البث المباشر

آمنت بالحسين للشاعر محمد مهدي الجواهري

الأربعاء 18 ديسمبر 2019 - 14:11 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- مدائح الانوار: الحلقة 674

بسم الله وله الحمد إذ رزقنا مودة صفوته المنتجبين وكنوز رحمته للعالمين قرة عين الناظرين الحبيب محمد وآله الطاهرين صلوات الله وتحياته وبركاته عليهم أجمعين.
السلام عليكم إخوتنا المستمعين، أطيب تحية نحييكم بها ونحن نلتقيكم بتوفيق الله في حلقة أخرى مع مدائح الأنوار المحمدية.
(آمنت بالحسين) هو – مستمعينا الأفاضل – عنوان القصيدة الغراء التي إزدان بها ديوان شاعر العرب الأكبر في القرن الهجري الرابع عشر المرحوم محمد مهدي الجواهري وهي من روائع الشعر الحسيني المعاصر في جمال تصويرها لأبعاد الملحمة الحسينية التي إستقطبت مشاعر كل إنسان لشدة نورانيتها في تجلية أسمى القيم الإنسانية.
يعود تأريخ إنشاء هذه القصيدة البديعة إلى سنة ۱۹٤۷ ميلادية وقد ألقاها منشؤها الجواهري النجفي في ذكرى إستشهاد سيد الشهداء ونشرت في جريدة (الرأي العام) التي كان رحمه الله يديرها في تلك الأيام.
وقد أنتخب منها خمسة عشر بيتاً لتكتب بالذهب على باب الرواق المؤدي إلى الضريح المقدس في المشهد الحسيني لتكون ذخيرة لشاعر العرب الأكبر رحمه الله نقرأ لكم في هذا اللقاء شطرها الأول فكونوا معنا مشكورين.
يفتتح الشاعر الجواهري قصيدته بمطلع بليغ في تصوير مشاعر من يدخل المشهد الحسيني مستلهماً منه روح العزة والإباء وهي تعبق بالطيب المحمدي الخالص، فيقول رحمه الله:

فِدَاءً لمثواكَ من مَضْــجَعِ

تَنَـوَّرَ بالأبلَـجِ الأروَعِ

بأعبقَ من نَفحاتِ الجِنـانِ

رُوْحَاً ومن مِسْكِها أَضْـوَعِ

وَرَعْيَاً ليومِكَ يومِ "الطُّفوف"

وسَقْيَاً لأرضِكَ مِن مَصْـرَعِ

وحُزْناً عليكَ بِحَبْسِ النفوس

على نَهْجِكَ النَّيِّـرِ المَهْيَـعِ

وصَوْنَاً لمجدِكَ مِنْ أَنْ يُذَال

بما أنتَ تأبـاهُ مِنْ مُبْـدَعِ

فيا أيُّها الوِتْرُ في الخالدِينَ

فَـذَّاً ، إلى الآنَ لم يُشْفَـعِ

ويا عِظَةَ الطامحينَ العِظامِ

للاهينَ عن غَـدِهِمْ قُنَّـعِ

تعاليتَ من مُفْزِعٍ للحُتوفِ

وبُـورِكَ قبـرُكَ من مَفْـزَعِ

تلوذُ الدُّهورُ فَمِنْ سُجَّدٍ

على جانبيـه ومـن رُكَّـعِ

شَمَمْتُ ثَرَاكَ فَهَبَّ النَّسِيمُ

نَسِيـمُ الكَرَامَـةِ مِنْ بَلْقَـعِ

وعَفَّرْتُ خَدِّي بحيثُ استراحَ

خَـدٌّ تَفَرَّى ولم يَضْـرَعِ

وحيثُ سنابِكُ خيلِ الطُّغَاةِ

جالتْ عليـهِ ولم يَخْشَـعِ

وَخِلْتُ وقد طارتِ الذكرياتُ

بِروحي إلى عَالَـمٍ أرْفَـعِ

وطُفْتُ بقبرِكَ طَوْفَ الخَيَالِ

بصومعـةِ المُلْهَـمِ المُبْـدِعِ

كأنَّ يَدَاً مِنْ وَرَاءِ الضَّرِيحِ

حمراءَ " مَبْتُـورَةَ الإصْبَـعِ"

تَمُدُّ إلى عَالَـمٍ بالخُنُـوعِ

وَالضَّيْـمِ ذي شَرَقٍ مُتْـرَعِ

تَخَبَّطَ في غابـةٍ أطْبَقَـتْ

على مُذْئِبٍ منـه أو مُسْبِـعِ

لِتُبْدِلَ منهُ جَدِيـبَ الضَّمِيرِ

بآخَـرَ مُعْشَوْشِـبٍ مُمْـرِعِ

وتدفعَ هذي النفوسَ الصغارَ

خوفـاً إلى حَـرَمٍ أَمْنَـعِ


ويتابع شاعر العرب الأكبر المرحوم محمد مهدي الجواهري مديحته الحسينية وهو يصور أثر التفاعل مع الملحمة الحسينية في دفع الذلة والمسكنة عن النفوس ونقلها من ظلماتها إلى أنوار العزة فالحسين هو – عليه السلام – سيد الشهداء والمنار الذي يأخذ بأيدي طالب الكرامة إلى ساحلها الرحب، قال رحمه الله:

تعاليتَ من صاعِقٍ يلتظي

فَإنْ تَـدْجُ داجِيَـةٌ يَلْمَـعِ

تأرّمُ حِقداً على الصاعقاتِ

لم تُنْءِ ضَيْـراً ولم تَنْفَـعِ

ولم تَبْذُرِ الحَبَّ إثرَ الهشيمِ

وقـد حَرَّقَتْـهُ ولم تَـزْرَعِ

ولم تُخْلِ أبراجَها في السماء

ولم تأتِ أرضـاً ولم تُدْقِـعِ

ولم تَقْطَعِ الشَّرَّ من جِذْمِـهِ

وغِـلَّ الضمائـرِ لم تَنْـزعِ

ولم تَصْدِمِ الناسَ فيما هُـمُ

عليهِ مِنَ الخُلُـقِ الأوْضَـعِ

تعاليتَ من "فَلَـكٍ" قُطْـرُهُ

يَدُورُ على المِحْـوَرِ الأوْسَـعِ

فيابنَ البتـولِ وحَسْبِي بِهَا

ضَمَاناً على كُلِّ ما أَدَّعِـي

ويابنَ التي لم يَضَعْ مِثْلُها

كمِثْلِكِ حَمْـلاً ولم تُرْضِـعِ

ويابنَ البَطِيـنِ بلا بِطْنَـةٍ

ويابنَ الفتى الحاسـرِ الأنْـزَعِ

ويا غُصْنَ "هاشِـمَ" لم يَنْفَتِحْ

بأزْهَـرَ منـكَ ولم يُفْـرِعِ

ويا واصِلاً من نشيدِ الخُلود

خِتَـامَ القصيـدةِ بالمَطْلَـعِ

يَسِيرُ الوَرَى بركابِ الزمانِ

مِنْ مُسْتَقِيـمٍ ومن أظْلَـعِ

وأنتَ تُسَيِّرُ رَكْبَ الخلـودِ

مـا تَسْتَجِـدُّ لـهُ يَتْبَـعِ


كان هذا مستمعينا الأفاضل الشطر الأول من قصيدة (آمنت بالحسين) لشاعر العرب الأكبر المرحوم محمد مهدي الجواهري وهي من روائع الشعر الحسيني المعاصر، نسأل الله أن يوفقنا لقراءة شطرها الثاني في حلقة أخرى من برنامجكم (مدائح الأنوار).
شكراً لكم ولكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران خالص الدعوات ودمتم بألف خير.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة