحن في هذه الأيام ندعو الله سبحانه وتعالى أن يمكننا بأن نرفع صوتنا ونوضح اهداف الامام الحسين لهذه الأمة.
مستمعينا الأكارم نشكر سماحة الشيخ احمد الوائلي الباحث الاسلامي من لندن على هذه التوضيحات ونتابع من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران تقديم حلقة اليوم من برنامج الحسين في الوجدان.
أيها الإخوة الأحبة.. إن اللعن الذي يصبه المؤمن على الظلمة والمفسدين في الأرض، إنما يعبر به عن غيرته على دينه وعلى أنبياء الله ورسله وخلفائه وأوصيائه عليهم أفضل الصلاة والسلام، كما يعبر به عن بغضه في الله وقد عبر قبله عن حبه للمؤمنين في الله. وباللعن يفصح المؤمن عن براءته من أعداء الله، ومن أفعالهم ومواقفهم، لينبذها ويتحرز من السقوط فيها، وقد حكى القرآن الكريم عن هود عليه السلام موقفه، حيث قوله تعالى: "قالوا يا هود ما جئتنا ببينة وما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك وما نحن لك بمؤمنين*إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء قال إني أشهد الله واشهدوا أني بريء مما تشركون" هود ٥۳-٥٤
ومن هنا نفهم – فضلاً عما تحمله من الدعاء – تفصح عن الغضب المقدس الذي يجيش في صدور المؤمنين حينما يسمعون أو يرون أو يقرأون كيف تهتك حرمات الله وحرمات الرسل والأولياء، وحرمات الشرائع المقدسة من قبل الهاتكين المتجبرين، كيزيد بن معاوية، الذي تجاهر بشرب الخمر حتى في مكة المكرمة، وعقد مجالس الغناء والمجون والعبث، ولاعب القردة والكلاب، وجمع القيان والمغنين وذوي المعازف والملاهي والفسقة حوله، وكان ما كان منه من واقعة الحرة الرهيبة التي هتك فيها حرمة الرسول، بسرقة الأموال والتجاوز على الأعراض وقتل الصحابة والقراء، وقد أحرق الكعبة المقدسة بالمنجنيق، وأما واقعة كربلاء، فيكفي المطالع أن يقرأ منها قتل الأولياء، وسبي الأطفال والنساء، وقطع الرؤوس والتنكيل بها تشفياً برفعها على الأسنة والرماح يطاف بها في البلدان وتصلب على أبواب المدن.
ثم لا يكتفي يزيد بكل ذلك، حيث يعلنها كفراً صريحاً بقوله:
نعب الغراب.. فقلت: صح أو لا تصح فلقد قضيت من الرسول ديوني
ويترنم بأبيات اللعين عبد الله بن الزبعرى:

قد قتلنا القرم من ساداتهم

وعدلناه ببدر فاعتدل

لعبت هاشم بالملك فلا

خبرٌ جاء ولا وحي نزل

لست من خندف إن لم أنتقم

من بني أحمد ما كان فعل


ومن هنا – إخوتنا المؤمنين الموالين – أفتى ابن الجوزي بكفر يزيد ولعنه، وكذا الآلوسي الشافعي والقاضي أبو يعلى، والتفتازاني والحافظ السيوطي الشافعي، وقد سئل إمام الحنابلة أحمد بن حنبل عن لعن يزيد فأجاب: كيف لا يلعن من لعنه الله في كتابه؟! ثم استدل بآية من سورة محمد صلى الله عليه وآله.
كل اولئك هم من علماء أهل السنة، وأما الشيعة فهم المحبون الموالون.
للحسين ولجد الحسين صلى الله عليه وآله الذي صرح قائلاً في أحاديث عديدة رواها علماء أهل السنة، كقوله: "أول من يبدل سنتي رجل من بني أمية يقال له يزيد، لا بارك الله في يزيد الطعان اللعان، لا بارك الله في نفسه.. هذا جبرائيل يخبرني عن أرض بشاطئ الفرات يقال له كربلاء، يقتل فيها ولدي الحسين بن فاطمة. فقيل: من يقتله يا رسول الله؟ فقال: رجل يقال له يزيد، لا بارك الله في نفسه".
ونحن، لكي نبقى مع الحسين وكنا معه، ولكي نموت ونبعث على حب الحسين وجد الحسين، نعلنها لعنات على قتلة الحسين وآل الحسين.

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة