البث المباشر

لغز الوجود

الأربعاء 18 ديسمبر 2019 - 13:17 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- مدائح الانوار: الحلقة 666

بسم الله وله الحمد نور السموات والأرضين ومنيرها بأنوار رحمته الكبرى للعالمين حبيبه المصطفى الأمين وآله الطيبين الطاهرين.
السلام عليكم إخوتنا المستمعين معكم في حلقة اليوم من برنامجكم هذا نقرأ لكم واحدة من أعمق القصائد التي أنتجها الأدب العربي بأعلامه من المسيحيين في مدح صوت العدالة الإنسانية الإمام علي – صلوات الله عليه – إنها مديحة (في محراب علي) للأديب اللبناني الأستاذ خليل فرحات المتوفى سنة ۱۹۹٤ للميلاد، وقد نقلنا في حلقة سابقة سر إنشائه لهذه المديحة التي تقارب المئتي بيت في ثمانية عشر مقطعاً وملخصها أنه أنشأها بعد شفائه من داء كان قد ألم به وقرر بسببه الأطباء قطع رجله فتوسل إلى الله بوليه المرتضى – عليه السلام – فعافاه الله وعادت رجله سالمة فأنشأ القصيدة شكراً على ذلك كما نقل ذلك صديقه الشاعر اللبناني الأستاذ نجيب جمال الدين في مقدمته لديوان (في محراب علي)؛ تابعونا على بركة الله.
أيها الأكارم، نقرأ الآن أبياتاً من المقطع الثاني من هذه القصيدة تحت عنوان (لغز الوجود) يشير فيها إلى إرتضاء الله عزوجل وليه المرتضى لإطلاعه على علم غيبه فخاطبه – عليه السلام – قائلاً:

لئن كان كل الغيب عندك علمه

فما عالم الكيماء؟ أو عالم الجبر؟؟

وقالوك في الهيجاء أوزن فارس

تدارى الألى فروا وتأنف من فر

وعندك كان القتل خلوا من الأنا

فسيفك قوام على الخير والشر

سألتك هل تشفي الذي أنت صارع

لكفر؟ لذا الأعناق تحلم بالغفر

تحاشي ظبي الأسياف غير ملومة

وتهفو إلى عضبيك بالشفع والوتر

وقالوا بل الأرباب أعطتك أسهما

فلا أنت باريها ولا هي تستبري

وهن مقادير على الخلق تنقضي

وإن تحظر الأقدار أنت أبو الحظر

أقاويل فيها الجهل والعلم والهوى

وفيها الذي قل لي فغيرك لا يدري

وأقوال من خانوا وأقوال من وفوا

وأقوال سواس مهلهلة الأزر

فمرا أرى الإيمان يهدر صوته

ومرا الكفران في أقبح الهدر

فمن ذا يريح الناس إن تاجر الخنى

ويلقم أحجارا دهاقنة التجر

سواك سوى رب الدروب جميعها

عسير السير في الأدرب العسر

أيها الأفاضل وقبل أن نتابع قراءة المقطع اللاحق، نشير إلى أن في الأبيات المتقدمة إشارات عميقة إلى امتزاج الشجاعة العلوية بالرأفة والرحمة بالأعداء سعياً لإنقاذهم من بؤر الكفر كما أن فيها إشارات إلى عجز الأصدقاء والأعداء عن إدراك سر العفو العلوي عن أعدائه، وخواء أقوال (السواس) أي الساسة وعدم إدراكهم لآثار هذا العفو في فضح أعداء الحق وإنقاذ الخلق من ضلالاتهم؛ وهذا ما يشير إليه الأديب المسيحي الأستاذ خليل فرحات في المقطع الثالث من قصيدته تحت عنوان (أبرة الميزان) المستلهم من الحديث النبوي الشريف الذي يصف الوصي المرتضى – عليه السلام – بأنه قسيم الجنة والنار والحق والباطل، قال:
تجليت نهاجا تؤج نهوجه

كما أج في الأرياح مشتعل الجمر

تفرق عنك المبطلون فما رأوا

لبطلهم أزرا وأنت أبو الأزر

وطاب لمن شكوا نجاة يقينهم

كما نجت الورقاء من مخلب الصقر

وعز عليك الهاربون من العمى

إلى مشرق العرفان والفلك الإمر

وصارت رباع الهدي نشوي بركنها

كما تنتشي الأقدار في ليلة القدر

هيامى بك الدارات ما دست أرضها

ويعول حتى الرمل إن قمت بالهجر

لأجلك واكبت الحضارة شاعرا

وأنزلت أحمال البداوة عن ظهري

وأودعت وجدان الزمان قصيدتي

وما خفت يبريها فم الحر والقر

يقبل أعلااه عباقر أمتي

ويلثم أدناها قياصرة العصر

كأني على الدنيا لأنك ملهمي

أجر ذيول الفخر كالمارد النمر

رقيت ربى الناسوت ثم سبرته

وطوفت باللاهوت شبرا ورا شبر

لعلي أراك إنزحت قيد قلامة

لبيرز بعض الظن أو طيفه السري

فما كنت في الكنهين إلا هما معا

وما كنت إلا ذلك الباذخ المثري

وما كنت إلا السيد الضابط الدنى

عجيبا غريبا مفردا وبلا نظر


وفي هذه الأبيات نجد تأملات فلسفية دقيقة تشير إلى تجليات القيم اللاهوتية الإلهية في السيرة العلوية وتعامله مع الناس على أساس ما تقتضيه الأخلاق الإلهية من سابقية الرحمة على الغضب وهداية الخلق إلى خالقهم وربهم تبارك وتعالى رب العالمين.
وبهذه الإشارة ننهي أيها الأكارم حلقة اليوم من برنامجكم (مدائح الأنوار) خصصنا لبعض مقاطع قصيدة (في محراب علي) للأديب المسيحي اللبناني الأستاذ خليل فرحات، لكم دوماً من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران صادق التحيات وخالص الدعوات دمتم بكل خير وفي أمان الله.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة