البث المباشر

تفسير موجز للآيات 157 الى 166 من سورة الشعراء

الأحد 5 إبريل 2020 - 15:18 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 670

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم لك الحمد حمد الشاكرين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق والأنبياء والمرسلين أبي القاسم محمد وعلى آله الأطهرين.

إخوة الإيمان، السلام عليكم وأهلاً بكم في هذا اللقاء وهذه الحلقة من برنامج (نهج الحياة) وتفسير آيات أخرى من سورة الشعراء نستهله بالآيات من المائة وسبع وخمسين الى المائة وتسع وخمسين وهي قوله عزوجل:

فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ ﴿١٥٧﴾

فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً ۖ وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ ﴿١٥٨﴾

وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ﴿١٥٩﴾

 

علمنا في الحلقة السابقة أن رؤساء ثمود وهم تسعة اتهموا نبي الله بأنه من المسحرين الذين سحروا كثيراً فهم لا يعقلون ثم قالوا له كما حكاه القرآن (ما أنت إلا بشر مثلنا فأت بآية إن كنت من الصادقين) أي في دعواك (قال هذه ناقة لها شرب ولكم شرب يوم معلوم) أي نصيب من الماء فلا تجاوزوه الى شربها (ولا تمسوها بسوء) أي كعقر وأذى (فيأخذكم عذاب يوم عظيم) وتكمل الآيات المتقدمة هذه القصة من القصص الحق فتبين أن قوم صالح عقروا الناقة التي أخرجها الله لهم من الجبل آية لنبوة صالح عليه السلام (فأصبحوا نادمين) أي على فعلتهم (فأخذهم العذاب) (إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين).

هناك من آمن بصالح نبياً وإن كانوا قلة بعدما تبينوا صدق قوله وما أتى به وبما كانوا يطالبونه به تصديقاً لرسالته.. الآية التي تمثلت بالناقة التي خرجت بإذنه تعالى من الصخرة أو الجبل، لقد ذكرهم بما آل إليه أثر هود ونوح وإبراهيم عليهم السلام ليعتبر به قوم ثمود، لكن (وما أكثرهم مؤمنين) أي بما آتاهم النبي صالح عليه السلام فتمادوا في غيهم فصب الله على القوم غضبه.

تفهمنا الآيات:

  • إن التصدي لآيات الله وآثار قدرته سبحانه وتعالى، عمل مناوئ للأنبياء والرسل لأن في هذه الآيات والآثار عبرة.
  • الرضا بعمل الغير والسكوت عليه، مساهمة في ذلك العمل وفي ثوابه أو عقابه الى ذلك، يشير الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام بقوله: إنما عقر ناقة ثمود رجل واحد فعمهم الله بالعذاب، فقال سبحانه: (فعقروها فأصبحوا نادمين).
  • مرد غضب الله وسخطه أعمالنا نحن.

والآن مع الآيات من المائة والستين الى المائة والأربع والستين من سورة الشعراء المباركة:

كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ ﴿١٦٠﴾

إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ ﴿١٦١﴾

إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ﴿١٦٢﴾

فَاتَّقُوا اللَّـهَ وَأَطِيعُونِ ﴿١٦٣﴾

وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ ۖ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَىٰ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴿١٦٤﴾

 

ثم أخبر سبحانه عزوجل عن لوط فقد ك1ب قومه المرسلين.. كغيرهم من الأقوام.. في هذه الآيات وما تبعها يتحدث النبي لوط عليه السلام عن الفاحشة أي: السيئة الفظيعة القبح وبعبارة عن الشذوذ الجنسي الذي كان مألوفاً لدى القوم قائلاً لهم ما مؤداه: ألا تتقون الله بالورع عن عملكم المشين هذا الذي ما سبقكم به أحد من العالمين فإني رسول من الله إليكم صادق في دعوتي وفيما أأمركم به وفيما أنهاكم عنه ولست أطلب منكم أجراً لقاء ما أدعوكم إليه وأنهاكم عنه فأجري على الله رب السموات والأرضين وخالق الخلق أجمعين.

الآيات هذه تشبه قول لوط ما قاله سائر الأنبياء الذين سبقوا لوطاً وذكروا في هذه السورة توكيداً لوحدة كلمة الأنبياء ونهجهم ووحدة ما كانوا قد دعوا إليه، فكان الزهد والتقوى وتجنب الفواحش وقبائح الأعمال دعوة كل الأنبياء والرسل تمهيداً لتعميم صالح الأعمال وترويجها في المجتمع.

والآن نستمع الى الآيتين المائة والخمس والست وستين من سورة الشعراء المباركة:

أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ ﴿١٦٥﴾

وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم ۚ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ ﴿١٦٦﴾

 

تحذر هذه الآيات من العدوان والتجاوز على القوانين الفطرية في تلبية الحاجات الجنسية بما فيه الفساد والإفساد من خلال معصية ما يعرف اليوم بالعلاقات المثلية وهي نوع من الشذوذ أو الإنحراف الجنسي كانت شائعة مألوفة بين القوم، وإن ما كان يقوله النبي لوط عليه السلام يراه قومه مغايراً لعاداتهم ومخالفاً للحق حسب زعمهم وهي في يومنا أيضاً ليست فقط شائعة بين الرجال بل شائعة أيضاً بين النساء ولكن بمسميات مثل ملكية الفرد لجسده أو لجسمه وبدنه وحقه في إرضاء غرائزه الجنسية بنحو ما وبتوافق أو رضا الطرفين.

بينما الثقافة الدينية والفطرة السليمة ترى غير ذلك ولا تقر ملكية الإنسان لنفسه وجسمه وبدنه ليحق له العمل بنفسه ما يشاء وكيفما يقره ويراه، فالإنسان إنما هو ملك الله أما جسمه أو بدنه فهو أمانة مودعة لديه من عند الله وعلى الإنسان المحافظة على هذه الأمانة وليس من حقه أن يعمل بها أو يتصرف إلا وفق ما شرعه الله وإلا فعمله غير مشروع.

ما تعلمناه من الآيتين:

  • وجوب وصد الشائع من المنكرات في المجتمعات البشرية والنهي عنه بالسبل المناسبة والمجدية تحسباً لإنتشار هذه المنكرات وشيوعها.
  • لمواجهة القبائح والمنكرات، يجب أولاً مواجهة ما يحول دون تلبية المتطلبات الطبيعية للإنسان وهذا ما فعله النبي لوط عليه السلام الذي طرح الزواج حلاً مناسباً ومنطقياً لتلبية الغريزة الجنسية.
  • شرّع الخالق سبحانه وتعالى النهج الفطري وما هو طبيعي للإنسان في إرضائه لغريزته الجنسية، على هذا، شجعت الأديان السماوية كلها الإنسان على الزواج..
  •  الإنحرافات الجنسية مثل المثلية، إنحراف مؤكد عن قوانين الطبيعة ونوع من التمرد والطغيان وتجاوز حدود القيم السماوية والمثل الإنسانية.

بانتهاء هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة نستودعكم الله على أمل اللقاء بكم إخوة الإيمان مستمعينا الأعزاء في حلقة أخرى من البرنامج وتفسير آخر من القرآن الكريم نحن نرحب بآرائكم ومقترحاتكم وشكراً لكم جميعاً.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة