البث المباشر

تفسير موجز للآيات 38 الى 41 من سورة الانفال

الإثنين 10 فبراير 2020 - 10:02 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 281

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم لك الحمد حمد الشاكرين، وصل وسلم على حبيبك وخيرة خلقك النبيّ المصطفى محمدّ وعلى آله الطاهرين.

إخوة الإيمان في كلّ مكان السلام عليكم وأهلاً بكم في رحاب القرآن الكريم وحلقة جديدة من برنامج نهج الحياة لنتابع وإياكم تفسير سورة الأنفال.

فبادىء ذي بدء ننصت خاشعين لهذه التلاوة العطرة للآية الثامنة والثلاثين من هذه السورة المباركة:

اعوذ بالله من الشيطان الرجيم

قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف.........

 

من ألطاف الخالق سبحانه وتعالى على عباده- ترك باب التوبة مفتوحاً والتفكير عن الذنوب في كل زمان وفي كل الظروف، فقال: "قل" يا محمدّ "للذين كفروا أن ينتهوا" أي: يتوبوا عما هم عليه من الشرك ويمتنعوا منه "يغفر لهم ما قد سلف" أي: ما قد مضى من ذنوبهم. وقيل: أن ينتهوا عن المحاربة إلى الموادعة يغفر لهم ما قد سلف من المعاقبة "وإن يعودوا فقد مضت سنة الأولين" معناه: وإن يعودوا إلى القتال وأصروا على الكفر فقد مضت سنة الله في آبائكم وعادته في نصر المؤمنين، وكبت أعداء الدين والأسر والإسترقاق. وإنما ذكر ذلك تحذيراً لهم وأفادتنا الآية:

في القضاء على الناس- الملاك- ظروفهم الحالية وما هم عليه الآن- لا عما كانوا عليه سابقاً.

الإسلام –يأبى القتال ولا يدعو إليه- فهو دين الإصلاح والرشاد.

والآن نستمع إلى الآية التاسعة والثلاثين من سورة الأنفال المباركة:

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

وقتلوهم حتى لا تكون فتنة....

 

بعد دعوة الكفار للإسلام وفتح باب التوبة، والاستعفار عما فات من الذنوب وخاصة الشرك بالله والعودة إليه سبحانه تعيد الآية للأذهان التذكير بأنهم إن لم يعودوا ويكفوا عما هم فيه، يجب قتالهم حتى لا تكون فتنة، أي: شرك. ومعناه: حتى لا يكون كافر بغير عهد، لأن الكافر إذا كان بغير عهد كان عزيزاً في قومه يدعو الناس إلى دينه فتكون الفتنة في الدين. وقيل: حتى لا يفتن مؤمن عن دينه "ويكون الدين كله الله" أي: ويجتمع أهل الحق وأهل الباطل على الدين الحق فيما يعتقدونه ويعملون به، أي: ويكون الدين حينئذ كله الله باجتماع الناس عليه. وروي عن الإمام الصادق (ع) أنه قال:

لم يجيء تأويل هذه الآية. ولو قام قائمنا بعد سيرى من يدركه ما يكون من تأويل هذه الآية وليبلغن دين محمد صلى الله وعليه وآله وسلم ما بلغ الليل حتى لا يكون مشرك على ظهر الأرض كما قال الله تعالى "يعبدونني لا يشركون بي شيئاً".

"فإن انتهوا" عن الكفر "فإن الله بما يعملون بصير" أي: فإن رجعوا عن الكفر وانتهوا عنه فإن الله يجازيهم بأعمالهم مجازاة البصير بها باطنها وظاهرها لا يخفى عليه منها شيء.

دلتنا الآية، على أن:

  • مثيري الحروب في العالم- هم المشركون والكفرة- الذين يتاكرون ويثيروا الفتن.
  • على المؤمنين الجهاد ومحاربة المشركين والكفار- مادام الاعداء مصرون على إثارة الفتن.

والآن نبقى لحظات مع هذه التلاوة العطرة للآية الأربعين من سورة الأنفال المباركة:

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

وإن تولوا فأعلموا أن الله مولثكم.....

 

من الأخطار التي تهدد الإنسان- عدم الثبات في الفكر والرأي والعمل- فمن الناس من يتبع كل يوم فريقاً وحزباً ويستبدله في اليوم التالي بفريق آخر وحزب جديد- اليوم مؤمن وغداً كافر- واليوم خير يعمل صالحاً وغداً شقي يعمل المنكر وما نهى عنه الإسلام.

"وإن تولوا" عن دين الله وطاعته "فاعلموا" أيها المؤمنون "إن الله مولاكم" أي: ناصركم وسيدكم وحافظكم "نعم المولى" أي: نعم السيد والحافظ "ونعم النصير" هو ينصر المؤمنين ويعينهم على طاعته ولا يخذل من هو ناصره.

علمنا من الآية:

  • وجوب الإتكال على الله لا غير- حبي الله ونعم الوكيل- فانه سبحانه لن يخذل عبده.
  • انه جل وعلا –نعم المولى ونعم النصير- لا يكلنا الى سواه ولا ينسانا او يتخلى عنا لأمرما.

والآن نصغي لقوله تعالى في الآية الحادية والاربعين من سورة الانفال المباركة:

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن الله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتمى والمسكين وابن السبيل إن كنتم إمنتم بالله وما أنزلنا على عبدنا...

 

في ضوء ما تقدم من حكم الجهاد في الآيات البينات، بين سبحانه مخاطباً للمسلمين "واعلموا أنما غنمتم من شيء" أي: مما قل أو كثر "فإن الله خمسه وللرسول ولذي القربى" قال العلماء في كيفية قسمة الخمس ومن يستحقه، أنه يقسم على ستة أسهم. سهم لله وسهم للرسول وهذان السهمان مع سهم ذي القربى للإمام القائم مقام الرسول صلى الله عليه وآله وسهم ليتاى آل محمد وسهم لمساكينهم وسهم لأبناء سبيلهم لا يشركهم في ذلك غيرهم لأن الله سبحانه حرم عليهم الصدقات لكونها أوساخ الناس وعوضهم من ذلك الخمس.

"فأن الله خمسه" أفتتح الكلام –كما قيل- بالله على جهة التيمن والتبرك. لأن الأشياء كلها له عزوجل والمراد به مصروف إلى الجهات المقربة إلى الله تعالى وللرسول.

وقالوا: كان للنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم سهم من خمسة أسهم يصرفه في مؤنته وما فضل من ذلك يصرفه الى الكراع والسلاح والمصالح ولذي القربى وروي أن سهم الله وسهم الرسول وسهم ذي القربى للإمام القائم من بعده ينفقه على نفسه وعياله ومصالح المسلمين.

"وإن كنتم آمنتم بالله" قيل: يجوز أن يكون إن كنتم آمنتم معلقة بقوله، فاعلموا أن الله مولاكم نعم المولى ونعم النصير إن كنتم آمنتم بالله "وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم المقى الجمعان" أي: فأيقفوا أن الله ناصركم إن كنتم قد شاهدتم من نصره ما قد شاهدتم.

ويجوز أن يكون إن كنتم آمنتم بالله معناه: إعلموا أن ما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول يأمر أن فيه بما يريدان إن كنتم آمنتم بالله ما أمرتم به من الغنيمة واعلموا به وما أنزلنا على عبدنا، أي: وآمنتم بما أنزلنا على محمد من القرآن، وقيل: من النصر، وقيل: من الملائكة. أي: علمتم أن ظفركم على عدوكم كان بنا يوم الفرقان، يعني: يوم بدر. لأن الله تعالى فرق فيه بين المسلمين والمشركين بإعزاز هؤلاء وقمع أولئك يوم إلتقى الجمعان جمع المسلمين وهم ثلاثمئة وبضعة عشر رجلاً وجمع الكافرين وهم بين تسعمئة إلى الف من صناديد قريش ورؤئهم فهزموهم وقتلوا منهم زيادة على السبعين وأسروا منهم مثل ذلك وكان يوم بدر يوم الجمعة لسبع عشرة ليلة مضت من شهر رمضان من سنة إثنتين من الهجرة على رأس ثمانية عشر شهراً. وقيل: التاسع عشر من شهر رمضان.

"والله على كل شيء قدير" مرّ تفسيره في سورة البقرة.

سئل علي بن الحسين عليه السلام، وعبد الله بن محمد بن علي عن الخمس، فقالا: هو لنا.

وقيل لعليّ: إن الله يقول" واليقامى والمساكين وابن السبيل" فقال: يتامانا ومساكيننا.

أفهمتنا الآية:

  • وجوب تأمين نفقات ما يحتاجه المحرومون لادارة شئونهم، من عائدات افراد المجتمع، فهم شركاء الأغنياء في أموالهم.
  • غزوة بدر- انموذج النصر الالهي وامداد الخالق لنصرة المسلمين... وقد اشار سبحانه لذلك اكثر من مرة.

 

أعزاءنا المستمعين إنتهت هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة نستودعكم الله والسلام عليكم.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة