البث المباشر

تفسير موجز للآيات 102 الى 106 من سورة الإسراء

الإثنين 2 مارس 2020 - 17:56 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 496

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين، السلام على حضرات المستمعين الأكارم ورحمة الله وبركاته، هذه حلقة اخرى من نهج الحياة، حيث نتابع تفسير آيات أخرى من سورة الإسراء، وقد وصلنا إلى الآية الثانية بعد المئة منها وهي:

قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنزَلَ هَـٰؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا ﴿١٠٢﴾

ذكرت الآية السابقة لهذه الآية العديد من المعجزات جرت بإذن الله تعالى على يد موسى عليه السلام، لكن الطاغية فرعون لم يؤمن بموسى ونبوته وأكثر من ذلك إتهم نبي الله بالجنون والوقوع تحت طائلة السحر؛ وتأتي هذه الآية لتبين جواب موسى عليه السلام لفرعون وإنه لم يكن ساحراً أو مسحوراً، بل أن ما جرى على يديه كان من الأعمال الخارقة للعادة التي تحدث بإذن الله.

إن معجزات الأنبياء عليهم السلام ليست من أجل الحصول على المنفعة والجاه، إنما هي أدلة وبراهين لدعوة الناس إلى الحق المبين، ومن الطبيعي أن في الهداية الربانية النجاة في الدنيا والآخرة، وإذا ما حرم الإنسان من هذه الهداية كان مصيره إلى ظلمات التيه والضلال ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

والذي يستفاد من هذه الآية:

  •   قد يعرف الإنسان في بعض الأحيان الحق، إلا أنه يميل إلى حيث تميل ريح الجهل، إن فرعون كان يعلم جيداً أن موسى عليه السلام على الحق، بيدأنه رفض الإنصياع لهذا الحق وظل في جهله متخبطاً.
  • إذا كان حاكم المجتمع ظالماً فاسداً فلابد للداعية الديني من دعوة الحاكم الظالم الى الدين الحق.

نعم.. إن في صلاح الحاكم صلاح المجتمع ولذلك فإن موسى عليه السلام بدأ دعوته المباركة من فرعون.

والآن نستمع إلى تلاوة الآيتين الثالثة والرابعة بعد المئة من سورة الإسراء:

فَأَرَادَ أَن يَسْتَفِزَّهُم مِّنَ الْأَرْضِ فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ جَمِيعًا ﴿١٠٣﴾

وَقُلْنَا مِن بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا ﴿١٠٤﴾

إن أسلوب الحكام الظالمين في التعامل مع دعاة الحق يقوم على أساس القتل أو النفي، يفعلون ذلك كي لا يصل صوت الحق إلى آذان الناس، وهكذا فعل فرعون، غافلاً عن أن موسى عليه السلام لم يكن وحده بل معه الله تعالى الذي بعثه في بني اسرائيل نبياً.

وتحدث كتب التفسير والتاريخ أن فرعون وجيشه قد تعقبوا موسى وقومه فأنجاهم الله وعبروا النيل سالمين، بينما غرق فرعون وأتباعه، وهكذا هي عاقبة الطغاة، نعم.. أنه انتصار الحق على الباطل والإيمان على الكفر وكما يحدثنا النص القرآني الكريم أن بني اسرائيل قد تخلصوا من ظلم فرعون وصاروا في بلادهم آمنين.

وعلى أي حال، هذه هي الأيام يتداولها الناس في الدنيا، وفي يوم القيامة يحضر المؤمنون والكافرون والله تعالى بينهم هو الحاكم وهو أحكم الحاكمين.

والى الدروس المأخوذة من هاتين الآيتين:

  •   إن سنة الله تعالى اقتضت أن تغلب إرادته تعالى إرادة الكفار والظالمين، ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين.
  •  ليس الجزاء في الدنيا، إنه في الآخرة وفي يوم الحساب وما ربك بظلام للعبيد.

والآن نصغي إلى تلاوة الآيتين الخامسة والسادسة بعد المئة من سورة الإسراء:

وَبِالْحَقِّ أَنزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ ۗ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا ﴿١٠٥﴾

وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَىٰ مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلًا ﴿١٠٦﴾

تشير هاتان الآيتان إلى مكانة القرآن الكريم والنبي الأكرم (ص)، وتبين أن القرآن نزل بالحق من لدن الله تعالى، نعم.. نزل به الروح الأمين جبرائيل على قلب الرسول الأمين وأن القرآن مصون من أي تحريف، فما أنزله جبرائيل عليه السلام بلغه رسول الله (ص).

نعم.. كان رسول الله (ص) للعالمين بشيرا ونذيرا وداعيا الى الله بإذنه وسراجاً منيراً، والملاحظ أن القرآن الكريم لم يصل الناس دفعة واحدة، بل جاء في الآلاف من الآيات موزعة على 114 سورة، كل هذا لكي يعي الناس مفاهيم هذا السفر العظيم، والملاحظ أيضاً أن الله تعالى بعث الأنبياء عليهم السلام على مر الزمان من لدن سيدنا آدم إلى جانب الخاتم.

والآن إلى الدروس المأخوذة من هذا النص وهي بشكل إجمالي:

  •  إن القرآن الكريم مصون من التحريف والله تعالى يقول "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون" صدق الله العلي العظيم.
  • إن التعليم والتربية والإرشاد لابد أن يكون بشكل تدريجي كي يترك الأثر الإيجابي والمفيد على الناس.
  •  إن من سنن الله في التكوين والتشريع، التدريج.

الله تعالى خلق الكون في دورات ست أو ستة أيام حسبما عبر القرآن، وفي مقدور الله أن يخلق الكون في لحظة واحدة، كذلك الكتب السماوية نزلت على دفعات والرسل والأنبياء عليهم الصلاة والسلام بعثوا في فترات، وفي إمكان الخالق المتعال أن يفعل ذلك دفعة واحدة، وهو الحكيم العليم.

طبتم وطابت أوقاتكم بالخير أيها الأفاضل والسلام خير ختام.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة