البث المباشر

تفسير موجز للآيات 137 الى 150 من سورة الشعراء

الأحد 5 إبريل 2020 - 14:31 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 668

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم لك الحمد حمد الشاكرين وصل وبارك على نبيك وخيرة خلقك الهادي المصطفى محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين..

والسلام عليكم إخوة الإيمان وأهلاً بكم جميعاً في حلقة أخرى من برنامج نهج الحياة وتفسير آيات أخرى من سورة الشعراء نستهله بالآية 137:

 

إِنْ هَـٰذَا إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ ﴿١٣٧﴾

وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ ﴿١٣٨﴾

فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْنَاهُمْ ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً ۖ وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ ﴿١٣٩﴾

وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ﴿١٤٠﴾

 

في الحلقة السابقة من البرنامج ذكرنا أن قوم عاد ردوا دعوة النبي هود لهم لتجنب ما هو مكروه والعمل بما هو معروف حين قال لهم ما مؤداه (ألا تتقون الله باجتناب معاصيه إني لكم رسول أمين فاتقوا الله وأطيعون).

فقالوا ما مضمونه: لا فرق عندنا أنهيتنا أم لم تكن من الناهين لنا فإنا لا نقبل ما تدعونا إليه على كل حال أوعظت أم سكت.

ثم قالوا: ما هذا الذي نحن فيه إلا عادة الأولين وما نحن بمعذبين على ما تدعيه يا هود لا في الدنيا ولا بعد الموت لأننا لم نذنب ولم نأت بفاحشة.

قال سبحانه وتعالى: (فكذبوه) أي: أن قوم عاد كذبوا هوداً ورسالاته لذا ذاقوا العذاب في هذه الدنيا لعدم إيمان أكثرهم به وعدم البحث عن الحقيقة وما هو حق ليؤمنوا بذلك ويعملوا بما فيه خيرهم وصلاحهم.

لتكون هذه الهلكة عبارة وما تدل على قدرة الله واقتداره ما يوجب على الناس جميعاً الأحذ بها درساً وعظة في الحياة الدنيا فيستجلبوا بذلك رحمة العزيز الرحيم.

تفهمنا الآيات هذه:

إن ما كان عليه الآباء والأجداد لا يدل على أحقيتهم وإن التقليد وغير المدروس أيضاً للمتبقي من العادات والتقاليد وما كان عليه الأقدمون أو التعصب لنهجهم في الحياة مرفوض أساساً فإنه بعيد عن الواقع والمنطق ولا يمت الى العقل بصلة هذا أولاً... وعدم تبرير الطالح من أعمالنا بذريعة اتباع ما كان عليه الآباء والأجداد تنصلاً من المسؤوليات الملقاة على عواتقنا ثانياً.

والآن نستمع الى الآيات 141 الى 145 من سورة الشعراء المباركة:

كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ ﴿١٤١﴾

إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلَا تَتَّقُونَ ﴿١٤٢﴾

إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ﴿١٤٣﴾

فَاتَّقُوا اللَّـهَ وَأَطِيعُونِ ﴿١٤٤﴾

وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ ۖ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَىٰ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴿١٤٥﴾

 

بعد أن أخبر عما جرى لأنبياء ورسل كنوح وإبراهيم وموسى وهود عليهم السلام، يعرض الله سبحانه حال قوم ثمود فيقول:

(كذبت ثمود المرسلين) والمراد ههنا بالمرسلين صالحاً والأنبياء الذين كانوا بينه وبين وآدم عليه السلام (إذ قال لهم أخوهم صالح) أخوهم في النسب لا في الدين (ألا تتقون) عذاب الله في تكذيبي ومخالفتي (إني لكم رسول أمين) على الرسالة فيما بيني وبين ربكم (فاتقوا الله) يعني بطاعته وعبادته (وأطيعون) أي فيما أمركم به من الإيمان والتوحيد (وما أسألكم عليه) أي: على الدعوة الى التوحيد (من أجر) ومال وما أثاب عليه (إن أجري) جزائي وثوابي (إلا على رب العالمين) وخالق الخلائق أجمعين.

عندذاك أشار الخالق جلت قدرته الى حياة النبي صالح عليه السلام وطريقة الدعوة التي اتبعها في هدي قوم ثمود... الطريقة التي سار عليها من سبقه من أنبياء الله ورسله والتي اعتبرت ثلاثة أصول أساس؛ هي: تجنب المعاصي، إتباع الأنبياء ورسل الله الأمناء الصديقين لنيل سعادة الدنيا والآخرة، العمل لله وبأوامر الله وما يرضي الله الخالق الواحد الأحد، لا لما يرضي الناس وما دون الله!!

تفهمنا الآيات:

  •  وحدة رسالات السماء ووحدة الهدف.. إذ كان الأنبياء كلهم يدعون الناس لوحدة الإله الواحد وتجنب معاصيه جل وعلا.
  • حسن سيرة الأنبياء وسلوكهم وماضيهم الذي يشهد لهم بالصدق والأمانة.. ما يحتم على الدعاة أيضاً التمتع بمثل هذه الخصوصيات.

والآن نستمع الى الآية 146 الى الآية 150 من سورة الشعراء:

أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَا آمِنِينَ ﴿١٤٦﴾

فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ﴿١٤٧﴾

وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ ﴿١٤٨﴾

وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ ﴿١٤٩﴾

فَاتَّقُوا اللَّـهَ وَأَطِيعُونِ ﴿١٥٠﴾

 

تعني الآيات مخاطبة قوم ثمود: بما مؤداه أتظنون أنكم تتركون فيما أعطاكم الله ومن عليكم من الخير في هذه الدنيا آمنين من الموت والعذاب. وهذا إخبار بأن ما هم فيه من النعم والخيرات زائل لا يدومن فتشير الآيات هذه الى النعم التي كان قوم ثمود فيها من بساتين عامرة بصنوف الفاكهة وما كاب من الثمر ومن عيون جارية وزروع ونخل رطبها يانع وم\ناضج إذ سو تفتت أو عديم النوى، ثم خاطبهم بما مضمونه:

وتنحتون من الجبال بمنتهى المهارة بيوتاً لتسكنوا فيها وتظنون أنكم خالدون فيها، وهذا ما لا يكون، فاتقوا الله واحذروا عاقبة مخالفته وأطيعوا الله فيما أمركم به الله.

تفهمنا الآيات:

  • التمتع بما أنعم الله علينا في الحياة الدنيا من نعم وخيرات لا تحصى أمر جيد، لكن علينا الحذر كل الحذر من التعلق بهذه الدنيا وما فيها من النعم والخيرات، فإنها فانية ولا تدوم لأحد.
  •  كثرة الرفاهية والراحة والدعة يمهد لفساد الخلق وعدم الزهد والتقوى.. وما يلزم المجتمع المرفه كثرة التذكير والتحذيرات المكررة.

وختاماً؛ نسأل الله التوبة والغفران والهدى الى الطريق السوي.

نستودعكم الله والسلام عليكم.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة