البث المباشر

تفسير موجز للآيات 273 حتى 277 من سورة البقرة المباركة

الأحد 26 يناير 2020 - 10:52 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 71

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين؛ مستمعينا الأكارم أسعد الله أوقاتكم بالخير والبركة وأهلا بكم في لقاء قرآني جديد نبدأه بتفسير للآيتين الثالثة والسبعين بعد المئتين والرابعة والسبعين بعد المئتين من سورة البقرة اللتين نصغي إليهما أولا وذلك بصوت الأستاذ القارئ برهيزكار:

 للفقراء ............. يحزنون.

مستمعينا الأفاضل أوصى الإسلام كثيرا بإيجاد حالة توازن اقتصادي في المجتمع من خلال إنفاق الأغنياء والأثرياء على المعوزين والفقراء، وتشير هاتان الآيتان الى المهاجرين والمجاهدين في سبيل الله الذين شردوا وخرجوا من ديارهم ويعيشون في ديار الغربة، الفاقة والعوز، هؤلاء ينبغي الإنفاق عليهم خصوصا وإنهم لا يظهرون الفقر حفظا لكرامتهم؛ وجاء في التاريخ أن جمعا من المسلمين هاجروا مع رسول الله (ص) من مكة الى المدينة، وفي المدينة آخى الرسول (ص) بين المهاجرين والأنصار، وكان من بين المهاجرين الى جانب المسجد النبوي، وهم الذين عرفوا بأهل الصفة، وحث القرآن على الأخذ بأيديهم وإعانتهم.

وفي هاتين الآيتين دروس وعبر منها:

أولا: جعل الله للفقراء حقا في أموال الأغنياء.

ثانيا: ينبغي في الإنفاق حفظ كرامة الفقراء والمبادرة في الإنفاق قبل السؤال.

ثالثا: يبين القرآن أن الفقير هو الذي لا يقدر على إدارة شؤون حياته المادية لمرض أو عاهة أو بسبب الشيخوخة أو لحدوث كوارث طبيعية كالسيل والزلزلة، أو بسبب وقوع الحروب والمنازعات أو التغرب ونظائره.

 

ويقول تعالى في الآيتين الخامسة والسبعين بعد المئتين والسادسة والسبعين بعد المئتين من سورة البقرة المباركة:

الذين ................. أثيم.

لعلكم تتذكرون حضرات المستمعين، إن الله تبارك وتعالى وفي أربعة عشر آية من سورة البقرة، حثَّ على الإنفاق في سبيله حيث يبين الذكر الحكيم ما يعود به الإنفاق من نتائج ايجابية على الفرد والمجتمع فإنماء روح السماح عند الإنسان فيه عائد دنيوي وأخروي، إنه يحرره من عبودية هذه الدنيا الفانية ويشيد له البيوت المعمورة بالأجر والثواب في الآخرة الباقية. فالآخرة خير وأبقى كما هو صريح القرآن الكريم، ثم إن الإنفاق في سبيل الله يخفف من وطأة الإختلاف الطبقي في المجتمع ويفعم فيه روح الأخوة والمساواة؛ إن الإنفاق في الظاهر يقلل من المال، أما الربا فيزيده، بيد أن الأول حلال ومطلوب والثاني حرام ومنبوذ، ويبين الذكر الحكيم أن المرابي، أي آكل الربا، يتصرف كالذي أصابه مس من الجنون، إنه لا يفكر إلا في جمع المال بل أن جمع المال من الربا يوجد فيه الجنون. وقد أوضح الفكر الإسلامي انواع الربا وأبان أحكامه في الربا يكون في المعاملات وقد يكون في القرض وكلاهما حرام شرعا؛ أموال الربا لا تساهم في إدارة العجلة الإقتصادية بشكل صحيح ولا في الإنعاش الإقتصادي، بل على العكس تزيد الفقير فقرا والثري ثراءً. وهكذا تزيد من الهوة في طبقات المجتمع، وقد مر علينا أن الإنفاق يقلل من الفوارق الطبقية، ومن الضروري التنويه هنا عزيزي المستمع الى هذه النقطة وهي أن الربا حرام في الإسلام وسائر الأديان والشرائع وقد وضعت له عقوبات شرعية في الآخرة. وفي الأحاديث الشرعية ما يبين شناعة هذا العمل، حتى إن أكل درهما ربا، أشد من سبعين زنية كلها بالمحارم، أعاذنا الله من هذا ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

أما الآن، مستمعينا الأكارم الى أهم الدروس من هذا البيان القرآني:

الربا، وهو حرام شرعا، يوجد نفرة بين النفوس ويحول دون إرسال دعائم العدل في المجتمع، لكن الإسلام، وهو الدين الجامع، يرى كسائر الشرائع، حرمة الربا لأنه كفر بنعم الله على الناس.

 

ويقول تعالى في الآية السابعة والسبعين بعد المئتين من سورة البقرة:

إن الذين آمنوا........................ يحزنون.

نعم اعزائي المستمعين، تعرف هذه الآية المؤمن الحقيقي الذي يرتبط بخالقه بواسطة الصلاة، ويمد جسور العلاقة مع الآخرة بواسطة الزكاة، ولطالما قرن القرآن الكريم بين الصلاة والزكاة وهما من أركان الحياة. إن ديننا ليس دين رهبانية، إنه دين لكمال البشرية، فليس منا من ترك دنياه لآخرته وليس منا من ترك آخرته لدنياه، إنما منا من أخذ من هذه وهذه؛ (إعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً).

 

حضرات المستمعين الأفاضل؛ من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، استمعتم الى برنامج نهج الحياة؛ نسأل الله أن يأخذ بأيدينا الى طريق الخير ويوفقنا واياكم للعمل الصالح، فخير الناس من نفع الناس، والسلام خير ختام.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة