البث المباشر

سَلاَمٌ كأَزهار الرُّبَى

السبت 21 ديسمبر 2019 - 07:40 بتوقيت طهران
سَلاَمٌ كأَزهار الرُّبَى

إذاعة طهران- مدائح الانوار: الحلقة 677

بسم الله والحمد لله الذي رزقنا البراءة من أعدائه أعداء أوليائه الصادقين حبيبه المصطفى المبعوث رحمة للعالمين وآله الطيبيين الطاهرين صلوات الله وتحياته وبركاته عليهم أجمعين.
سلام من الله مقروناً برحمته وبركاته عليكم إخوتنا المستمعين..
أهلاً بكم في لقاء اليوم من هذا البرنامج نخصصه لقراءة واحدة من بدائع الشعر الأندلسي في مدح ورثاء سيد الشهداء الإمام الحسين – عليهم صلوات ربي وملائكته المقربين -.
هذه المديحة الحسينية لأحد أعلام الأدب الأندلسي في القرن الهجري السادس هو أبو بحر صفوان بن إدريس التجيبي المولود سنة ٥٦۱ في مدينة مرسية من أحد بيوتها العلمائية المعروفة من المذهب المالكي، والمتوفى فيها سنة ٥۹۸ للهجرة رحمه الله.
وقد إهتم هذا الأديب الكاتب بترجمة أدباء الأندلس وشعرائها وله أكثر من مؤلف في ذلك إضافة إلى مجلدي كتاب (الرحلة) الذي جمع فيه نتاجاته الشعرية والنثرية.
وتتميز المديحة الحسينية التي إخترناها لهذا اللقاء من شعره بتصويرها الفني البليغ لأبعاد المظلومية الحسينية من خلال تفاعل الرموز الدينية معها وكذلك جميل تصويره من تظلم الزهراء البتول – صلوات الله عليها – تظلمها إلى الله ورسوله بسبب هذه المظلومية، تابعونا على بركة الله.
قال هذا الأديب الأندلسي في مديحته الرثائية:

سَلاَمٌ كأَزهار الرُّبَى يُتَنَسّمُ

عَلَى مَنزِلٍ منهُ الهُدَى يُتَعَلّمُ

عَلى مَصرَعٍ لِلفاطِمِيِّينَ غُيِّبَت

لأوجُهِهِم فِيهِ بُدُورٌ وَأَنجُمُ

عَلَى مَشهَدٍ لَو كُنت حَاضِرَ أَهلِهِ

لَعَايَنت أعضَاءَ النَّبِيِّ تُقَسَّمُ

عَلَى كَربَلا لا أَخلَفَ الغَيثُ كَربَلا

وَإِلا فَإِنَّ الدَّمعَ أندَى وَأكرَمُ

مَصَارِعُ ضجَّت يَثرِبٌ لِمُصَابِهَا

وَنَاحَ عَلَيهِنَّ الحَطِيمُ وَزَمزَمُ

وَمَكَّةُ وَالأَستَارُ والرُّكنُ والصَّفَا

وَمَوقِفُ جَمع الحَطِيم وَزَمزَمُ

وَبِالحَجَرِ المَلثُومِ عُنوَانُ حَسرَةٍ

أَلستَ تَرَاهُ وَهوَ أَسوَدُ أَسحَمُ

وَرَوضَةُ مَولانَا النَّبِيّ مُحَمَّدٍ

تَبَدَّى عَلَيهَا الثُّكلُ يَومَ تُخُرّمُ

وَمِنبره العُلوي وَالجِدعُ أَعوَلا

عَلَيهِم عَوِيلاً بِالضَّمَائِرِ يُفهَمُ

وَلَو قَدرت تِلكَ الجَمَادَات قدرهم

لَدُكَّ حِرَاءٌ وَاستُطِيرَ يلَملَمُ

وَمَا قَدرُ مَا تَبكِي البلادُ وَأهلُهَا

لآلِ رَسُولِ اللَّهِ وَالرُّزءُ أَعظَمُ

لَوَ انَّ رَسُولَ اللَّهِ يَحيَى بُعَيدَهُم

رَأى ابنُ زِيَادٍ أمّه كَيفَ تَعقمُ

وَأَقبَلَتِ الزَّهراءُ قُدسَ تُربُهَا

تُنَادِي أَبَاهَا وَالمَدَامِعَ تَسجُمُ

تَقُولُ أَبِي هُم غَادَرُوا ابنَيَّ نُهبَةً

لِمَا صَاغَهُ قَينٌ وَمَا مَجَّ أرقَمُ

سَقَوا حسناً بِالسُّمِّ كَأساً رَوِيَّةً

وَلَم يَقرَعُوا سِنّاً وَلَم يَتَنَدَّموا

وَهُم قَطَعُوا رَأسَ الحُسَينِ بِكَربَلا

كَأَنَّهُمُ قَد أَحسَنُوا حِينَ أُجرِموا


أيها الأكارم، ويواصل الأديب الأندلسي المبدع أبوبحر صفوان بن إدريس تصويره لموقف الصديقة الزهراء وتظلمها – عليها السلام – إلى الله من جناة واقعة الطف فيحكي لسان حالها بقوله – رحمه الله:

فَخُذ مِنهُمُ ثَارِي وَسَكِّن جَوَانِحاً

وَأجفَانَ عَينٍ تَستَطِيرُ وَتَسجُمُ

أَبِي وَانتَصِر لِلسِّبطِ وَاذكُر مُصَابَهُ

وَغُلَّتَهُ والنَّهرُ رَيَّانُ مُفعَمُ

وَأَسْرَ بَنِيهِ بَعدَهُ وَاحتِمَالَهُم

كَأنَّهُمُ مِن نسلِ كِسرَى تُغُنَّمُ

وَنَقرَ يَزيدٍ في الثَّنَايَا التي اغتَدَت

ثَنَايَاكَ فِيهَا أَيُّهَا النُّورُ تَلثِمُ

وَلَكِنَّهَا أَقدَارُ رَبي بِهَا قَضَى

فَلا يَتَخَطَّى النَّقضُ مَا هُوَ يُبرِمُ

قَضَى اللَّهُ أَن يَقضِي عَلَيهِم عَبِيدهم

لِتَشقَى بِهِم تِلكَ العَبِيدُ وَتُنقَمُ

هُمُ القَومُ أَمَّا سَعيُهُم فَمُخَيَّبٌ

مضَاعٌ وَأَمَّا دَارُهُم فَجَهَنَّمُ

فَيَا أَيُّهَا المَغرُورُ وَاللَّهُ غَاضِبٌ

لِبنتِ رَسُولِ اللَّهِ أَينَ تُيَمِّمُ

أَلا طَرَبٌ يُقلَى أَلا حُزن يُصطَفَى

أَلا أَدمُعٌ تُجرَى أَلا قَلبٌ يُضرَمُ

قِفُوا سَاعِدُونَا بِالدُّمُوعِ فَإِنَّهَا

لَتَصغُرُ فِي حَقِّ الحُسَينِ وَيَعظُمُ

وَمَهمَا سَمِعتُم فِي الحُسَينِ مَرَاثِياً

تُعَبِّرُ عَن مَحضِ الأَسَى وَتُتَرجِمُ

فَمُدُّوا أَكُفَّ المُسعدينَ بِدَعوَةٍ

وَصَلُّوا عَلَى جَدِّ الحُسَينِ وَسَلَّموا


اللهم صل على محمد وآل محمد في الأولين والآخرين وفي الملأ الأعلى وفي المرسلين اللهم آمين، ورحم الله هذا الأديب الأندلسي أبا بحر صفوان بن إدريس التجيبي من أعلام الأدب الأندلسي في القرن الهجري السادس وجزاه الله خيراً على إستشفاعه إليه بمدحه الرثائي هذا لسيد الشهداء وأهل بيت النبوة – عليهم السلام – وبراءته من أعدائهم التي رأيناها متجلية في قصيدته التي قرأناها لكم في حلقة اليوم من برناجكم (مدائح الأنوار) إستمعتم لها مشكورين من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران.. تقبل الله أعمالكم ودمتم في رعايته سالمين.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة