البث المباشر

حديث الامام علي (ع): احذروا نفار النعم

الثلاثاء 5 نوفمبر 2019 - 14:51 بتوقيت طهران
حديث الامام علي (ع): احذروا نفار النعم

إذاعة طهران- نور وبلاغة: الحلقة 240

نص الحديث

قال الامام علي عليه السلام: "احذروا نفار النعم، فما كلّ شارد بمردود".

دلالة الحديث

الحديث المتقدم يجسّد صورة مزدوجة هي: الصورة الاستعارية، والصورة الرمزية، فضلاً عن صياغتهما عبر صورة ثالثة هي (الصورة الاستدلالية)، اذن نحن امام ثلاث صور في تركيب لفظي او جملة واحدة، وهذا ما يقتادنا الآن الى ملاحظة هذه الصورة البلاغية.
قلنا: الصورة المتقدمة هي مركبة من ثلاث صور: استعارة، رمز، استدلال، وقد نسأل عن تفصيل هذا الكلام، فنقول: اما انها استعارية فلأن الامام (ع) خلع على النعم طابع النفور، والنفور يتحقق في نطاق الأنعام غالباً كالناقة مثلاً حيث تهرب الى جهة مجهولة وتترك مكانها الذي تألفه من حيث الاستفادة منها، وهكذا سائر الحيوانات الاليفة.
واما كون الصورة رمزية فلأن النص يقرّر بان الشارد من الحيوان لا يقين برجوعه الى مكانه، فيكون مصطلح (الشارد) رمزا للنعمه التي هي: الصحة، او المال، أو الخ. واما كونها استدلالية فلأن نفس عبارة "ما كلّ شارد بمردود" تجسد مقولة حكمية ذات بعد استدلالي، اي: الاستدلال بما هو شارد، ونتيجته هي: غير مردود ثانية الى مكانه.
اذن: نحن الآن امام صورة فنية مركبّة من ثلاث صور بالنحو الذي اوضحناه. وهذا هو البعد البلاغي من الحديث واليك دلالته النورانية، فماذا نستلهم؟.

بلاغة الحديث

ان الله تعالى ينعم على الانسان بالصحة وبالمال مثلاً، فعلى الانسان ان يستثمر الصحة فيمارس عمله العبادي وهو قادر على انجازه، ولكن اذا فقد الصحة حينئذ سوف يفقد القدرة على أداء الواجب والمندوب.. الخ، كذلك المال مثلاً: على الانسان ان يستثمر ماله في الانفاق ومساعدة الاخرين، فاذا لم يقدّر هذه النعمة فستزول عنه ومن ثم سوف يخسر ثواباً عظيماً يتحسر على الفوات من ذلك. يضاف الى ما تقدم فان الخسارة للنعمة، تنسحب على دنيا الشخصية ايضاً وليس اخراها فحسب، فالمرض والفقر مثلاً يسببان للشخصية توتراً وقلقا وتمزقاً، فضلا عن امكانية صدور المعصية من الشخصية، في حالة جزعها من الفقر والمرض.
اذن: امكننا ان نتبين اهمية النعمة من جانب، وان نتبين جمالية وبلاغة الحديث المتقدم بالنحو الذي اوضحناه، سائلين الله تعالى ان يتفضل علينا بالنعم، وان نقدرها، وان نمارس الطاعة، انه سميع مجيب.

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة